عـبــرة


قال ابن عطاء الله السكندري رحمه الله : (إذا أردت عزا لا يفنى، فلا تستعزن بعز يفنى).

عز المنصب والكرسي يفنى، وعز المال يفنى، وعز الجاه يفنى، وعز الشهرة الزائفة يفنى، وها أنت ذا أخي ترى ذلك رأي العين، رام أناس العزة وظنوا أنها في المناصب والكراسي وفي المال والجاه والشهرة والأضواء، فخُذِلُوا وسُقط في أيديهم، وغشيهم الذل والهوان، {ومن يهن الله فما له من مكرم}، تلكم سنة الله عز وجل في خلقه، {ولن تجد لسنة الله تبديلا}، أبى الله ألا تكون العزة إلاّ لمن لزم أعتابه وركن إليه، وآمن به ربا خالقا، وإلها حاكما، قال ذو العزة والجبروت {ولله العزة ولرسوله وللمومنين ولكن المنافقين لا يعلمون} فالإيمان والطاعة عنوان العزة، والكفر والمعصية عنوان الذل، قال الحسن البصري رحمه الله : (إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين -البرْذون : الدابة- فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).

العزة كل العزة في الطاعة، والذلة كل الذلة في المعصية، وقد قال عمر بن الخطاب المحدّث ] : ((نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فهمها ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله)) والإسلام استسلام وخضوع وانقياد لله عز وجل، وطاعة لأوامره وانضباط لأحكامه، بهذا الإسلام نال سلفنا العزة أمّةً وأفراداً، وما يزال التاريخ يذكر ما قدمته هذه الأمة المسلمة للبشرية يوم كانت عزيزة بطاعتها لربها، ويذكر كيف أعز الله أفرادها بعبوديتهم الحقة للعزيز سبحانه، ودونك كتب التاريخ فإنها ملأى بمواقف العز للطائعين، وبإهانة الله عز وجل وإذلاله للعصاة والفاسقين، فاللهم أعزنا بطاعتك ولاتهنا بمعصيتك، آمين.

ذ. منير مغراوي     mounir taha@hotmail.fr

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>