مواقف وأحوال – أحوال مؤثرة لأبناء بررة(1)


أوصى الله تعالى في كتابه بالوالدين إحسانا، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم

بذلك تأكيدا وبيانا، ومن نظر في الشريعة علم أنها فرضت برهما وإكرامهما والقيام بشؤونهما، وبينت الأدب الذي يجب أن تكون به معاملتهما، وألزمت العباد حسن معاشرتهما، بيد أن واقع الناس اليوم في باب البرور بئيس، وكثير من الناس ركبوا مراكب العقوق، فلنذكر أولا بنصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

، ثم نذكر بعدها أحوال أبناء عرفوا ما فرض الله عليهم من البر والإحسان، فكانوا أهلا للنظر في سيرهم، واقتفاء أثرهم.

قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَاأُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}(الإسراء : 23- 24).

وقال جل شأنه {وَوَصَّيْنَا الانْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشكرْ لِي وَلِوالِدَيْك إِلَي الْمَصِيرُ، وإِن جاهداك عَلَى أَنْ تشرك بِي ما ليْس لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}(لقمان : 13- 14).

وقال سبحانه : {ووصيْنا الانسان بِوَالِديْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي ما ليس لك بِه عِلمٌ فَلا تُطِعْهُمَا، إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(العنكبوت : 7).

وقال عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الاِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كرْهًا وَوَضَعَتْهُ كرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}(الأحقاف : 14).

وفي البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم

سئل: أي العمل أفضل فقال: الصلاة على وقتها، قيل ثم ما ذا؟ قال بر الوالدين(1).،

وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه

قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال “أمك” قال ثم من؟ قال “ثم أمك” قال ثم من؟ قال “ثم أمك” قال ثم من؟ قال “ثم أبوك”(2).

والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة، وإنما القصد التذكير.

وأما حكايات الصالحين فمنها:

أولا: أبو هريرة رضي الله عنه:

عن أبي هريرة أنه كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه، فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته. فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً. فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً، وإذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك(3).

وعن أبي أمامة أن أبا هريرة رضي الله عنه

كان يلي حمل أمه إلى المرفق وينزلها عنه، وكانت مكفوفة(4).

ثانيا : ابن مسعود رضي الله عنه:

وعن أنس بن النضر الأشجعي: استقت أم ابن مسعود ماء في بعض الليالي، فذهب فجاءها بشربة، فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت بالشربة عند رأسها حتى أصبح(5).

ذ. امحمد العمراوي

من علماء القرويين

amraui@yahoo.fr

———-

1- رواه البخاري ومسلم.

2- رواه مسلم.

3- بر الوالدين لابن الجوزي 1/6.

4- بر الوالدين لابن الجوزي 1/6.

5- بر الوالدين لابن الجوزي 1/6.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>