نافذة على التراث – مولد النبي  صلى الله عليه وسلم..


<<< مولد النبي  صلى الله عليه وسلم

قالوا: وُلد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل لاثنتي عشرةَ ليلةً خلت من ربيع الأول.

وأوحى الله إليه وهو ابن أربعين عاماً. وهاجر إلى المدينة يومَ الاثنين لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول. ومات يومَ الاثنين لثلاثَ عشرةَ خلت من ربيع الأول، اليوم والشهر الذي هاجر فيه  صلى الله عليه وسلم.

جعلنا اللّه ممن يرد حوضَه، وينال مُرافقته في أعلى عِليين من درجات الفِرْدوس، وأسأل اللّهَ الذي جعلنا من أمته ولم نَره أن يتوفّانا على مِلّته، ولا يَحْرمنا رُؤْيته في الدُّنيا والآخرة.

> العقد الفريد  لابن عبد ربه

<<< عبد المطلب ومولد الرسول صلى الله عليه وسلم

لما ولدت آمنة بنت وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت إلى عبد المطلب فجاءه البشير وهو جالس في الحجر معه وُلده ورجال من قومه،فأخبره أن آمنة ولدت غلاما، فسُرّ بذلك عبد المطلب، وقام هو ومن كان معه، فدخل عليها، فأخبرته بكل ما رأت، وما قيل لها، وما أمرت به، قال: فأخذه عبد المطلب، فأدخله الكعبة، وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه، قال: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي، قال: وأُخبرت أن عبد المطلب قال يومئذ :

الحمد لله الذي أعـطـانـي

هذا الغلام الطـيب الأردان

قد ساد في المهد على الغلمان

أعيذه بالـلـه ذي الأركـان

حتى أراه بالـغ الـبـنـيان

أعيذه من شر ذي شـنـآن

من حاسد مضطرب العنان

> الطبقات الكبرى  ابن سعد

<<< باب أدب النبي   صلى الله عليه وسلم  لأمته

قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أدّب به أمته وحَضها عليه من مَكارم الأخْلاق وجَمِيل المعاشرة وإصلاح ذاتِ البَينْ وصِلَة الأرحام: أوْصاني ربيِّ بتِسْع، وأنا أوصيكم بها: أوصاني بالإخلاص في السر والعَلانية، والعَدْل في الرِّضا والغَضب، والقَصْد في الغِنَى والفَقْر، وأن أعْفُو عمن ظَلَمني، وأعْطي مَن حَرَمني، وأصِل مَن قَطعني، وأن يكون صَمتي فِكْراً، ونُطْقي ذِكْراً، ونَظَري عبَرا.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: نَهيتُكم عن قِيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تقْعدوا على ظُهور الطُّرق، فإن أَبَيْتم فغُضُوا الأبصار، وأفشُوا السلام، واهدوا الضالَّ، وأعينوا الضعِيف.

وقال صلى الله عليه وسلم: أَوْكُوا السِّقاء، واكْفَئُوإ الإناء، وأَغْلِقوا الأبواب، وأطفِئوا المِصْباح، فإن الشيطان لا يَفْتح غَلَقا، ولا يحل وِكاءً، ولا يَكْشف الإناء.

وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنَبئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهّ، قال: من أكل وَحْدَه، ومَنَع رِفْده، وجَلَد عبدَه. ثم قال: ألا أُنبئكم بشِرّ من ذلك؟ قالوا. بلى يا رسول اللّه، قال: “من لا يُقيل عزة ولا يقبل مَعْذرة”. ثم قال؛ أَلاَ أنبئكم بشرّ من ذلك؟ قالوا بلى يا رسول الله”. قال: مَن يُبغض الناسَ ويُبْغِضونه.

وقال: حَصِّنوا أموالَكم بالزّكاة، وداوُوا مَرْضاكم بالصدَقة، واستَقْبِلوا البَلاء بالدُّعاء وقال: ما قَلّ وكَفي خير مما كثر وألْهى.

وقال المسْلِمون تَتكافأ دِماؤُهم، ويَسْعَى بذمَّتهم أدْناهم، وهُمْ يَدٌ على مَن سواهم.

وقال: اليَدُ العُلْيا خيرٌ من اليد السُّفْلى.

وقال “: وابْدَأ بمن تَعول.

وقال: لا تَجْن يَمينُك على شِمالك، ولا يلدغ المُؤمن من جحر مرتين.

وقال: المَرْء كثِيرٌ بأخيه.

وقال: افصِلُوا بين حَدِيثكم بالاستغفار، واسْتَعينوا على قضاء حَوائجكم بالكِتمان.

وقال: أَفضل الأصحاب من إذا ذَكَرْت أعانك، وإذا نَسيت ذَكرَّك.

وقال صلى الله عليه وسلم: يقول ابن آدم مالي مالي، وإنما له من ماله ما أَكل فأفْنى، أو لَبِسَ فأبلَى، أو وهب فأمْضى.

وقال: سَتَحْرصون على الإمارة، فنِعمت المُرْضعةوبئست الفاطمة.

وقال: لا يَحْكمِ الحاكم بين اثنين وهو غَضْبان.

وقال: الناس كإبل مائةٍ لا تَكاد تَجد فيها راحلةً واحدة، والناس كلّهم سواء كأسنان المُشْط.

وقال: رَحِم الله عبداً قال خيراً فَغَنِم أو سَكَت فَسَلِم.

