القدس عاصمة الدنيا والدين


قال تعالى : {سبحان الذي أسرى  بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}(سورة الاسراء).

أغتنم دخول  انتفاضة الأقصى عامها الثالث  أتكلم عن الحاضر والمستقبل و الماضي لهذه المدينة القدس  ولنرى مكانة المسجد الأقصى تاريخيا وجغرافيا فموضعها في الكرة الأرضية كالقلب في جسم الإنسان، أما تاريخيا فبدءا بالرسل والأنبياء صلوات لله عليهم ومرورا بالأقوام الذين عاشوا فيها  عبر العصور . حيث كانت القوة الضاربة آنذاك هي التي تكون عاصمتهاا لقدس، وعلى سبيل المثال فالرومان كانت روما عاصمتهم السياسية، أما القدس فكانت عاصمتهم الدينية لأنها مهد المسيح عليه السلام والمعركة التي خلدها القرآن الكريم كانت بين الفرس والروم حول القدس مصداقا لقوله تعالى : {ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين}(الروم) استبشر المشركون خيرا بهزيمة الروم لأن الروم كانوا نصارى أهل كتاب والفرس كانوا وثنيين فانتظر المسلمون بفارغ الصبر انتصار الروم وبالفعل انتصر الروم كما سبق ذكره في الآية الكريمة وهذا ما جاء  على لسان الدكتور عبدا لمجيد الزنداني باعتراف أحد الجغرافيين الأمريكيين، وكما أسلفت آنفا أن القوة التي تضيع منها القدس تكون علامة انهزامها، وفي صدر الاسلام عندما كانت الأمة في أوج عطائها فتح الفاروق عمر الخليفة الثاني القدس لأنها تمثل عاصمة الدين والدنيا وعندما تفرق المسلمون وصاروا أقطارا ومماليك انتهت الخلافة العباسية والفاطمية فدخلها الصليبيون، وهذا كان إيذانا بهزيمة المسلمين، وعندما توحدت الأمة بقيادة صلاح الدين الأيوبي الذي نرجو أن يجود الله بأمثاله وحرر القدس وعادت إلى حظيرة الإسلام والمسلمين ويعيد التاريخ نفسه، وبعد انهزام الصليبيين أحس العالم الصليبي بالخطر الذي يهدده من طرف المسلمين، هبت أوربا بقيادة ريتشار، وعندما فشلوا في بلوغ القدس رغم انتصاراتهم في كل المدن التي سقطت في أيديهم اعتبروا أنفسهم منهزمين، لأنهم لم يتحقق لهم المراد فعادوا من حيث أتوا يجرون أذيال الهزيمة والخزي، وقبل سقوط الخلافة العثمانية كان الإنجليز يفاوضون  السلطان العثماني على تسليم القدس، لكنه رفض ذلك لأنه كان يعرف قيمة القدس. فلا وجود لدولة بدون عاصمة، وإن لم تكن عاصمة سياسية أو اقتصادية فهي عاصمة دينية، وبعد سقوط الخلافة على يد مصطفى أتاتورك استولى الانجليز على فلسطين وزرعت الجرثومة السرطانية في جسم الأمة العربية وهو ما يسمى باسرائيل. فلم يبق للعرب والمسلمين وجود، لأن وجودهم يتعلق بوجود القدس تحت سيادتهم، لأنها تكون بيد الأقوياء  الأشقياء أما نحن فلا قوة لنا ولا تقوى، وشارون عندما أدرك ذلك زار القدس ليؤكد للعالم أنه الأقوى لكن أطفال الحجارة قالوا له نحن الأقوياء -رغم ضعفنا المادي- بالإيمان والعزيمة والإرادة، لا قوة العدد والعدة في السلاح والعتاد وما قام به بوش أخيرا بضغط من اللوبي الصهيوني بان القدس عاصمة الكيان الصهيوني وقرر نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس فإن دل هذا على  شيء فإنما يدل على إهانة العرب والمسلمين واستفزاز مشاعرهم إن كانت لهم مشاعر.

علي الحقوني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>