انتقادات لمركز “التسامح الديني” في تركيا


أثار افتتاح مركز “التسامح الديني”، الذي يضم مسجدا وكنيسة ومعبدا يهوديا، بمحافظة آنطاليا التركية الأربعاء 8-12-2004 انتقادات داخل المجتمع التركي، في الوقت الذي اعتبر فيه مراقبون إقامة هذا المركز رسالة لقادة الاتحاد الأوربي قبيل عقد قمتهم المقررة يومي 16 و17 -12-2004 للنظر في طلب تركيا بالانضمام للاتحاد.

وقد افتتح رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية الأربعاء المركز، بحضور وزير الشؤون الأوربية في هولندا إتزو نيكولاي الذي تحتل بلاده رئاسة الاتحاد، ودبلوماسيين في أنقرة وعدد من الزعماء الدينيين من الأقليات اليونانية والأرمينية واليهودية.

وفي الكلمة التي ألقاها في حفل الافتتاح أكد أردوغان على أن بلاده قد استجابت لكل الشروط الواردة في اتفاقية كوبنهاجن الخاصة بحقوق الإنسان، ولم يبق على الاتحاد الأوربي غير الالتزام بإعطاء تركيا تاريخا لبدء مفاوضات ضمها للعضوية.

وأوضح أن تركيا ستمضي في طريقها لتطبيق مبادئ أنقرة إذا لم يتم ضمها للاتحاد الأوربي بعد تطبيقها لمبادئ كوبنهاجن الأوربية. لكن أردوغان لم يقدم تفاصيل واضحة حول معنى مبادئ أنقرة التي يكررها كثيرا في الأيام الأخيرة.

وأضاف أن التسامح الديني هو إرث الإمبراطورية العثمانية، مستشهدا بتعاليم محمد الفاتح السلطان العثماني الذي تولى حكم إستانبول عام 1453 وأمر باحترام غير المسلمين.

وقال: “بفضل هذه التجربة التاريخية العظيمة، فإن تركيا اليوم هي حارس السلام والأخوة في المنطقة”.

ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن إتزو نيكولاي قوله: “إن الناس سيتمكنون من ممارسة شعائرهم الدينية في هذا المركز. وهذه رسالة مهمة جدا”.

ويرى مراقبون للشؤون التركية أن إنشاء هذه المركز، المرتبط برموز الأديان الثلاثة في مكان واحد، هو بمثابة رسالة رسمية تركية موجهة لإقناع قادة الاتحاد الأوربي قبل عقد القمة الأوربية يوم 16 و17 – 12-2004 أن تركيا تؤكد على التسامح الديني.

ويقع المركز الذي تم تمويل بنائه من حساب شركات سياحية في منتجع بيليك على ساحل البحر الأبيض المتوسط ويجتذب ملايين السياح الأجانب سنويا. وبلغت التكلفة الإجمالية للأبنية الواقعة على مساحة أرض تبلغ 30 دونما (الدونم ألف متر مربع) مليون دولار أمريكي.

تهميش الإسلام

وأثار بناء المركز انتقادات داخل المجتمع التركي وداخل التيارات الإسلامية؛ وهو ما اعتبر بمثابة تلبية لرغبات خارجية، خاصة مع التشدد إزاء قضية حق المرأة بالحجاب والسعي لتوحيد أذان الصلاة في المساجد إضافة إلى توحيد خطبة الجمعة.

وقالت جريدة “ميللى جازتة” التركية اليومية الموالية لحزب السعادة المعارض -التي يقف وراءها الزعيم الإسلامي نجم الدين أربقان- في عددها الصادر يوم 7-12-2004: هذا المركز عبارة عن تلبية لرغبات خارجية وسيتحول لمركز صهيوني، وهو خطوة تسير في نطاق خطة لمحاصرة تركيا وتهميش الإسلام بها تحت حجة التسامح والحوار بين الأديان.

وذكرت الجريدة نفسها بأن أحمد بخشوان، الرئيس السابق لبلدية محافظة أوروفا عن حزب الفضيلة (المحظور)، كان قد أعاق تنفيذ مركز مشابه أريد إقامته بالمحافظة التي تقع جنوب تركيا وتقطنها أغلبية عربية بتمويل إسرائيلي بقيمة 20 مليون دولار.

ويشير مراسل “إسلام أون لاين.نت” إلى أن الإعلام التركي الرسمي والخاص يبدي في الأيام الأخيرة اهتماما غير مسبوق بأخبار الأقليات الدينية غير الإسلامية (المسيحيين واليهود والطائفة العلوية) بعد تولي حزب العدالة والتنمية (ذي الميول الإسلامية) مقاليد الحكم في نوفمبر 2002.

وأوضح أن وسائل الإعلام المرئية نقلت في الفترة الأخيرة فقرات إخبارية مصورة لاحتفالات أقيمت بأماكن عبادة خاصة بالمسيحيين واليهود في بعض المدنالتركية وعلى رأسها مدينتا إستانبول وماردين.

كما شارك كل من والي إستانبول ورئيس بلديتها في نهاية الشهر الماضي في حفل تأبين، نظمته حاخامية يهود تركيا ومقرها إستانبول لضحايا التفجيرات التي وقعت في معابد يهودية عام 2003.

من جانبها، ذكرت جريدة “حريت” التركية في عددها الصادر الأربعاء أن بولنت آرينش رئيس البرلمان التركي، أرسل رسالة تهنئة يوم 7-12-2004 ليهود تركيا بأحد الاحتفالات الدينية.

وتحظر تركيا الحجاب في الأندية والمؤسسات الاجتماعية التابعة للجيش التركي، كما تمنع الصحفيات المحجبات من دخول أي مؤسسة تابعة للجيش أو المؤسسات الرسمية للمشاركة في تغطية وقائع إخبارية.

وتعرض العديد من الطالبات التركيات اللاتي يرتدين الحجاب لعمليات طرد من الجامعات التركية لرفضهن خلع الحجاب.

ووفقا لتقديرات غير رسمية يبلغ عدد المسيحيين في تركيا نحو 200 ألف، وهو نفس العدد الذي يبلغه اليهود، ويتركزون في إستانبول وإزمير وآنطاليا، ويمثلون نسبة حوالي 1% من مجموع سكان تركيا البالغ 71 مليون نسمة وفقا لإحصائية صادرة عن معهد الإحصاء التركي عام 2003، فيما تصل نسبه المسلمين إلى 99%.

إسلام أون لاين

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>