لماذا تخلفنا..؟؟


إن ما تتوفر عليه الدول الإسلامية عموما من ثروات مادية وبشرية وتراث حضاري ضخم وعقيدة ربانية سامية يؤهلها لقيادة البشرية وريادة الحضارة الإنسانية في مختلف الميادين، لكن هذا شيء، والواقع المؤلم شيء آخر مختلف، يحفر في عمق الذات الإسلامية أخاديد من الحزن والحسرة على ما تؤول إليه أوضاعنا يوما بعد يوم من هوان وتخلف وانحطاط في مختلف الميادين، وعلى الفجوة العلمية والتقنية الهائلة التي تزداد اتساعا بيننا وبين الدول المتقدمة، تجعل من مثل هذه التساؤلات غصات في واقعنا : ماذا حصل للعقل المسلم فشله عن الإبداع والعطاء؟؟ وماذا حصل للنفس المؤمنة فعاقها عن التقدم الحضاري وعن التطلع إلى مدارج الرقي لتنفيذ خلافة الله في أرضه؟؟.لماذا طرحنا سبل عزتنا ورفعتنا؟؟.. إن نظرة سريعة إلى بعض نماذج التوجيه والتربية عند معلمنا وقائدنا إلى الخير رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين حجم الخسارة التي تسببنا فيها لأنفسنا ولحضارتنا، ولنأخذ هذين النموذجين : يقول صلى الله عليه وسلم :”من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا للجنة..”، وفي حديث آخر سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم :” يارسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال :” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام”، نموذجان من النماذج المنيرة ضيعنا معانيها كما أتلفنا العمل بها وبتطبيقاتها في حياتنا، بعد أن كانت توجيهات عملية من رسول الله  غرسها في أصحابه عمليا بسيرته العطرة قبل أن تصبح أحاديث تشريعية تسابق المسلمون في أوج حضارتهم على تطبيقها في حياتهم والاتصاف بها في أخلاقهم . فأين نحن من هذه التطبيقات العلمية والأخلاقية ومثل هذه المعاملات الإنسانية الرفيعة؟؟ أين نحن من رجال خرجوا من بداوتهم وغلظتهم ليؤسسوا أعظم حضارة مرت في تاريخ البشرية؟؟ ألم َيانِ للذين آمنوا أن يلتفتوا لمنهج الله في الأخذ بأسباب العدة والقوة؟؟ ألم َياْنْ لنا أن نضع لأنفسنا أهدافا منيرة نسعى جهدنا كي تخرجنا مما نتعثر فيه من تخلف وانحطاط؟ ألم َيانِ للذي آمن أن يضع حسب طاقاته وإمكانياته قدوة له يتأسى بها ويتطلع إلى تحقيق ما حققته في الميدان العملي والروحي؟؟..أما آن لمن آمن بمنهج الله منا أن يرى نفسه مثلا في شخصية  عبد الله بن مسعود راعي الإبل الذي كان لا يساوي شيئا في المجتمع القرشي ثم أصبح أمة وحده، من منا من يسعى كما سعى لتربية نفسه في مدرسة القرآن وحضن توجيهاته؟.؟ ومن منا يقتدي كما اقتدى بهدي رسول الله ليصبح مؤسسة قائمة بذاتها في الفقه الإسلامي ينتسب إليها أمثال أبو حنيفة النعمان وغيره، ليصبح العالم المؤمن الذي قال فيه عمر لأهل الكوفة : “لقد آثرتكم بعبد الله على نفسي”  من منا من يسعى ليرى نفسه في الرازي أو ابن النفيس أو ابن الهيثم أوغيرهم من علماء المسلمين لاستكمال المسيرة نحو الرقي والتقدم في الدنيا والخلود في الجنة؟؟.

دة. أم سلمى

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>