العام الثالث للانتفاضة / عام المواجهات الدموية و العمليات النوعية والإخفاقات السياسية والدوران في الحلقة المفرغة


كان العام الثالث للانتفاضة زخما بالأحداث والتطورات والمتغيرات وهو ما مثل منعطفا جوهريا في تاريخ انتفاضة الأقصى، ووضعنا على أبواب مرحلة جديدة هي الأخطر في تاريخ الصراع مع الاحتلال. وإذا أردنا أن نختار عنوانا لهذا العام يمكن أن نسميه بعام الاغتيالات أو شطب مرحلة أوسلو أو التقلبات السياسية فكلها عناوين تعبر عن مضمون تفاعلات العام الثالث.

واقترن هذا العام ببداية نسيج مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط بالعدوان والاحتلال للعراق ومرحلة جديدة في تاريخ العلاقات الدولية والأمم المتحدة بأن تبادر دولة كالولايات المتحدة بتجاهل الشرعية الدولية ومجلس الأمن لتنفيذ قرارات دولية تمس مصير العالم وخريطة الشرق الأوسط وهو ما جعل من الانتفاضة تتحمل أعباء ونتائج وانعكاسات هذا النسيج المذهل من التاريخ والمتغيرات  والصراعات والتي تمثلت في إسقاط الشرعية الدولية عن المقاومة الفلسطينية وإعطاء شرعية مقابلة للاحتلال وبذلك صنفت الانتفاضة عملا من أعمال الإرهاب على الساحة الدولية وصنف الاحتلال الصهيوني على أنه ضحية للاحتلال واعتبرت الاستحقاقات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الصهيوني نوعا من العلاقات الثنائية التي يجب أن تسوى بالتراضي بين الطرفين دون أن تكون أي مسؤولية على المجتمع الدولي والأمم المتحدة في الإشراف على تلك الاستحقاقات التي أقرتها الشرعية الدولية عبر سنوات الصراع.

بهذه المناسبة سنحاول أن نستعرض في هذا الملف مجمل الأحداث والتطورات والمتغيرات وكيف تركت ظلالها على الانتفاضة وما هي آفاق المستقبل أمام الانتفاضة في العام الجديد.

حماس تصعد لمواجهة المشهد والمعادلة السياسية:

تبلورت خلال هذا العام صورة حركة حماس ليس فقط كمنظمة جهادية من منظمات المقاومة الفلسطينية، بل كطرف أساسي في الحياة السياسية الفلسطينية والمعادلة السياسية تحظى بالاحترام والثقة والتقدير ، فقد تم تبادل الرسائل أوروبيا مع حماس سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة في سياق الحديث عن الهدنة والتحضير لخارطة الطريق، وعربيا كانت حماس مدخل الاتصالات العربية التي قادتها مصر وأطراف عربية أخرى لتوحيد المواقف الفلسطينية حول رؤية فلسطينية شاملة للمرحلة السياسية خصوصا أثناء وبعد غزو العراق والحوار حول الهدنة وغيرها.

وفلسطينيا كان الاهتمام والحرص مركزا حول رؤية حماس في صياغة البرنامجالسياسي للمرحلة التي كانت تصوغها السلطة سواء قبل حكومة أبو مازن أو بعدها.

ونجحت حماس خلال هذا العام في لعب دور محوري في إدارة الصراع وشد الخيوط نحو صيغة أقرب إلى التوافق حول القضايا السياسية والأمنية مما أسهم في تجنيب الساحة الفلسطينية الخلافات والانفجار الداخلي الذي كان يعمل عليه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة من خلال محاولات الاستقطاب والتشويش والإغراءات للقيادات والقوى السياسية وهو ما تأكد في العروض والمساومات التي سربت من هنا وهناك لأبو مازن و دحلان وشخصيات في المجلس التشريعي.

