5- المعاشرة الحسنة أساس الاستقرار السعيد 2


واجب الصّبر على الاعوجاج الطبيعي للمرأة

جاء في الصحيحين وغيرهما أن الرسول  قال : >إنَّ المَرْأَةَ خُلِقتْ من ضِلَع لن تَسْتَقِيم لك على طريقةٍ، فإن استمتَعت بها استمتعتَ بِها وبِها عِوجٌ، وإن ذَهَبْتَ تُقِيمُها كَسَرْتَها، وكسْرُها طَلاَقُها< وفي رواية : >إنّ المرأة خُلِقت من ضِلع أعوج، وإن أعْوج شيء في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإن ذهبتَ تُقِيمُه كسرتَه، وإن استمْتَعت بها، استمتعتَ بها وفِيها عِوج< وفي رواية : >إن المرأَة خُلِقت من ضِلعٍ، وإن أعْوجَ شيْءٍ في الضِّلع أعْلاه، لنْ يَسْتَقِيم لك على طريقَةٍ واحِدَةٍ، فإنْ استمْتعت بها استمتعتَ بِها وبِها عِوجٌ، وإن ذهبتَ تُقِيمها كسَرْتَها، وكسرُها طلاقُها<(1).

الاعوجاجُ المذموم الذي لا صبْر عليه

هو الاعوجاج عن صراط الله تعالى المستقيم المُنطلق من الكفر بالله تعالى والكفر بالآخرة، والكفر بأنبياء الله تعالى ورُسُله، والكفر بشرائع الله تعالى الهادية إلى أقْومِ الطريق المحققة لسعادة الدارين، قال تعالى : {الذِينَ يَسْتَحِبُّون الحَيَاةَ الدّنيا على الآخِرةِ ويَصُدُّون عن سبيل الله ويبْغُونَها عِوجاً أُولئِك في ضَـــــلاَلٍ بعِيد}(ابراهيم : 3).

فقد وصف الله عز وجل المُعْوجِّين المذمومين بثلاث صفات :

أولها : حُبُّهم الشديد للدنيا إلى درجة اللّجاجة في طلبها، وشنّ الحروب من أجْلها،  ونسيان كل القيم والمروءات في سبيل الحصول عليها، غير واضعين في الحُسبان أن هناك داراً سيقفون فيها أمام ربِّ يحاسبُهم على الشّاذة والفاذة.

ثانيها : عَدَمُ اكتفائهم بعبادة الدرهم والدينار، وكفرهم برب الدرهم والدينار، ولكنهم يجعلون من أنفسهم حُماةً للكُفْر والفساد والظلم والطغيان، حيث يحاربون كُلّ من أراد أن يُصْلِح دنياه وأخراه بالإيمان والعمل الصالح، فهم يصدُّون عن سبيل الله تعالى بالتشويه، والاستهزاء، والإيذاء، والقتل، والاستعمار.

ثالثها : استطابتُهم العِوَجَ، حيث أصبح الانحراف والاعوجاج طبيعة وسَليقَةً فيهم كالأرض التي لا تُنْبت إلا الشوك، وكالحية التي لا تنفثُ إلا السُّم. حيث لا ضمير لهم يُوبِّخُهم على ارتكاب الفواحش، وإهلاك الحرث والنسّل.

هذا اعوجاجٌ لا تختصّ به المرأة فقط، ولا يختصُّ به الرجل فقط، بل يعُمُّ كُلّ كافر أفّاك، وكُلّ كافرة جعلتْ من نفسها أُحْبُولة الشيطان اللعين.

اعوجاج المرأة ليس من هذا القبيل

إنه إعوجاجٌ خِلْقِيٌّ تكوينيٌّ(2) لا لنقصٍ فيها، ولكن لتأهيلها للتَّكامُلِ مع الرّجل، ولتكون صالحة لأداء وظيفتها التي خُلقت من أجْلها، كما خُلق الرجُل للتكامُل معَها وتأديته الوظيفة التي من أجلها خُلِق، وبتكامُلهما معاً ينشأ العمران ويستمر النسل البشري على المعمورة.وبالفهم السليم للنصوص الحديثية المتساوق مع ظاهر اللغة البعيدة عن التّشْفِير أو الغمـوض يتبيّن:

أ- تهافت التي ركِبتْ مَتْن الشَّطط في حَقِّ نفسها ودينها ومكانتها العلمية عندما قالت : >مَلْعُونٌ يا سَيِّدَتِي من قَالَ عنْكِ منْ ضلَعٍ أعْوجَ خرَجْتِ< حيث لعَنَتْ من أخْبَر عن العِوَج الطبيعي الذي خُلقت عليه المرأة ليُراعيه الرّجُل فيعامِلَها معاملةً تليق بعِوَجها الذي تُعطِّر به الوُجُود لتفضح نفسَها المُعْوَجَّة اعوجاجاً ضلالِيّاً مذموماً.

