بنبض القلب – الكلمة الطيبة أبلغ مرادا من استلال السيوف


نعود إلى مجتمعنا بعد عطلة قصيرة، استجمعنا خلالها قوتنا وعزيمتنا على مواصلة رسالتنا وإرساء ثقافة مواطنة تروم البناء، وتنشر قيم المحبة والرحمة والفضيلة، ثقافة محاورة تقارع الحجة بالحجة، والفكرة بالفكرة… نعود وقد علمنا أن سعة الصدر وتقبل الآخر، وعدم انتهاج أسلوب الغلظة والفظاظة هو من روح ديننا الحنيف. ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.

يحكى أن معاوية بن أبي سفيان  حينما استتب له الأمر وأصبح خليفة على المسلمين، ظلت إحدى القبائل المجاورة له خارجة عن طاعته، وظلت تناوش وتستفز، وكان بإمكانه أن يخضعها بالقوة، غير أن حكمته منعت من ذلك، ومرة دخلت عير له أرض هذه القبيلة فقام زعيمها بذبحها وإطعامها لأهله، ولم يكتف بذلك بل دخل على معاوية وهو في حاشيته ومع ابنه اليزيد، وخاطبه بفظاظة: يا معاوية، إني لا أسمح لأمثالك أن تطأ إبلهم أرضي، أما وقد دخلت وقد ذبحتها وأطعمتها أهلي فانظر ماذا ترى؟؟..

فابتسم معاوية وقال للرجل الغاضب:

- على رسلك يا أخ الإسلام، إن هذه الإبل أرسلتها لك عربونا على المحبة، فاقبلها مني هدية لك ولأهلك…

فلم يعجب هذا الكلام اليزيد بن معاوية فاستشاط غضبا وقال:

- يا أمير المؤمنين دعني أضرب عنقه.

فقال له معاوية :

- ويحك إن الكلمة الطيبة أبلغ مرادا من استلال السيوف…

وما كان من زعيم تلك القبيلة إلا أن وضع يده في يد معاوية مبايعا له ومنهيا لحالة الخروج عن الطاعة…

إن سعة الصدر في الثقافة هي أبلغ من سعة الصدر في السياسة؛ لأن السياسة تنتهي بانتهاء الدول، بينما الثقافة تظل تحفر في وجدان الإنسانية جيلا بعد جيل، والأعمال الخالدة تبقى نبراسا ينير لنا الطريق كلما حادت البشرية عن الصواب، كما يمكن للثقافة أن تصلح ما أفسدته السياسة، فيا أيها المبدعون قاتلوا الناس بالمحبة ونشر قيم السلام.

ذ: أحمد الأشهب 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>