أخطار في طريق الشباب (2)


في العدد الماضي تحدثنا عن خطر العزوف عن الدراسة وكيف أنه في تزايد يجعله من أبرز الأخطار المحدقة بالشباب كما تحدثنا عن خطر الفراغ وكيف أن الوقت إذا لم يوظف توظيفا سليما فإنه ينقلب بآثاره السيئة على أصحابه.

الخطر الثالث: الإدمان وتعاطي المخدرات:

يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالانصَابُ وَالازْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(المائدة: 90) وقال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}(النساء: 29)، وقال تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا}(البقرة: 195)، وقال صلى الله عليه وسلم : >لا ضررَ ولا ضرارَ< وقال أيضًا: >ما أسكر كثيره فقليله حرام<..

إن مشكلة تعاطي المخدرات مشكلة دولية تحرص الكثير من الدول والهيئات على القضاء عليها أو الحد منها حفاظًا على شعوبهم وأوطانهم من هذا الوباء الخطير، والمغرب جزء لا يتجزأ من هذا العالم يتأثر به ويتفاعل معه، ولهذا لم يسلم من ظاهرة المخدرات، ولو أن حجم الظاهرة قليل مقارنة بغيره من الدول التي انتشر فيها هذا الوباء.. وحول تعاطي الشباب في بلادنا للمخدرات فقد أظهرت مجموعة من الدراسات العوامل الشخصية المؤدية إلى تعاطي الشباب للمخدرات والتي من أبرزها:

* إثبات الرجولة

* التقليد والمسايرة.

* إشاعة جو المرح.

* نسيان المشكلات والهموم.

أما العوامل الاجتماعية المساعدة فكان من أبرزها:

* عدم قيام الوالدين بواجبهما التربوي والتوجيهي الذي أناطه الله بهما.

* عدم إعطاء القدوة في السلوك والألفاظ من الآباء والأمهات

* تعاطي أحد أفراد الأسرة للمخدرات.

* القسوة في المعاملة.

* عدم التزام أحد الوالدين بالواجبات الدينية.

* انشغال الوالدين في الأعمال الخاصة.

* التذليل في المعاملة، وتزكية التفوق العلمي الدنيوي على التفوق العبادي..

* التفكك الأسري، سواءٌ بالطلاق أو بتعلق قلب الرجل بالنساء .

أما عن الآثار الاجتماعية الناجمة عن تعاطي الشباب للمخدرات فيمكن تصنيفها إلى:

* ما يتعلق بالآثار (الأضرار الشخصية) على الشاب: اللامبالاة والسلبية، إهمال الواجبات المدرسية، الاكتئاب، العزلة عن الآخرين. الإصابة بالأمراض الخطيرة، مثل سرطان الرئة والحنجرة والمريء، والإصابة بالأمراض النفسية والعقلية، ضعف الجسد واعتلال الصحة وتأثير ذلك على الإنتاج، ضياع الأموال، وما يتولد عن ذلك من جرائم سطو وسرقة وقتل واغتصاب وغير ذلك.

* أما ما يتعلق بالآثار الاجتماعية العامة: ارتكاب السلوك الانحرافي كالسرقة والقتل وغيرها، التأخر الدراسي، الهروب من المنزل، الشجار مع الوالدين والإخوة والأقارب والزملاء والمدرسين، اختيار رفاق السوء.

الخطرالرابع: العلاقات غيرالشرعية :

إن الإسلام لم يأمر بقتل الغريزة ولا بالتبتل أو الرهبنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : >لا رهبانية في الإسلام<، وإنما أباح الإسلام الاستمتاع بالغريزة ولكن على أسس إسلامية، منها:

1- أن يكون الزواج هو المنفَذ الوحيد لتنفيس الغريزة، قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمُ أوْ مَا مَلَكَتْ ايْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ}(المؤمنون : 5- 6)

2- تحريم كل ما يؤدي إلى إضعاف الغريزة أو وضعها في غير موضعها الصحيح الشيء الذي يؤدي إلى انتشار الأمراض واختلاط الأنساب؛ لذا حرم الإسلام الزنا واللواط، وأن يأتي الرجل الرجل، وحرم السحاق وهو أن تأتي المرأة المرأة، وحرم إتيان المرأة في دبرها وإتيان المرأة حال الحيض أو النفاس، وحرم الاختلاط الفاسد والخلوة، والنظرة المحرمة وإتيان المحرمات من النساء، سواء كانت حُرمتُهُنَّ مؤبدةً أو مؤقتة..

3- تشريع ما يعين على العفة من آداب الدخول على النساء وآداب الاستئذان.

