المصير المحتوم لهذا الكون


قال الله عز وجل: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين}(الأنبياء)، من المعروف أن فعل الجاذبية الكونية تعمل على تقليص حجم الكون بينما قوة الدفع الناتجة عن الانفجار العظيم تعمل على تمديده، فإذن هما قوتان متعاكستان، فإذا كانت كثافة الكون عالية فإن قوة الجاذبية هي التي ستتغلب على قوة النشر، وبالتالي فإن عملية توسيع الكون ستتوقف لتحل محلها عملية التقليص، والعمليتان معا تدخل في إطار ما يعرف بنظريات الكون الثلاث وهي الاحتمالات المستقبلية التي سيكون عليها الكون، وذلك انطلاقا من النظرية النسبية العامة لانشتاين التي تبين أن المادة تعمل على تحدب الفضاء والكون ، و هذه الاحتمالات النظريات هي:

1- نظرية الكون المغلق : يتزعم هذا التيار العالم الفلكي الإنجليزي طوماس كولد  وتعتمد نظريته على أن كثافة الكون هي أكبر من الكثافة الحرجة، وهكذا سينطوي الكون على نفسه بعد أن يتوقف تمدده الحالي، ليعود إلى الحالة التي كان عليها لحظة انفجاره، أي أنه سيتقلص تدريجياً إلى أن ينطبق على نفسه في نهاية المطاف وتسمى هذه الظاهرة بظاهرة الرتق الأعظم (big crunch) ، التي جاء فيها: ” عندما يصل الكون إلى حده الأقصى فإنه سيعود للتقلص، وبالتالي سيعود عقرب الساعة في الاتجاه المعاكس متقهقرا إلى الوراء”

2- نظرية الكون المفتوح: يتزعم هذا التيار الفلكيان”باراوو سيلك”، تعتمد هذه النظرية على ضعف كثافة الكون لتكون أقل من الكثافة الحرجة، ولقد توصلا إلى حساب كثافة الكون الحالية أي 50 مرة أقل من الكثافة الحرجة، فيكون بذلك قوة  الانفجار أكبر من القوة الحرجة، وهكذا سيصبح الكون مفتوحا، أي أنه سيمتد إلى ما لا نهاية وينتهي مساره في ظلام دامس.

3- نظرية الكون الساكن: ويتزعم هذا التيار “فريدهويل”، إذاكانت كثافة الكون تساوي الكثافة الحرجة أي أن قوة الانفجار تساوي قوة الجاذبية الكونية، هذا سيؤدي إلى تمدد بطيء في الكون ويتضاءل انتشاره شيئا فشيئا، إلى أن تنعدم وهكذا سيقف توسع الكون ويثبت عند حجم معين وثابت.

ولقد استقر رأي العلماء على أن الكون له كتلة ضعيفة، ولا يمكنها أن تولد قوة جاذبيية أكبر من قوة الانفجار الأعظم وأن مصيره سيكون مفتوحاًً، بينما أخبرنا القرآن الكريم عن حقيقة لا مفر منها تتحدى هذه نظرية،  إنها الحقيقة الأقوم {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا، إنا كنا فاعلين} أي أن الكون سيعود من حيث أتى وسيطوى على نفسه إلى أن يطبق ويصل إلى الرتق الأعظم، وهذا إعجاز قرآني واضح لمن أراد الحقيقة الربانية والإيمان بالآيات القرآنية.

ومن المعلوم أن الأداة الوحيدة التي تصل سكان الأرض بالكون هو الشعاع الضوئي القادم من النجوم والمجرات بتحليل هذا الشعاع يكشف لنا عن حرارتها وبعدها عنا (فعل دوبلر)، وغيرها من المعطيات الكونية، هذا ونعلم أن المسافات بين الأجرام السماوية هي شاسعة جداً والشعاع الضوئي هو دائما مستعد لقطعها حيث يستغرق مدة طويلة قد تدوم ملايين من السنوات الضوئية وذلك بسرعة مطلقة تساوي 300000كلم/ث. فمثلا يقطع الشعاع الضوئي بين الأرض وأقرب نجمة إليه (تسمى Proxima du centance ) أربع سنوات بينما يقطع هذا الشعاع من مجرة “Androméde” التي هي جارة مجرتنا البانة مليوني سنة ليصل إلى الأرض (وهذا يعادل حوالي 18,5 مليار “مليار كلم”). ويترتب عن هذا أننا عندما ننظر إلى السماء فإننا لا نرى واقعها الحالي ولكن نرى واقعها الماضي. فمثلا ضوء الشمس يستغرق 8 دقائق ليصل إلى أعيننا أي أننا لا نتعرف على أخبار الشمس إلا بعد مرور 8 دقائق وبالتالي نرى ماضيها وهكذا دواليك بالنسبة لباقي النجوم، يقول الله تعالى: {فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهوحسير}( الملك).

د.محمد حمدون

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>