ب- الذي يتملَّق المرأة تملُّقا زائفاً يريد به تذْكيرها أو ترْجِيلها، أي يريد أن يجلعها مساوية للرجل في كل شيء، حتى إنه لو لَم يستَحْي هذا المتملِّق ويخَفْ من افتضاح هوسِه وجنونه لطالب بالتِحَائها ومَحْو ثديَيْها، وو… ولَوْ الْتَحَتْ وتخشَّنَتْ، وأقْفَر الصَّدْر من الثّديَيْن المعوجَّتَيْن اعوجاجاً يزين الصّدْر لكان هو أول زاهدٍ فيها، لاعِنٍ لها. ألا ترَى كمْ تتْعَبُ بعض النّساء اللواتي تنبُت لهن شوارب بسبب زيادة الهرمونات الذكرية فوق المعتاد لَدَيْهن، حيث يَلْجَأن إلى الاستغاثة بأطباء وطبيبات الأمراض الجلدية لمحاولة إماتة تلك الشوارب أو الشُّعَيْرات النابتة في الوجه؟! أليس هذا دالاًّ على أن المرأة تعرف أن سِرّها في أصْل خِلقتها؟! وعلى أن الرجل يرغب فيها بصفتها الأنثويّة الناعمة لا بصفتها الاسترجالية الجافة؟! وعلى الأولاد يجدون دِفء الحنان على صدرها بصفتها العاطفية التي تقطر حناناً لا بصفتها العسكرية الصارمة؟!.

جـ- الذي يتملَّقُ الحداثة المعوجّة الواردة من خلف البحار والمحيطات، والتي تدَّعي أنها هي التي حرَّرَت المرأة، الحريّة المعوجّة المتمردة على كل القيم والأخلاق، والمُثَوِّرة للمرأة على الرجل، كأنهما جنسان خُلِقا للتطاحن والتناطح، وليسا للتكامل والتعايش والتناصح(3).

إن هؤلاء المتملقين لا يتردّدون في تأويل النصوص وليِّ أعناقها للسيْر بها في طريق تضخيم الإحساس بالذات، وتغذية الأنانية النسوية بدعوى النضال لتحقيق استقلال المرأة وتحمُّلها مسؤولية وجودها ومصيرها للقضاء على كل تمييز يقوم على أساس العرق والعنصرية والاضطهاد، فيقوم على أساس المساواة والأخوة بدون أدنى تفاضل إلا على أساس العمل الصالح.

كلام جميل ولكنه يحمل في طياته العناصر المُثوِّرة للمرأة ثورانا بركانيا مزلزلا ومُدَمِّرا للتساكن الأسري، المبنيّ على شراكة أسرية بمُسيِّر مطاع، وقائد متّبَع، ككل إدارة، وكل مؤسسة، وكل دولة، وإلا كان الخراب.

فكيف يتحقق التساكن إذا لم يكن الانسجام التام، والتلابُس التام؟!

الاعوجاج المؤهل للكمال والاستمتاع

قال الأستاذ محمد فريدوجدي كلاما جميلا في وظيفة المرأة المميزة لخصائصها كلاما جميلا نقتطف منه ما يلي :

>المرأة كائن شريف خصصتها القدرة إلالهية لتكثير النوع الإنساني، فوظيفتها منهذه الحيثية سامية جدا، ولا يستطيع أن يُجاريَها الرجل فيها بوجه من الوجوه. وقد متعها الله تعالى لحُسْن أداء هذه الوظيفة بكل ما تحتاج إليه من الأعضاء، وناسب بين تركيبها وتلك الوظيفة بحيث نرى أن كل شيء فيها يدُل على أن القدرة الإلهية قصرَتها عليها، ولذلك نرى بين جسمها وجسم الرجل من الاختلاف والتبايُن ما ينطق بالبداهة أنهما لم يُخْلقا ليتسابقا في مجال واحِدٍ البَتَّة.

