لقد استولت الغفلة على هذا الإنسان فنسي من أوجده من العدم ومن أمده بما لا يعد ولا يحصى من النعم فتكبر وتجبر وطغى وأدبر وشرع لنفسه قوانين ما أنزل الله بها من سلطان وأعطى لشرع الله بالأدبار وقال مشكلة المرأة، أين تتجلى هذه المشكلة يا ثرى؟ هل في الأم الرؤوم التي تحمل ذلك القلب الكبير والذي يغمر حياة الإنسان، بل حياة المخلوقات جميعا بالدفء والعطف والرأفة والحنان , أم في البنت التي تعد ثمرة الفؤاد وريحانة الحياة التي تملأ البيت أنسا وجمالا في صغرها وتُعَدُّ الملاذ عند الكبر لوالديها فلا قلب أحنى من قلبها ولا أشد صبرا وتحملا عند الشدائد مثلها أم في الأخت الكريمة التي تعتز به ويعتز بها وتفخر به ويفخر بها، إذا زارها عدت ذلك فيضا من حنان الأمومة وعزا وعطفا من كرم الأبوة أم في الزوجة الحبيبة شريكة الحياة التي يسكن إليها وتسكن إليه يبث إليها همومه كما تبثها إليه، يحصنها وتحصنه، يحميها من نوائب الدهر وتحميه، يضحي من أجلها بكل غال ونفيس كما تضحي من أجله، يربط حياته بها وتربط حياتها به، هدفهما واحد وغايتهما واحدة أم في الخالة التي تعد مثيل الأم أم في العمة التي تعد مثيل الأب كل هذا الخير وكل هذا الفضل وكل هذه الرحمة وكل هذا الكرم جعلته البشرية التائهة مشكلة لا يا ناس ليست المرأة مشكلة وإنما المشكلة الخطيرة هي التيه والضياع لما تمردت البشرية على خالقها وضربت بشريعة ربها عرض الحائط ولا سيما في واقعنا البائس الذي تحكمت فيه قوى الشر و التي أبت إلا أن تتأله في الأرض وتشرع لخلق الله ما أرادت من وحي شيطانها وتفرضه فرضا على البشرية بالقوة والقهر ومن لم يستجب فله الحديد والنار وقنابل النابلم وسمتها بأسماء مختلفة ظاهرها الرحمة وباطنها السم الزعاف فاستجاب لها كل قلب مريض وكل شيطان مريد وكل منافق جاحد الذين يلتمسون المصالح الذاتية والغرائز البهيمية يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم يتلونون تلون الحرباء يخوضون ويلعبون يبيعون دينهم بدنيا غيرهم، فعمت الفوضى وانتشرت الأمراض الفتاكة من انحلال في الخلق وانحراف في السلوك وغش وزور وظلم واعتداء على الحرمات وانتشار للمجون والفجور والمخدرات نعم هذه القوى الغاشمة الضالة المضلة التي أغرقت البشرية في الشهوات وضللتها بالشبهات وانحدرت بها إلى مهاوي المستنقعات وجعلت للأم يوما في السنة وللفرس أسبوع فما أعظمه من تكريم سبع أمهات في فرس واحد وهنا يطرح سؤال كبير على العوانس المأجورات اللواتي يرفعن عقيرتهن بالبكاء والعويل من أجل الدفاع عن مكانة المرأة فهل أنتم أعلن بها من خالقها ؟ وهل أنتن أعرف بها من الذي لا ينطق عن الهوى ؟ حيث يقول ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ويقول أيضا لا يفرك مؤمن مؤمنة فإن كره منها خلقا رضى منها آخر وقوله استوصوا بالنساء خيرا نعم من هذه المبادئ السامية والفيوضات الربانية الغالية وهذه الروح الإنسانية الوثابة يمكن أن نتكلم على المرأة في ضوء الرسالة الإسلامية العالمية الخالدة مع الإشارة البسيطة كلما عنت لي المقارنة بينها وبين الجاهلية القديمة والحديثة بالرغم من أنه لا مجال للمقارنة المرأة بين جاهليتين إن المرأة في الجاهلية القديمة لا يختلف وضعها عن الجاهلية الحديثة إلا في الأسلوب والوسائل فكلاهما أهانت المرأة واحتقرتها حتى نزلت بها إلى الحضيض، وأصبحت تباع وتشترى كسقط المتاع لا قيمة لها يتصرف فيها الرجل تصرف المالك المطلق يبيعها متى شاء ويسجنها متى شاء ويمنعها من كل الحقوق الأساسية الفردية والعامة وهذا الأمر لا يقف عند أمة من الأمم فهذا سقراط من اليونان يقول إن المرأة منشأ ومصدر الأزمات والانهيار في العالم وإنها