هذا النجاح لحماس كان يمكن استثماره سياسيا بصورة أكبر، فالهدنة التي كانت إنجازاً كبيرا لحماس للبناء عليه داخليا وعربيا ودوليا ومناسبة لتقديم حماس كطرف مسئول ويدرك تبعات المسؤولية السياسية بجانب عمل المقاومة ومحاولة استغلال هذا الإنجاز في الانفتاح على أوروبا والأقطار العربية وحتى الولايات المتحدة، أجبر إرهاب شارون خلاياها المقاتلة على الاندفاع و الرد عليه .

الاغتيالات انقلاب في التفكير “الصهيوني ” لإدارة الصراع:

كان الفشل الذي منيت به خطط شارون العسكرية والأمنية في مواجهة الانتفاضة على مدى أكثر من عام وفرض رؤيته السياسية على الفلسطينيين محبطا له ولأركان حكومته الذين شعروا أن تكلفة المواجهة كانت عالية في أعداد القتلى والجرحى والخسائر لدى الكيان بعد تنفيذ تلك الخطط “المائة يوم” ، “طريق جهنم” وغيرها ، ولن يتبقى أمامهم الكثير لعمله للقضاء على المقاومة وتحقيق قوة ردع كبيرة في مواجهتها ، لذا لجأ شارون وطاقمه العسكري والأمني إلى البحث عن استراتيجية جديدة تبلورت في الاغتيالات للقيادات الفلسطينية في جميع التنظيمات ودون تصنيف بين القيادات السياسية أو العسكرية ، وكانت هذه السياسة قمة ما لدى شارون من مخزون في مواجهة الانتفاضة ظنا منه أن هذه السياسة ستفتح الطريق أمامه لتحقيق اختراقات جوهرية في الواقع السياسي الفلسطيني وتشكل ضربة في الصميم للمقاومة وتخلق حالة من الإرباك في الساحة الفلسطينية.

صحيح أن الاغتيالات كانت نهجا ثابتا في سياسات الاحتلال لكن الجديد في هذا العام هو الآليات المتبعة والأهداف المرجوة والأشخاص المستهدفين. فالاحتلال لجأ إلى تقنيات متقدمة جدا وتبديل أساليبه في الاغتيال في عمليات تدمير للمنازل أو اقتحام أو مهمات خاصة تمشيا مع سياسة أعلنها لم يعد مكان أو مسئول آمن، أما الأشخاص فقد اتسعت دائرتهم بحيث تشمل أيا من نشطاء الانتفاضة بغض النظر عن درجته التنظيمية أو إنتمائه ، أما الأهداف فهي التي تعكس الخطورة والإحباط في نفس الوقت.

فاستراتيجيته في الاغتيالات تهدف إلى القضاء على عناوين ورموز وقيادات المنظمات والقوى الفلسطينية باعتبار ذلك مدخلا لتفكيك بنية هذه المنظمات وتفتيت النظام السياسي الفلسطيني وتغيير قواعد اللعبة وفتح الأبواب أمام اضطرابات فلسطينية داخلية وأضعاف قدرة الفلسطينيين على الصمود واستمرار المقاومة. وهي بذلك جسر يعبد من خلاله شارون لمخططه السياسي في إقامة كيان وسلطة فلسطينية مجردة من مواصفات السيادة والاستقلال وتخضع في وجودها وبقائها وعملها إلى علاقتها بالاحتلال.

كما كانت الاغتيالات هي السبيل شبه الوحيد الذي يستدرج من خلاله المنظمات الفلسطينية إلى دائرة المواجهة والصدام لتوفير الغطاء اللازم لاستمرار تنفيذ مخططه وتعطيل أية محاولة للعودة بالأوضاع إلى الاستقرار والانفراج السياسي.

ويرى مراقبون ومطلعون أن الاغتيالات التي اعتمدت في أعقاب مشاورات ومراجعات موسعة ومعمقة في المجلس الوزاري المصغر والأجهزة الأمنية المختصة كانت تهدف أيضا للإبقاء على وتيرة المواجهة الساخنة مع الفلسطينيين وعدم إتاحة الفرصة أمامهم لاستعادة زمام المبادرة ومواصلةعمليات الملاحقة والمطاردة والتوغل نشطة لتنظيف الأراضي والمناطق الفلسطينية من نشطاء الانتفاضة الذين يسميهم الاحتلال بالإرهابيين ، وهو بذلك يضمن حسب تصوره خفض مستوى الخطورة على الاحتلال خصوصا من العمليات الاستشهادية وإقفال الطريق أمام أي تحرك سياسي أو دور لأي طرف خارجي يسعى إلى تهدئة الصراع والعودة بالطرفين إلى طاولة الحوار.

