ارتفاع عدد المدخنات بالثانويات البيضاوية


الإحصائيات تشير إلى أن 6 تلميذات من أصل 10 يدخن وبشكل اعتيادي!!

دون شك تبقى الفئة الشابة هي عصب الحياة داخل أي مجتمع بشري، ونواة كل تقدم بل رصيدا بشريا من اليد العاملة القادرة على النهوض بالمجتمع والدفع به إلى الرقي والالتحاق بمصاف الدول المتقدمة. لكن الملاحظ أن الكثافة السكانية بالمغرب والتي تسيطر عليها الفئة الشابة تعاني جملة من المشاكل داخل المنظومة المجتمعية خاصة مشكل التأثر بالغرب، وهي الفئة المفروض فيها أن تكون مصدرا لرقي الأمة وحجر الأساس الذي يسندها لمواجهة التحديات العالمية والثورة المعلوماتية، لكن هذه الفئة خرجت عن المألوف وأصبحت تتعاطى لمجموعة من الممارسات والأفعال غير الاعتيادية والغريبة في الوقت نفسه من قبيل استهلاك المخدرات بجميع أنواعها والتدخين الذي انتشر بشكل خطير بين الذكور وحتى الفتيات وما يزيد الطين بلة أن عادة التدخين بدأت اليوم تستفحل بشكل واسع بين الفتيات خاصة في الثانويات وبعض الاعداديات المغربية وعلى  وجه التحديد داخل مدينة الدار البيضاء الكبرى، إذ أصبحنا نرى تلميذات في مقتبل العمر يتعاطين للتدخين وبكثافة وبشكل علني وواضح للعيان، حتى أصبحت ظاهرة مألوفة ولعل ما صادفناه قرب ثانوية شوقي المخصصة للبنات والمتواجدة بشارع الزرقطوني وثانوية الإمام مالك بحي بلفدير وبعض الثانويات والإعداديات الأخرى لخير دليل.

فعدد المدخنات داخل هذه الثانويات أصبح لا يعد ولا يحصى خلال السنوات القليلة الماضية وبات صورة قاتمة داخل هذه المؤسسات التعليمية حيث تكاد تجد 6 من أصل 10 بنات يدخن وأصبح حمل السيجارة شيئا عاديا أما الاستثناء فهو العكس غير أن الشيء الذي يؤسف له هو أن معظم الوجوه النسائية التي تتعاطى التدخين لا تعرف مساوئه وهو ما دفعنا وبشغف شديد إلى الاقتراب أكثر من هاته الفتيات لمعرفة الأسباب والدوافع التي جعلت كل واحدة منهن تحمل السيجارة وتدخن ولنعيش مع كل واحدة فصول حكايتها مع التدخين.

سمية 17 سنة : السنة الثالثة من التعليم الثانوي، فتاة جميلة ورشيقة تتذكر حينما طرحنا عليها السؤال. لماذا تدخنين؟

- لا أدري ولكني أعتبر التدخين شيئا عاديا وقد بدأته منذ الدراسة الإعدادية حيث كنت أدخن مع زملائي في الشارع والمقهى المجاور للإعدادية …وما زلت لحد اليوم أدخن.

وبتهكم تقول ميريم 16 سنة : سنة ثانية من التعليم الثانوي : “أعرف جيدا أن التدخين شيء غير لائق بالفتاة ومضر بالصحة، ولكن ما العمل إنه وسيلتي الوحيدة لأحس بالبهجة ونسيان مشاكل ومشاجرات أبي وأمي الدائمة”.

أما جوهرة صديقة ميريم ونفس المستوى الدراسي فتتحدث بابتسامة عريضة رسمت على محياها ذي الملامح الصغيرة : “يا عزيزتي، التدخين برسيتج بيننا نحن الفتيات، وإذا لم تدخني عند الجلوس في إحدى المقاهي ومع الشباب يعتبرونك معقدة وغير متحضرة. ورغم ذلك فإنني أدخن دون علم والدي، صحيح ماداما يوفران لي كل شيء ويعطيانني المال الكافي فلماذا أخبرهما بما أفعله؟”.

