المجتمع المدني أم مجتمع العمران الأخوي


إن فعاليات الحركات الإسلامية ببلادنا يخشون أن يصبح مفهوم المجتمع المدني مقدساً، لاسيما وأنهم لاحظوا أن البعض يعض عليه بالنواجد دون تمحيص عميق لمحتواه وفحواه ومضامينه، ودون سبر أغوار كنهه ومكوّناته. وهذا، حسبهم، من شأنه أن يُوقع المرء في أخطاء.

فمن المعلوم والمعروف لدى العام والخاص أن مكوّنات المجتمع المدني يجمعها اتفاق على الدفاع عن بعض المكتسبات والمتطلبات الاجتماعية والسياسية والثقافية والمنفعية في إطار روابط الوطن. فالمجتمع المدني بالمفهوم الغربي يحكمه وجود جغرافي، ولا يُسأل عن المبادئ الأخلاقية والخلقية ولا عن العقيدة ولا عن الدين، كما أنّه لايلقي بالاً للمروءة والأخلاق، ولكن يسأل ويجيب فقط على مصالح فئات وعلى مطالب سياسية واجتماعية وبذلك يمكن أن يُشتم منه رائحة الانفصال عن الدين، وبالتالي عن الاسلام.

فلا يخفى على أحد أن منشأ المجتمع المدني هو منشأ غربي، غريب عن واقعنا وعن مسار تطورنا الطبيعي وعن خلفياتنا التاريخية والعقائدية -لذا ألا يمكن التفكير في بلورة مفهوم أكثر اقتراباً لهويتناو لواقعنا ولمسار تطورنا التاريخي ولخصوصية مجتمعنا الذي يُراد أن يكون مجتمعاً إسلامياً. وفي هذا الاطار اقترحت بعض فعاليات الحركات الإسلامية ببلادنا مفهوماً يتوافق والمبادئ الاسلامية وتقاليد المجتمع المغربي وهو مفهوم مجتمع العمران الأخوي. إنه مجتمع عُمران لأن الإنسان يجب أن يعتبر نفسه في هذه الحياة الدنيا أنّه يُعمرها ولكن ليس خالداً بها. إنه تاركها حتماً، وبالتالي عليه تعميرها ليس من أجل العمران فحسب وإنّما من أجل هدف أسمى وهو الآخرة.

وهو مجتمع أُخوي، لأن المنظور الاسلامي للحياة المجتمعية ليس نظرة صراعية، وهي النظرة التي يتأسس عليها المجتمع المدني وتجعل المنافسة غير الشريفة تارة تطفو وبالتالي ظهور علاقات يحكمها الحقد والكراهية.

فإذا كان السكان ينتمون لنفس الوطن ونفس الدين (الاسلام) فهذا يحتّم عليهم بناء مجتمع أخوي يسود فيه الإخاء والتعاون وتقديم الاصلح على الفاسد.

إدريس ولد القابلة

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>