خارطة الطريق للخروج من أوسلو:

ولدت خارطة الطريق كمشروع سياسي بعد أن قرر الكيان الصهيوني التخلص من اتفاقات أوسلو والتخلي عن كل التزاماتها وبلغ الضغط والتحرك الدولي ذروته في خضم الأجواء التي خيمت على المنطقة غداة التحضير للعدوان على العراق، وبلغت المخاوف من وجود فراغ سياسي في المنطقة تنذر بأخطار جسيمة على كافة الأطراف وتحسبا لما قد يترتب على مرحلة ما بعد صدام.

أي أن خارطة الطريق جاءت في سياق وظيفي محدد ولم تكن خطة لمعالجة الصراع وكان أول مهمة لها هو إلغاء الالتزامات التي كانت مترتبة على الاتفاقيات الانتقالية ومرحلتي الانسحاب الثانية والثالثة وإبعاد جميع الأطراف بما فيها الأمم المتحدة وقراراتها والدول الأوروبية ومقترحاتها والعربية ومشروعها الذي أعلن عنه في قمة بيروت والتحضير لمرحلة جديدة تأخذبالحسبان نتائج حرب الخليج والانقلاب الذي طرأ على تفكير الكيان الصهيوني إزاء الصراع مع الفلسطينيين خلال الانتفاضة والذي يقوم على خفض الطموحات الفلسطينية من التسوية لأدنى حد وهو ربما ما يفسر تصميم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على إنهاء زعامة عرفات وإجراء التغيير في النظام السياسي الفلسطيني بما يسمح بإعادة ترتيب العلاقات الفلسطينية الصهيونية على أسس جديدة لا تكون المصلحة الوطنية محددها الأعلى وإنما البراجماتية المعيشية هي المحدد لها.

هذه الرؤية لخارطة الطريق أمريكيا وصهيونيا يعزى لها كل الأزمات التي شهدتها المنطقة خلال العام الثالث من الانتفاضة سواء بغرض إجراء التغيير على النظام السياسي واستحداث منصب رئيس الوزراء في أعقاب مؤتمر لندن أو بتصعيد الضغوط على شخص عرفات وزعامته ومحاولة تكريس عزلته في المقاطعة أو برفض الاعتراف بمشروع الهدنة وتصعيد سياسة الاغتيالات للقيادات أو وضع الشروط أمام حكومة أبو مازن التي من شأنها أن تدخله في أزمة صراع داخلي لا أحد يعرف مداه وأبعاده.

كل ذلك ينطلق من الرؤية السياسية الجديدة التي بلورتها الإدارة الأمريكية وحكومة شارون لمعالجة الصراع الصهيوني الفلسطيني باعتبار أن هذه الرؤية تتلاءم مع الرؤية الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط وإعادة رسم الخريطة السياسية له.

ووفقا لهذه الرؤية طرحت خارطة الطريق لملء الفراغ السياسي ثم صارت الخطوات لتنفيذ المخطط الجديد لإنهاء اتفاقيات أوسلو وزعامة عرفات وإعادة صياغة نظام سياسي فلسطيني متوائم مع الرؤية الأمريكية والمصلحة الصهيونية

ولذلك لا نندهش ونحن نسمع إصرار وتأكيد الإدارة الأمريكية على خارطة الطريق ورؤية بوش لدولتين فلسطينية وصهيونية في المنطقة شرط أن يتخلى الفلسطينيون عن زعامة عرفات ويفككوا المنظمات الفلسطينية المقاومة “الإرهابية” ويستكملوا الإصلاحات “تكييف النظام السياسي مع السياسة الأمريكية والمصلحة الصهيونية” بينما تواصل تعطيل التقدم في تنفيذ خارطة الطريق وتوفير الغطاء السياسي اللازم لحكومة شارون للقيام بالجوانب المتعلقة بالخطط على الأرض والتي بلغت ذروتها بتصفية قيادات حماس والتحضير لإبعاد عرفات.

