جناية الأنظمة الاستبدادية على وحدة الأمة الاسلامية


كم سعدت وفرحت بمكالمة بعض الأحباب الصالحين الذين هاجروا بلدهم الذي لم يقدر علمهم وأخلاقهم بل كانوا في كل وقت مُعرّضين للأخطار لأنهم ليسوا من الصنف الذي ينافق ويصفق وينفذ التعليمات الظالمة وهؤلاء وأمثالهم مطلوبون كثيراً في الخارج حيث يتقاضون أجوراً عالية لكنّهم يعيشون في قلق لأنهم يريدون خدمة بلادهم التي هي في أمسّ الحاجة إليهم دون أن يجدوا الأجواء المناسبة لذلك، فالمسؤولون كان يهمهم إذلال الأشراف، وإبراز  الأرذال، وإسناد الأمر إلى غير أهله. وقد عشت ست سنوات في الشرق.. وكنا منكبين على الدراسة وما يتعلق بها ومع ذلك كانت الرقابة محكمة علينا في الكلية وفي الحي بل وفي ا لزنقة التي نسكن فيها، وذات مساء كان أحد الطلاب من لبنان في زيارة لصديق لبناني نسكن معاً فلما خرج كان رجال الرصد والرقابة ينتظرونه فوجهوا إليه أسئلة من جملتها : لماذا كنت في هذه الشقة؟ وماذا يدور هناك؟ فأجابهم : أنا لبناني نصراني كنت في زيارة لبعض أصدقائي اللبنانيين، وكنا نتحدث في شؤون دراستنا ونتبادل بعض المحاضرات والدروس…

وكنت مرة بفناء الكلية -دار العلوم- وكانت بحي المنيرة وبينما هممت بالخروج إلى الدار وإذا بالضابط المراقب ينادي عليّ بالإسم العائلي وسألني لماذا لا تزورني فأجبته، من سوء الأدب زيارتك في إدارتك وأنت تقوم بواجبك. المقصود هو أن الطلاب كانوا في الجامعة مراقبين وتمتد الرقابة إلى بيوتهم وسكناهم.. وذات مساء كان طالب لبناني في زيارة لأحد أصدقائه يسكن معنا فلما خرج تبعه أحد المخبرين ونادى عليه ثم سأله عن زيارته لنا وهل كنا في اجتماع إسلامي؟ فردّ عليه بأنني نصراني وله علاقة جوار وصداقة بهذا الطالب وهما يتزاوران دائماً..

لقد كانت المخابرات مشغولة بالداخل تحصي أنفاس المواطنين والطلاب المصريين وغيرهم ولقد شاهدْنا فضيحة 1956 عندما هاجم الطيران الإنجليزي القاهرة كانت القذائف المصرية لا تستطيع أن تصل إلى مستواها فتنفجر دونها بكثير ثم كانت كارثة حرب 1967. ومن يسمع خطيب صوت العرب يُخيَّلُ إليه أن “إسرائيل” مُحِيّت من الخريطة، إن انقلابات البلاد العربية كانت فتنا متواصلة وكان المواطنون يعيشون في قلق واضطراب بل كانت بعض البلاد العربية تصدِّر الفتن والانقلابات وترصد الأموال الطائلة لمراقبة المواطنين ولمحاربة الأشقاء لذلك كانت النتائج :

الحصاد المُرُّ الذي طال مضغُه!!!

 

 أ.د.  عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>