بارقة – الـمبتدأ سيّئ والخبر أسـوأ


سألت أحد كبار كتابنا عن أحوال بلده وكانت في بداية ما أصابها من فتن وكنت على عجل استعدادً للسفر فرجوته أن يختصر لي وصف الحالة في مبتدإ وخبر فأجابني على البديهة المبتدأ سيئ وخبرُه أسوأ وهذا البلد غارق إلى الآن في الفتن ومن أسباب ذلك سوء الجوار وأطماعهم وسوء الحكم السابق وعدوانه على الجيران، ومن أسوإ ما ابتُلي به العرب حكم العسكر الذي يقوم على المغامرات والتهور وذلك يعطي فرصة سانحة للتدخل الأجنبي الذي لا يدخر وسعاً في إشعال الفتن بين الأشقاء والجيران لترويج تجارة الأسلحة وتشغيل معاملها في بلده.

لقد ندم كثير من المخلصين الذين ساندوا بعض الانقلابات بحسن نية عند ما شاهدوا نتائج حكم العسكر الذي ما تزال عواقبه السيئة تعمل عملها في بلدهم.

إن هذه الانقلابات كثير منها أسْدت خدمات كثيرة لتثبيت الحكم الصهيوني في فلسطين ذلك الحكم الذي ما تزال القوى العظمى التي تسانده تمزق البلاد العربية مثل السودان لإحاطته بضمانات الاستقرار والاستمرار وقد تكونت في هذه البلاد المتخلفة عقليات الدس والتآمر والتحريض على جيرانها وسادت ظاهرة قطع العلاقات وإغلاق الحدود وحرمان تزاور الأهل والجيران فيما بينهم إلا بشقّ الأنفس.

والعجب أن لغة الدس والتحريض على الجيران وإشعال الفتن فيها ما تزال بعض أصواتها ترتفع هنا وهناك، وكم كنا نود أن تتحقق بعض آمالنا وأحلامنا التي كنا نعيشها أيام الاستعمار بعد التحرر من قيوده وحكمه البغيض فإذا بالأمور تزداد سوءاً وتعقيداً بعد خروجه من بلادنا.

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

  >  أ.د. عبد السلام الهراس

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>