كلمة غير عابرة – مجازر خلف قضبان الحرية والديمقراطية!!


مجازر بشرية، مجازر اقتصادية، مجازر سياسية، مجازر بيئية، مجازر، مجازر.. عنوان حقبة الاستكبار العالمي الحديث والذي تبلور عبر محطات خطيرة وفي ظرف قياسي.

فإلى عهد قريب كان الغرب الرسمي -ومن ورائه الصهيونية- يحاول بسط هيمنته على العالم الإسلامي بطرق غامضة ـ أو هكذا كان يبدو لنا حكاما ومحكومين ـ وكان يضع استراتيجيته لآماد بعيدة أصبحت اليوم واقعا معيشا نتجرع علقمه في كثير من بؤر التوتر في العالم الإسلامي.

وما يلفت النظر في هذا الواقع الجديد في العلاقات الدولية، هو ذلك الصلف السافر في التعامل مع الإسلام والمسلمين من قبل المعسكر الغربي وعلى رأسه أمريكا. وفي هذا السياق ظهرت مجموعة من النظريات والكتب ومواقع الانترنت التي تنتجها مؤسسات علمية وأكاديمية غربية تؤسس لخطة واضحة المعالم لأمركة الإسلام والمسلمين عبر تصدير شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والاصلاح… إلى بلداننا “رحمة وشفقة ورأفة بإنسانه التعيس” الذي يذوق صنوف المهانة والعذاب من قبل أبناء جلدته الجلادين الذين كانوا إلى عهد قريب فضلاء أمريكا في منطقتنا وحراس مصالحها الأوفياء، فكانت صناعة صدام الذي أصبح بين عشية وضحاها قادرا على ضرب أمريكا بأسلحته النووية والجرثومية والبيولوجية خلال 45 دقيقة!!.

وكانت صناعة العديد من ( الجمهوريات الملكية) التي عز عليها مفارقة كرسي الحكم وجعله متداولا بين الناس.

وكانت صناعة ثقافة الهزيمة والوهن -وهذا هو الأخطر- والترويج لها بمختلف الأساليب وأرقى التقنيات في عالم الاتصال.

وكانت صناعة الإباحية والشذوذ عن دين الأمة وتقاليدها وعاداتها الاسلامية العربية الأصيلة التي تستمد روحها من عبق التاريخ المليء بالرجولة والأنفة والكرامة، صناعة تبلورت عبر الفضائيات الماجنة والتي أصبحت تتكاثر كالفيروسات بشكل متزامنمع استمرار الانتفاضة الباسلة في فلسطين والوقفة المشرفة للمقاومة في لبنان، والصمود الأسطوري للشعب العراقي في وجه آلة الاحتلال الامريكي الذي ما زال يترنح تحت ضربات جياع وعراة أفغانستان. إنها إرادة الإخضاع لأمة تتأبى  على الركوع.

قلت، ما كان بالأمس غامضا أصبح اليوم مكشوفا تتحدث عنه دول الاستكبار العالمي بملء فيها، ونقف مع إحدى الدراسات الأمريكية ـ في هذا العددـ التي أعدتها مؤسسة (راندا) التي تخضع لسيطرة بعض المحافظين الجدد دراسة تؤسس لاستراتيجية السيطرة والهيمنة على العالم الإسلامي. وإليكم أهم ما ورد فيها :

- دعم الحداثيين أولا : وذلك بنشر وتوزيع أعمالهم في شرح وطرح الإسلام بتكلفة مدعمة، وتشجيعهم على الكتابة للجماهير والشباب خاصة، وتقديم آرائهم في مناهج التعليم والتربية خاصة التربية الإسلامية، ومساعدتهم  على تبوء مناصب ومنصات شعبية للتواصل مع الجماهير، كما يجبتسويق آرائهم وأحكامهم في التأويل والفهم الديني وجعلها متاحة لشرائح أوسع حتى يمكن أن تنافس آراء وأحكام (الأصوليين والتقليديين)!!.

- تكريس العلمانية والحداثة كخيارلارجعة عنه للشباب الساخط.

- تيسير وتشجيع الوعي بتاريخ وثقافة ما قبل الإسلام واللاإسلامية في وسائل الإعلام ومناهج الدول الإسلامية والعربية، وإحياء النعرات والطائفية كالفرعونية والأمازيغية…

- دعم المنظمات والمؤسسات المدنية بالمال والخبرات والتقنية لتعمل على تحقيق الأهداف السابقة.

- تشجيع الخلافات بين العلماء (التقليديين) وعلماء (الاسلام السياسي) ومنع أي تحالف بينهم.

- تشجيع التعاون بين الحداثيين والعلماء (المتنورين).

- العمل على زيادة حضور الحداثيين في المؤسسات التقليدية.

- تشجيع الطرق الصوفية والمساعدة على جعلها مقبولة شعبيا وسياسيا لتقزيم مساحة التأثير (الأصولي) المقاوم.

- كشف صلة التيار الإسلامي المقاوم بالأنشطة غير المشروعة وإلصاق صفة الإرهاب به وتشويه صورته أمام شعبه ثم أمام العالم.

- تشجيع الصحفيين على بحث قضايا الفساد واللاأخلاقية في الدوائر (الأصولية) و(الإرهابية).

- تشجيع الانقسامات بين صفوفهم عبر الاختراق الأمني والتأثير الإعلامي.

- دعم العلمانيين في مواجهة (الأصوليين) ومنع أي تحالف موضوعي بينهما ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

- دعم فكرة إمكانية فصل الدين عن الدولة من داخل الإسلام.

وقد طرح المشروع تفاصيل عدة، حسبنا أننا ذكرنا رؤوس أقلام منها لضيق المساحة.

فتأمل معي ـ أخي القارئ ـ هذه النقط، وانظر إلى ما يقع في إعلامنا وتعليمنا وسياستنا واقتصادنا، على طول العالم الإسلامي وعرضه، واعلم أنه لن ترضى عنا أمريكا حتى نصبح جزءا تابعا لها ـ وليس جزءا منها فهي لا تريد ذلك ـ وإذا رضيت عنا فلنتهم أنفسنا، وصدق الله العظيم إذ يقول : {ولن ترضى  عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}.

ملة العولمة الهمجية التي تروم تطويع العالم وإلباسه جُبَّة واحدة، جبة الاقتصاد الربوي، وجبة سياسة القهر المادي والمعنوي، وجبة الرذيلة والفسق والإفساد في الأرض ضدا على كل الشرائع البشرية والسماوية.

وحسبنا أن ننظر نظرة خاطفة في الخارطة الإسلامية لتتبدى لنا الصورة جلية في السودان وأفغانستان والشيشان والعراق، عراق الفلوجة الشهيدة الشاهدة على همجية بعض الغرب الرسمي.

لذلك “إذا رضيت عنك أمريكا فإتَهِمْ نفسك”!!

{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.

محمد البنعيادي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>