أشبه بشجرة مسمومة ظاهرها جميل ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت في الحال ويقول فيثاغورس إن هناك مبدأ الخير انبثق منه الرجل والنور والنظام ومبدأ الشر خلق منه الفوضى والظلمة والمرأة أما في الهند فمن تعاليمهم الدينية أن تعد المرأة بعلها في مرتبة الإله المعبود وهي في مرتبة العبد المطيع الخاضع لمعبوده الرجل الذي له الحق كل الحق في أن يقضي فيها بما شاء وإلى حدود القرن التاسع عشر وتقاليد الهند تحكم على المرأة إذا مات زوجها بأن تحرق نفسها معه وهي حية ترزق وإذا خالفت العادات والتقاليد بقيت منبوذة لا قيمة لها في المجتمع أما الصينيون فكانوا يعتبرون المرأة من سقط المتاع تباع وتشترى ولا يجوز لها أن تأمر أو تنهي وتحبس في البيت ويوضع في رجلها مقامع من حديد حتى نهاية مرحلة نموها لتبقى رجلها صغيرة كما يشتهي الرجل، وللرجل الحق في أن يغرقها في مجاري المياه إذا كان لا يرغب فيها أو يقدمها طعاما للخنازير أما في فارس فكانوا يبيحون الزواج بالمحارم وتعتبر البنت الصغيرة من سقط المتاع يفعل بها الرجل ما يحلو له وهي نجسة نجاسة مطلقة أيام الحيض والنفاس وإن مسها رجل ولو طبيبا وجب عليه الاغتسال وتغيير ملابسه قبل أن يكلم أو يصافح أحدا أما اليهود فكانوا يعتبرون المرأة نجسة في حالة الحيض والنفاس وإذا مس دمُها شيئًا وجب قطعه أو للأب أيضا حق التصرف في بنته الصغيرة بالبيع والشراء أما المسيحيون فكانوا يعتبرون المرأة مخلوقا لا روح لها وإلى حدود 536 ميلادية والصراع قائم حولها وبعد نقاش طويل قرروا أنها ذات روح لكنها خلقت لخدمة الرجل أما فرنسا أم الحريات وإلى حدود 1983 فكانت تعتبر المرأة من القاصرين كالصبي والمجنون الذي لا يصح تصرفه إلا بإذن الولي الذكر أبا أو زوجا أما العرب فكانوا لا يختلفون عن غيرهم فالمرأة تعد من سقط المتاع وكانوا يئدونها وهي حية , فنعى عليهم القرآن الكريم هذا التصرف المشين قال تعالى وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسوه في التراب ألا ساء ما يحكمون ويقول أيضا عز وجل وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلتالتكوير هذه النظرة الدنية للمرأة في الجاهلية لا زالت منتشرة في العالم وفي الأيام الأخيرة سمعنا في الإعلام أن هناك مناطق في الهند لا زالوا لحد الآن يئدون البنات كما أن الوأد منتشر في العالم بطرق شتى كالإجهاض وقتل الأولاد بمجرد الولادة أو رميهم في قمم الأزبال نظرة الإسلام إلى المرأة إن الإسلام ينظر إلى المرأة نظرة التكريم والاحترام لا فرق بينها وبين الرجل في الأمور الأساسية المتجلية في كرم الإنسانية إن المرأة مكرمة لا فرق بينها وبين الرجل فهما من نفس واحدة لخالق واحد سبحانه قال تعالى يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدةالنساء ميزان التقرب إلـــى الله سبحانه وتعالى يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم لا فرق بين خلق الله لا في ألذ كورية ولا في اللون ولا في الجنس ولا بل ميزان التقوى مشاع بين الناس جميعا، فالمرأة الواحدة التقية أفضل من ملء الأرض من الرجال الفجار فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح في مناط التكليف بالعبودية لله تعالى فالرجل عبد والمرأة أَمَة وكل منهما مطالب بتكاليف العبادة التي لم يخلقوا إلا من أجلها يقول تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فلا تغني عنه في هذا المجال ولا يغنى عنها , قال تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقول جلا وعلى أيضا من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد أي الكل عبد، المرأة والرجل لا تفاضل بينهما بل كل