ليست ثمةَ في الإسلام علاقةٌ بين الرجل والمرأة اسمها الصداقة والمصاحبة البريئة.. ولكن هناك علاقة حلال تسمَّى الزواج، وعلاقات حرام أو ما يسمَّى بعلاقة الخل والخدن أو العشق، وهذه العلاقات والألفاظ لا تمتُّ للإسلام بصلةٍ، وإنما تصب في مصبِّ العلاقات الآثمة التي تقود إلى الفاحشة المحرمة التي هي من أكبر الكبائر.

إن الإسلام أمر الشاب أن يغض بصره عن النساء وأمر النساء أن يغضضن أبصارهن عن الرجال، فحرم الإسلام النظرة والابتسامة المغرضة والمصافحة والملامسة، فضلاً عن الخلوة والملاصقة، ولو كانت بين الخطيب ومخطوبته، ولو كانت لغاية شريفة كالتعليم أو حتى مدارسة القرآن الكريم!

إن إباحة العلاقة بين الشاب والفتاة بدون ضوابط إسلامية تكتنفها مخاطر جمَّة تهدد أمن المجتمع وأخلاقه، وليست الزيجات العُرفية والحمل غير المشروع وفساد الحياة الأسرية لكون قلب الرجل مشغولاً بغير امرأته أو لكون قلب المرأة مشغولاً بغير زوجها إلا نتائج مُرة وثمرات علقم للعلاقة الماجنة بين الذكر والأنثى..

إن الإسلام لا يقر أبدًا العلاقة بين الشاب والفتاة خارج الإطار الإسلامي المضبوط بأحكام عقد الزواج، وفي العلاقة بين الشباب أنفسهم مدعاةٌ إلى تحقيق مطالب الرجولة والعمل الإيجابي المنتج.

ومما يؤدي إلى تفشي هذه المشكلة في صفوف الشباب، المعاكسات التي أصبحت ظاهرة ملحوظة في المجتمع، والمراد بها ما يقوم به الشباب من رصد للفتيات أمام الأزقة، والمؤسسات وغيرها، وكذا العبث في استخدام الهاتف والاتصال على خطوط الآخرين بهدف الإزعاج أو محادثة الفتيات ومغازلتهن، وكم من الفتيات قد وقعن في هذا الفخ واستجبن لوعود وإغراءات الشباب على الخط الآخر..

ولعل أهم الأسباب المؤدية لمثل هذه المعضلة:

* انعدام الرقابة من قبل أولياء الأمور فكثير من الأسر تمنح ابنها الثقة المطلقة في تصرفاته بل قد يكون له خط هاتفي خاص به في حجرته الخاصة.

* وجود المؤثرات الخارجية مثل مشاهدة الأفلام والتأثر بما يشاهدونه من إثارة جنسية.

* وقت الفراغ وعدم إشغاله بالنافع المفيد.

* تزيين قرناء السوء لهذا الأمر واعتباره من الأعمال التي يتباهون بها بين أقرانهم.

* حب الشباب للإثارة والمغامرة يدفعهم لولوج هذا الباب على ما فيه من أخطار..

وقد كان لهذا الأمر انعكاساته الضارة على الشباب خصوصًا والمجتمع عمومًا ومن ذلك الظواهر والآثار التالية:

* تقصير الشباب في التحصيل العلمي نتيجة لإضاعة الوقت في العبث في الأزقة والطرقات والتلهي بجهاز الهاتف..

* حدوثالعديد من الاضطرابات النفسية لدى الشباب المعاكس تفقده هدوءه واتزانه بل قد تدفع به إلى ارتكاب الفاحشة..

* وقوع كثير من الفتيات في الشَّرَك الذي ينصبه لهن الشباب المعاكس وبالتالي قد تقع في ما يفقدها شرفها وكرامتها والواقع يشهد على ذلك.

الخطرالخامس:افتقادالشباب للقدوةالصالحة :

إن أول ما يواجه الشباب افتقاده للقدوة الصالحة التي يثق بها.

إن غياب الدور الرقابي والتربوي للأسرة أمام المادية الطاغية وانحصار دور الأب والأم في أكثر الأحيان في توفير متطلبات الحياة وخروج الأم للعمل بدون مبرر في كثير من الأحيان وغياب الأب إما خارج البلاد أو داخلها؛ بحثًا عن لقمة العيش وغياب الدور الرقابي وترْك الشباب فريسةً لوسائل الإعلام التي تعمل متعمدةً على تغيير المفاهيم إلى اتجاه معاكس للإسلام وليست المدارس والجامعات بأفضل شأناً من  الأسرة؛ إذ فسدت المناهج وفسدت القدوة وساءت العلاقات بين الأستاذ وتلاميذه وانتشرت العلاقات غير الأخلاقية بين المدرسين والطالبات؛ مما دفع الشباب إلى أخذ القدوة من شخصيات فارغة من نجوم تليفزيون ولاعبي كرة القدم والممثلين والممثلات البَعيدين عن مفاهيم الإسلام وتعاليمه..

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>