وبزيارة بسيطة لأحدى الثانويات الخاصة وسط العاصمة الاقتصادية للمملكة، وضعنا يدنا على جرح آخر دفين حيث صدمنا المسؤولون داخل هذه الثانوية بواقع يؤكد ارتفاع عدد الطالبات المدخنات بشكل صاروخي كل سنة دراسية جديدة حيث أصبحوا يحسون بالخجل من جراء ذلك فالدخان ورائحته تحيط بكل جوانب المؤسسة خاصة أماكن الاستراحة والمراحيض الخاصة بالفتيات بالإضافة إلى سماع عبارات رقيقة من قبيل “أعطيني نكمي أفلانة…” وهو ما جعل هاته الفتيات يلاقين في الوقت نفسه معاملة غير لائقة من الأساتذة وباقي الطلبة وحتى الآباء في بعض الأحيان بحيث يُنْظَرُ إليهن بنظرة احتقارية وببعض من التهكم والسخرية وينعتن بجملة من النعوت من قبيل “بنات الشارع ـ المنحلات…”

>نتلقى معاملة عادية في كثير من الأحيان باستثناء بعض الأساتذة المعقدين الذين يرفضون حتى الكلام معنا، والدي متفهم ويعلم بكل شيء أقوم به، ويقول لي : أنت حرة إفعلي ما شئت ولكن انتبهي فقط لنفسك ودراستك، أما أستاذي فلا دخل له<، هكذا تقول أسماء وهي تلميذة بالسنة الأولى ثانوي.

وحول العلم بأضرار التدخين، نجد أن معظم المدخنات يجهلن أضرار السجائر على صحتهن، لكن واحدة منهن لها رأي آخر : “أنا لا أدخن الأنواع الرخيصة من السجائر، وهذا ما يجعلني مرتاحة على  صحتي”، لكن بسؤالنا للدكتور الموساوي وهو طبيب نفساني بمستشفى ابن رشد، أكد لنا أنه وحسب التقارير الطبية والمختبراتية فقد أفادت أن نسبة النيكوتين في الدم حتى ولو كانت قليلة تؤثر بصفة مباشرة على صحة الفتاة قبل الزواج وحتى بعده خاصة إذا ما استمرت البنت في التدخين لفترة طويلة وفي سن مبكرة، ناهيك عن الأمراض العويصة التي تنخر جسد البنت مثل سرطان الرحم وتصلب الشرايين التاجية والتعرض بشكل أكثر لحدوث سن اليأس المبكر، وأمراض أخرى مثل زيادة ضغط الدم وضربات القلب وانقباض عضلة القلب والموت المفاجئ وتشير الإحصائيات  إلى أن ظاهرة التدخين وسط  تلميذات الثانويات البيضاوية خاصة تلك الموجودة بالأحياء الراقية والميسورة ارتفعت وبشكل كبير، لكن الأوساط الشعبية فالنسبة قليلة لكنها تتنامى بشكل تدريجي.

إن هذه النتائج تثير الرعب وتدفعنا إلى طرح جملة من الأسئلة من قبيل، أين هو دور التربية والتوعية داخل المؤسسات التعليمية؟ وأين هو دور الآباء والأساتذة؟

وإذا كان التدخين أمرا محبذا للبعض فإن الأغلبية متذمرة وتراها وضعية مستفزة خاصة في أيامنا هذه التي نحث فيها الذكور على التخلي عن التدخين بينما تبتلى به الفتيات دون رادع أو ناه، خاصة بالمؤسسات التعليمية حتى أصبحت وضعية تثير القلق بين الآباء والمسؤولين والأساتذة وتتطلب تظافر كل الجهود لإيجاد حلول فورية وسريعة للحد منها.

> جريدة الصحراء المغربية عدد 5509

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>