النظام السياسي الفلسطيني… تقلبات من واقع الأزمة …و تحركات العجز:

يواجه النظام السياسي الفلسطيني منذ انتهاء المرحلة الانتقالية امتحانا عسيرا بسبب افتقاره للمشروعية الدستورية والقانونية ورغم أنه نجح في التغلب على هذه العقبة بفضل زعامة عرفات ومرونة المؤسسات الفلسطينية المختصة، وخصوصا منظمة التحرير واللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح وغيرها من باقي الأجهزة، إلا أنه ظل يعاني من هذا الخلل الذي بلغ ذروته في العام الثالث للانتفاضة حيث مورست الضغوط على السلطة للإعلان عن الدستور وإجراء الانتخابات من قبل أطراف عدة كانت على رأسها الولايات المتحدة لكنه تم التخلي عن هذه المطالب بعدما نجح الفلسطينيون في التكيف والتجاوب معها وأتضح أنها ستعزز من زعامة عرفات وقوة النظام الفلسطيني .

وبعد ذلك تم الضغط باتجاه أخر يهدف إلى تفكيك النظام السياسي الفلسطيني وإعادة هيكلته بصورة شاملة وجوهرية لإضعاف هذا النظام وإبعاده عن مرجعيته الوطنية والنضالية المتمثلة في منظمة التحرير والمجلس الوطني وبدأت هذه الضغوط بالدعوة إلى استحداث رئيس للوزراء ثم الدعوة إلى تكييف النظام الجديد مع النظام السياسي الصهيوني بحيث تعطى الصلاحيات لرئيس الوزراء وتفرغ من الرئيس بهدف إنهاء زعامة عرفات ودوره التاريخي ورمزيته النضالية والمرجعية الوطنية للنظام السياسي الفلسطيني وإقامة حكومة برئيس وزراء مخولة إدارة الشؤون الفلسطينية ومفرغة من القيادات الوطنية والنضالية باعتبارها شخصيات إرهابية أو داعمة للإرهاب ومن خلال هذه التعديلات يصار إلى تفكيك النظام السياسي الفلسطيني بتاريخه النضالي وإعادة بنائه على أساس المصالحة مع الاحتلال ومبدأ التعايش الوظيفي لا الاستقلال الوطني والسيادي .

ونظرا لمحدودية السلطة على الصمود في وجه الضغوط وحاجيتها للتواصل مع الأطراف الدولية اضطرت إلى الدخول في اختبار الإصلاحات والتغيير السياسي باستحداث رئيس للوزراء وتشكيل حكومة تقوم على التكنوقراط والشفافية وتكون مسئولة أمام المجلس التشريعي وتوسيع دور المجلس في إضفاء الشرعية على الحكومة وتشكيلها ومراقبة عملها. لكن الحدود التي طلبتها الأطراف الدولية بما فيها الاحتلال لم تتوقف عند متطلبات الأداء وإنما أرادت أن تصعد بمطالبها لحد الانقلاب ولكن بأيد فلسطينية .الانقلاب الذي يفجر الخلافات الفلسطينية الفلسطينية،ويفجر المواجهة الصدامية الداخلية يبعد النظام السياسي الفلسطيني عن خيار المقاومة في المواجهة مع الاحتلال .

عندها أدرك الفلسطينيون بفطرتهم وتجاربهم أن المنحى الذي انعطفوا نحوه ليس هو الطريق الصحيح لمواجهة الضغوط والتكيف مع المطالب الدولية خصوصا بعدما أتضح أنهم لن يحصلوا على أي شيء من الرهان على التغييرات التي قبلوا بها لا في مجال الملفات الجارية الآنية ولا في مجال الملفات المغلقة بعيدة المدى : الأسرى الجدار الفاصل الاغتيالات الاجتياحات الاستيطان  المفاوضات القدس ….الخ.