منهما مطالب بتطبيق شرع الله كما أراد الله في مناط الجزاء على الأعمال الرجل مسؤول على عمله والمرأة مسؤولة على عملها فلا يتحمل أحدهما وزر الآخر يقول تعالى ولا تزروا وازرة وزر أخرى ويقول أيضا كل نفس بما كسبت رهينة ويقول أيضا وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبؤكم بما كنتم تعملون التوبة ويقول أيضا من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون فالخطاب في هذا وغيره الكثير الكثير للرجل والمرأة معا فكما هو مطالب باتباع الأوامر واجتناب النواهي فهي أيضا مطالبة بذلك في تكاليف الدعوة إلى الله كل المسلم والمسلمة مطالبون بحمل رسالة الدعوة إلى الله كل حسب قدرته ومكانته العلمية لأن الرسول الحبيب مأمور بالدعوة إلى الله أصلا وأساسا وأمته مطالبة بذلك تبعا الذكر منها والأنثى يقول تعالى قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنييوسف فكل من تبعه مطالب بالإقتداء به والسير على هديه ونشر دعوته رجل أو امرأة ليحصلوا على تلك الخيرة التي يقول فيها تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللهآل عمران لكن هذه الخيرة لا تتم إلا بالقيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكلف بها المرأة والرجل في قوله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وغير هذا الكثير الكثير فالقرآن يخاطب الذكر والأنثى في كل مجال وإن جاء الخطاب بالتذكير فهو للتغليب فقط فالنداء ب يايها الذين آمنوالا يخص الذكور دون الإناث بل الخطاب عام لهما في مناط المسؤولية يوم القيامة فالكل يقف أمام رب العزة يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما لا فرق بين رجل وامرأة كل يسأل عما قدم وأخر كل يقول نفسي نفسي والمولى يقولولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ويقول أيضا اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب هكذا الخطاب لكل نفس لا فرق بين الرجل والمرأة بل يقول تعالى وكل إنسا ن ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وهكذا فإن المساواة بين الرجل والمرأة مجالها فسيح لا يكفيه مجلد ولا مجلدات ولكن هناك بعض الفروق الفطرية التي لابد منها كالحمل والولادة والرضاعة والعاطفة الجياشة التي تلائم تربية النسل البشرى والقيام بشؤون المملكة الأسرية فهذه المهمات إذا خرجت عن مكانها الصحيح بفعل الجاهلية والتشريعات البشرية الناقصة فان جوابها يكون في الحال جزاء تصادم ذلك مع الفطرة وما وصلت إليه البشرية من انحدار في ا لسلوك وانحلال في الأخلاق إلا بتحريف الفطرة عن مسارها التي خلقها الله من أجلها خرجت المرأة للعمل ومنه إلى التسكع في الطرقات ثم إلى الحانات ودور الملاهي وأماكن الدعارة ثم انتهت إلى الشذوذ الجنسي والمطالبة بالخروج عن مجال الزوجية إلى النوع الذي يكتفي فيه الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ولا ندري ماذا سيأتي به الغد إن لم يتداركنا الله برحمته ويحررنا من مجانين الأرض وسفهاء الخلق نعم لقد هجم الأعداء بجميع مخططاتهم ومؤامراتهم على الإسلام في عقر داره واتهموه بما ليس فيه ورفعوا راية قضايا لا يفهمون حكمتها ولا كنهها ولا مراميها واتخذوها حجة على الإسلام وعلى رأسها قضية المرأة التي يتباكون عليها ويتوهمون ويوهمون الغير بأن الإسلام ظلم المرأة في الإرث وفي الشهادة وفي اللباس وفي تعدد الزوجات وفي جعل الطلاق بيد الرجل والولاية عند الزواج في يد الولى وغير ذلك من الشبهات التي يطرحونها بحقد قصد التأثير في البسطاء أو في أصحاب القلوب المريضة الذين يتبعون كل ناعق ويسيرون وراء كل ناهق يجمعهم الحقد الأسود على هذا الدين وأهله