آيبون… تائبون!32- لن أكون مفلسة


“إني أستمتع بتعذيبها.. أعاملها كآلة.. أثقل كاهلها بأشغال لا تنتهي.. لا يعجبني منها العجب العجاب.. دائما أنتقدها نقدا جارحا.. وكلما تفانت في إرضائي، عبرت لها عن سخطي…”

ردت صديقتها ببرودة: “كم هي محظوظة خادمتك.. إنك تهدينها حسناتك، وتأخذين سيئاتها.. العيب فيك أنت”..

اشتاطت غضبا.. كيف تتحيز صديقتي للخادمة؟ تابعت صديقتها حديثها: “ألم تقرئي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يعامل خادمه؟ ألم تقرئي حديث : من هو المفلس..؟ اتقي الله في نفسك.. غضبت وأقسمت أن تقاطع صديقتها.. لكن الله عز وجل أبى إلا أن يبعث لها رسالة تذكرها : كانت أمام التلفاز تتنقل بين قنوات فضائية.. فجأة، شدها عمل درامي عن خامس الخلفاء الراشدين.. كان الممثل -الذي تقمص الشخصية- يقوم بأعماله بنفسه، ولم يوقظ خادمه.. تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم.. ومضى الممثل يتحدث عن معاملة سيد الخلق، عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام، للخدم…

استرجعت كلام صديقتها.. أفاقت من غيها.. بكت على نفسها.. خادمات كثيرات لا تتذكر عددهن ولا أسماءهن.. غادرنها لسوء معاملتها..

ربتت على مساعدتها.. احتضنتها معتذرة لها.. سجلتها في محو الأمية، وفي الضمان الاجتماعي.. وأصبحت تعاملها معاملة حسنة… وشكرت صديقتها التي تذكرها دائما بمرضاة الله عز وجل… فشعرت بصفاء داخلي، وبسعادة عميقة.. لكنها بدأت منافسة قوية مع خادمتها تلك.. فلحقت بها إلى دار القرآن، لتتعلم كتاب الله حفظا وتجويدا.. وبعد أن كان صدى صراخها فيها يتردد في بيتها.. أصبحتا معا تتغنيان بالقرآن…!!

 ذة. نبيلة  عـزوزي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>