الـمرأة شريكة الرجل في الدعوة إلى ا لله


الدعوة إلى الله تعالى من الفرائض التي أمر الله بها عباده ذكورا وإناثا قال تعالى : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}(آل عمران : 104) يفهم من هذه الآية أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية، أي إذا قام به البعض سقط عن الباقي. لكن الله عز وجل يعمم هذا الفرض على المؤمنين جميعا بقوله : {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله}(التوبة : 71) والآية صريحة في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب من الذكور والإناث.

وقال تعالى : {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(النحل : 125) فالأمر هنا بالدعوة إلى الله لسيدنا محمد  وكل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة كل حسب علمه وطاقته. قال  : >بلغوا عني ولو آية<.

وقال تعالى : {والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}(سورة العصر) والمقصود بالانسان هنا الذكر والأنثى لأن كل منهما إنسان، وكلاهما في خسر إلا من آمن بالله  وبرسوله وعمل صالحا وتواصى بالحق وبالصبر. والتواصي بالحق هو الدعوة إلى امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.

وقال تعالى : {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا}(فصلت ؛ 32) و”من” تشمل الذكر والأنثى. ولهذا فالدعوة إلى الله فرض على الذكر والأنثى كل حسب طاقته. قال  : >من رأى  منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان<(رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري ]).

وإذا وعد الله المؤمنين والمؤمنات القائمين بواجب الدعوة إلى الله بالرحمة وهي رعايته وتوفيقه لهم في الآية 71 من سورة التوبة. فإنه سبحانه يهدد تاركي هذا الواجب باللعنة، وهي الطرد والإبعاد عن رحمة الله والحرمان من توفيقه ورعايته قال عز من قائل : {لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}(المائدة : 78، 79).

ويقول سيد قطب في تعليقه على الآية 35 من سورة الأحزاب : {إن المسلمين والمسلمات} وتذكر المرأة من الآية بجانب الرجل كطرف من عمل الاسلام في رفع قيمة المرأة وترقية النظر إليها في المجتمع، وإعطائها مكانها إلى جانب الرجل فيما هما فيه سواء من العلاقة بالله ومن تكاليف هذه العقيدة في التطهر والعبادة والسلوك القويم في الحياة”(1)

ويقول عفيف عبد الفتاح طبارة في قوله تعالى : {والمؤمنون والمؤمنات} الآية 71 من سورة التوبة ففي هذه الآية إثبات ولاية المؤمنين والمؤمنات بعضهم لبعض، والولاية عبارة عن تعاونهم وتناصرهم لما فيه خيرهم كما أن الآية أثبتت للمرأة حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بالأعمال الصالحة وهذا برهان واضح في إعطاء المرأة حقها من النشاط الاجتماعي (2).

ويقول عصام العبد الله في كتابه “رسالة المرأة  المؤمنة” : يقول أحدهم : إن نهضتنا عرجاء لأنها تقوم على جانب، جانب الرجل فقط… أما أنا ـ أي عصام العبد الله، فأقول : أين الجانب الآخر. لماذا تخلى عن مهمته؟ إنك أيتها المرأة ذات قيمة كبرى، بل أنت الأساس الأول لبناء المجتمع، بل أنت الجدار في هذا البناء : ولا يقوم بدون ساعديك، هذا ما نقوله على لسان الاسلام.

ويضيف : فأنت أنت يا أختاه تستطيعين أن تنشئي جيلا صالحا… يعيد مجد أمتنا وسيادتها ويحطم أغلال العبودية والظلم”.

والدعوة إلى الله أحوج ما تكون إلى النساء، فهن أرق عاطفة، وأكثر اندفاعا وأسمح نفسا، وأطيب قلبا، والمرأة إذا آمنت بشيء،لم تبال في نشده والدعوة إليه بكل صعوبة، وعملت على إقناع زوجها به، ولجهاد المرأة في سبيل الاسلام في عهد الرسول[ صفحات بيضاء تؤكد لنا اليوم أن الفساد سيظل منتشرا مالم توجد واعيات ينشئن جيلا من الفتيات على الايمان والخلق والعفة والطهارة. وأنتن يا أخواتي أقدر على نشر هذه القيم التي يحتاج إليها مجتمعنا اليوم في أوساط النساء من الرجال، كما أن الواحدة منكن ستكون زوجة وأما وأختا.

وأن الفضل الكبير في تربية صغار الصحابة ثم التابعين من بعدهم يعود إلى نساء الاسلام أنشأن هذه الأجيال على أخلاق الاسلام وآدابه والتفاني في حب الاسلام ورسوله فكانت أكرم الأجيال التي عرفها التاريخ في علو الهمة واستقامة السيرة وصلاح الدين والدنيا.

فعلينا إذا أن ندرك هذه الحقيقة، فنعمل على أن تحمل الفتيات منا والزوجات لواء دعوة الإصلاح والسعادة والاطمئنان في أوساط النساء(3).

………………………………..

1- في ظلال القرآن ج 5، ص 2863.

2- روح الدين الإسلامي ص 347.

3- رسالة المرأة المؤمنة لعصام العبد الله ص 120 إلى 122.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>