وقال: خَيْر المال سِكَة مَأْبورة، ومُهْرة مَأْمورة، وخير المال عَينٌ ساهرة لِعَين نائمة.

وقال: ما أملق تاجرٌ صدُوق، وما أقفر بيتٌ فيه خَلّ.

وقال: قَيّدوا العِلم بالكتابة.

وقال: زُر غِبَاً تَزددْ حُبًّا.

> العقد الفريد لابن عبد ربه

<<< ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم  قبل وفاته

أخبرني محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن ابن مسعود، أنه قال: نعى لنا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر، بأبي هو وأمي ونفسي له الفداء، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة وتشدد لنا، فقال: “مرحبا بكم، حياكم الله بالسلام، رحمكم الله، حفظكم الله، رزقكم الله، نفعكم الله، أداكم الله، وقاكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، أستخلفه عليكم، وأحذركم الله إني لكم منه نذير مبين، ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإنه قال لي ولكم: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين}، وقال: {أليس في جهنم مثوى للمتكبرين}. قلنا: يا رسول الله! متى أجلك؟ قال: دنا الفراق والمنقلب إلى الله، وإلى جنة المأوى، وإلى سدرة المنتهى، وإلى الرفيق الأعلى، والكأس الأوفى والحظ والعيش الـمُهنى. قلنا: يا رسول الله من يغسلك؟ فقال: رجال من أهلي الأدنى فالأدنى، قلنا: يا رسول الله ففيم نكفنك؟ فقال: في ثيابي هذه إن شئتم، أو ثياب مصر أو في حلة يمانية. قال: قلنا: يارسول الله من يصلي عليك؟ وبكينا، فقال: مهلا رحمكم الله وجزاكم عن نبيكم خيرا، إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري هذا، على شفة قبريفي بيتي هذا، ثم اخرجوا عني ساعة، فإن أول من يصلي علي حبيبي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت معه جنوده من الملائكة بأجمعه، ثم ادخلوا فوجا فوجا، فصلوا علي وسلموا تسليما، ولا تؤذوني بتزكية ولا برنة، وليبتدئ بالصلاة علي رجال أهلي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد، واقرؤوا السلام على من غاب من أصحابي، واقرؤوا السلام على من تبعني على ديني من قومي هذا إلى يوم القيامة. قلنا: يا رسول الله! فمن يدخلك قبرك؟ قال: أهلي مع ملائكة كثيرين يرونكم من حيث لا ترونهم.

> طبقات ابن سعد

<<< أول جمعة جمعها النبي صلى الله عليه وسلم

قال أهل السير والتواريخ: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا حتى نزل بقباء، على بني عمرو بن عوف، يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين اشتد الضحى. ومن تلك السنة يعد التاريخ. فأقام بقباء إلى يوم الخميس وأسس مسجدهم. ثم خرج يوم الجمعة إلى المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ القوم في ذلك الموضع مسجدا، فجمع بهم وخطب. وهي أول خطبة خطبها بالمدينة، وقال فيها: (الحمد لله. أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفر به. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، والنور والموعظة والحكمة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل. من يطع الله ورسوله فقد رشد. ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وفرط وضل ضلالا بعيدا. أوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما أوصى به المسلمُ المسلمَ أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله. واحذروا ما حذركم الله من نفسه، فإن تقوى الله لمن عمل به على وجلٍ ومخافةٍ من ربه عَوْنُ صِدْقٍ على ما تبغون من أمر الآخرة. ومن يصلح الذيبينه وبين ربه من أمره في السر والعلانية، لا ينوي به إلا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره، وذخرا فيما بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدم. وما كان مما سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيدا. {ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد}(آل عمران: 30). وهو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك، فإنه يقول تعالى: {ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد}(ق: 29). فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية، فإنه {من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا}(الطلاق: 5). ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما. وإن تقوى الله توقي مقته، وتوقي عقوبته، وتوقي سخطه. وإن تقوى الله تبيض الوجوه، وترضي الرب، وترفع الدرجة. فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علَّمكم كتابه، ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين. ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. ولا حول ولا قوة إلا بالله. فأكثروا ذكر الله تعالى، واعملوا لما بعد الموت، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس. ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه. الله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

> تفسير القرطبي

<<  ذكر أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته

عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: أنا محمد وأحمد والحاشر والماحي والخاتم والعاقب.

وعن أبي موسى الأشعري قال سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظنا، فقال: أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي الرحمة والتوبة والملحمة…

عن نافع بن جبير أنه دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: أتحصي أسماءرسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير – يعني ابن مطعم- يعدها، قال: نعم، هي ستة؛ محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماح، فأما حاشر فبعث مع الساعة نذيرا لكم بين يدي عذاب شديد، وأما العاقب فإنه عقب الأنبياء، وأما الماحي فإن الله محا به سيئات من اتبعه.

عن موسى بن يسار، قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإني أنا أبو القاسم .

> الطبقات الكبرى  ابن سعد

<< مما فُضِّل به الرسول صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((فضلت على الأنبياء بست: أُعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب. وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً؛ وأرسلت إلى الناس كافة، وختم بي النبيون)).

> المحلى  لابن حزم

<<< من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم

عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه، قال: دعوات سمعتهن من رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا عند القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين))(رواه النسائي).

إعداد  : الدكتور عبد الرحيم الرحموني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>