وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» متفق عليه.
قوله أي الإسلام خير؟ أي أي خصاله وأخلاقه خير، فذكر الإطعام وإفشاء السلام، قال الكرماني رحمه الله تعالى: إذ الإطعام مستلزم لسلامة اليد، والسلام لسلامة اللسان.
قال العلماء: وخصص هاتين الخصلتين لمسيس الحاجة إليهما في ذلك الوقت، لما كانوا فيه من الجهد، ولمصلحة التأليف.
قال الأبي رحمه الله تعالى: ومعنى السلام عليكم إما الدعاء بالسلامة على المسلم عليه سلمك الله من الآفات دنيا وأخرى، وإما الخبر أي سلمت مني فإني مسالم لك لا محارب، وإنما كان معنى على الأمان لأن العادة بين المتحاربين لا يسلم بعضهم على بعض، وعلى هذا لا ينبغي للمسلم أن يتعرض لأذية من سلم عليه حاضرا ولا غائبا، لأنه مناقض لما أعطاه وأخبر به من الأمان.
قوله «على من عرفت ومن لم تعرف» قال ابن بطال رحمه الله تعالى: وهذا حض على مكارم الأخلاق، واستئناف النفوس.
قال عياض رحمه الله تعالي: والألفة إحدى فرائض الدين وأركان الشريعة، وفيه بذل السلام لمن عرفت ولمن لم تعرف، واستعمال التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة.
وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام قال: سمعت رسول الله يقول: «ياأيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
عبد الله بن سلام أحد علماء بني إسرائيل قال: لما قدم رسول الله المدينة انجفل الناس إليه، أي أسرعوا إليه، وقيل قدم رسول الله فجئت في الناس لأنظر إليه فلما استبنت وجه رسول الله عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء تكلم به أن قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام… وذكر الحديث».
قوله: «أفشوا السلام» أمر بإظهاره وإعلانه لأنه شعار المسلمين. وقد بين أن دخول الجنة له أسباب منها إفشاء السلام الذي يحصل به الوئام، ويكون علامة على صحة الإيمان، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟. أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم.
قال الأبي رحمه الله تعالى: ” السلام” مفتاح جلب المودة وإفشاؤه تمكين الألفة، ودليل التواضع وخلاف ما أنذر به من أنه يكون آخر الزمان معرفة. أي لا يسلم إلا على من يعرف.
ذ. عبد الحميد صدوق