فالاختلاف بينها وبين الرجل ليس في شكل أعضاء التناسل فقط، وإنما الاختلاف حتى في الأعضاء الأخرى التي تظهر متشابهة، بحيث إن تركيبها الجثماني يقرُب من تركيب الطفل، ولذلك تراها مثله ذات حساسية حادة جدا، وتتأثر بغاية السهولة بالإحساسات المختلفة كالفرح والألم والخوف، وهذه الإحساسات تؤثر على تصورها بدون أن تكون مصحوبة بتعقل، فلذلك تراها لا تستمر لديها إلا قليلا، ومن هنا صارت المرأة معرضة لعدم الثبات.

ويعلمالناس أن المرأة قد وهبها الله حبّاً حادّاً لكل شيء لامِعٍ، ولكل ما يزينُها ويُجَمّلها، وهذا الحب في ذاته يظهر أنه شرعيٌّ محض، لأن كل شيء فيها يجعلُها محتاجة للتزيُّن، وليس ذلك فقط بالنسبة لتركيبها الطبيعي، ولكن بالنسبة لوظيفتها الاجتماعية، وهي الوظيفة التي لا يمكن أن تؤدّيها إلا بالجاذبية التي توحيها إلى النفوس، وأنها تعرف أن قوتها تتعلق بهذه الجاذبية ولذلك فإن كل شيء ينفع للزينة يؤثر عندها تأثيراً شديداً لا تقاومه إلا بصعوبة، ويوقظ لديْها كُلّ ميولها، لأن ذلك يخدم وظيفتها التي تستلزم أربعة أدوار : حمْلٌ، ووضع، وإرضاع، وتربية، وكل دَوْرٍ يكلّفها الشيء الكثير، والتغيُّر الكثير، مما يؤثر على صحتها وبنيتها ومزاجها وانتقالها من حال إلى أحوال من حِدّة الخُلُق، وشدة الانفعال، لأنها تكون مُكْرهة على ذلك من جرّاء الاضطراب العصبي الذي يلازم تلك الأحوال..<(4).

إن حالالمرأة في وقت الحيض فقط يكون متغيراً عنه في وقت الطُّهْر، فما بالك بأحوال الحمل والوضع والإرضاع والتربية؟؟ ألا يستمتع الرجُل بالمرأة وهي حامل في حالة الوحم الذي يمكن أن يصاحبه تقيُّؤٌ ومقت وكُره شديدٌ للرجل؟! ألا يستمتع الرجل بالمرأة وهي تضع له مولوداً يُخَلِّدُ ذكره، ويشرح صدْره، ويرى فيه نفسه؟!

إن ذلك كله تصاحبه  اعوجاجات واستمتاعات فريدة من نوعها وفريدة في حلاوتها ولذتها، تتطلب تحمُلا كثيراً من المرأة لا يوازيه إلا الصّبْرُ الجميل من الرجل الكريم!! أيُعتبر ذلك اعوجاجاً قدحِيّاً يُقابل بنكران الجميل، وتكْسير قلب المرأة بالطلاق والفراق، أو الخصام والشقاق؟!

——

1- انظر جامع الأحكام للقرطبي 294/1، وتفسير ابن كثير 554/1، وزهرة التفاسير لأبي زهرة 1576/3.

2- الحديث فيه إعجازْ علميٌّ كبير أظهر بعضَه العلماء، وسَوْف يُظهِرُ اعجَازَه أكثر فأكثر التقدم العلمي المتزايد سواء في مجال الإعجاز القرآني أو الإعجاز الحديثي، لأن النبي  لا ينطق عن الهوى.

3- قالت قاضية -بعد ماطافت عواصم الشرق ومدنه وقراه- : إن المرأة الشرقية في قطاعات كثيرة من الحياة أكثر حريّة من المرأة السويدية، لأن الحرية هي أن يكون للإنسان عالمه الخاص المستقل به، على العكس من حال المرأة السويدية التي ليس لها عالم لم يشاركها فيه الرجل، وتضيف : إن حريّة المرأة الغربية حرية وهمية، لأنها لم تمنح المرأة -في الحقيقة- المساواة بالرجل إلا بعد أن جرّدتها من صفاتها الأنثوية، وحريّتها الانثوية، وحقوقها الانثوية، لتجعل منها كائناً أقرب إلى الرجل، إنها حرية الغنيّ الذي سعي للمساواة بالفقراء، وحرية ساكن الجنة الذي سعى للنزول إلى الأرض انظر : من أجل تحرير حقيقي للمرأة ص 170.

4- المرأة المسلمة 15- 26 بتصرف.

ذ.المفضل فلواتي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>