لذلك قرروا في تقديري في الوقت المناسب الانسحاب من الخطوات التي بدأوها والعودة إلى كارزمية التوجه الوطني والنضالي وذلك بالتمسك بخيار المقاومة في إدارة الصراع و قرروا إنهاء حكومة أبو مازن وقيادته ليس من منطلق الموقف الشخصي منه أو خلافاته مع الرئيس عرفات وإنما من منطلق المصلحة الوطنية العليا وتصحيح المسار واسترجاع المرجعية الوطنية في اتخاذ القرارات السياسية وبادروا إلى الإسراع بتشكيل حكومة جديدة في إطار منظمة التحرير وحركة فتح لإنقاذ النظام السياسي الفلسطيني من مخاطر التفكيك والاختراق وحماية الجبهة الفلسطينية من المخاطر والضغوط الخارجية .

ويدرك الفلسطينيون في هذا الشأن مخاطر وأبعاد المناورات التي أقدموا عليها لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لسلوك هذا الطريق بعد أن بدت كل تحركاتهم واتصالاتهم عاجزة عن تحريك المواقف أو التأطير عليها لدى الأطراف المعنية…أي أنهم لجؤوا إلى مناورات محسوبة وخطيرة في الوقت نفسه ولولا أنهم تحركوا في الوقت المناسب وبادروا لاستعادة زمام المبادرة لربما وصلوا إلى نقطة اللاعودة ودخلوا في منعطف الاستيعاب الأمريكي الصهيوني.

الانتفاضة عزلة دولية:

تعرضت الانتفاضة خلال العام الثالث إلى ضغوط ومصاعب ثقيلة بسبب التغيرات التي شهدها النظام العالمي والتقلبات السياسية الإقليمية والدولية وتآكل قدرات المقاومة والصمود في العالم العربي بانفجار الملف العراقي والذي انتهى باحتلال الولايات المتحدة للعراق وإسقاط نظام وزعامة صدام بالقوة ومرابطة أكثر من ثلث القوات الأمريكية في العراق والمنطقة المحيطة خصوصا في دول ومياه الخليج .

هذه التطورات والتقلبات جعلت الانتفاضة عملا محصورا ومعزولا داخل فلسطينخصوصا بعد أن تبدلت نظرة العالم إلى المقاومة وأصبحت تقابل الإرهاب في السياسة الدولية وانسحب هذا التصنيف من الناحية العملية على أعمال الانتفاضة والمقاومة في فلسطين بينما صنفت جميع أعمال وممارسات الاحتلال العدوانية على أنها من قبيل مقاومة الإرهاب .

هذا التغيير في المفاهيم والمدلولات السياسية وضع الانتفاضة الفلسطينية في عزلة إجبارية ولم يعد يهم العالم ما يجري في فلسطين إلا وقف الإرهاب الفلسطيني والمقاومة وتفكيك البنية التحتية له وحماية الكيان الصهيوني منه .

هذا التغيير شكل غطاء مهما للاحتلال لتنفيذ كل مخططاته ضد الفلسطينيين وأطلق يده في ملاحقة وتصفية نشطاء الانتفاضة وقياداتها السياسية والميدانية دون أي حسيب أو رقيب من المجتمع الدولي .وباتت الانتفاضة فاقدة لمسارها وهدفها بعد أن تعطلت كافة المشاريع السياسية، وصورت جميع أعمال المقاومة على أنها نوع من الإرهاب. وبسبب هذه العزلة أصبحت كافة ممارسات الاحتلال في الاجتياح والاغتيال وعزل الرئيس عرفات وتجاهل قضية الأسرى وتشديد الحصار والإغلاق والحواجز أعمالا مشروعة ومبررة بينما ترك الفلسطينيون وحدهم يواجهون كل هذا دون أن يتحسب أحد لما يعيشونه من عذابات ومعاناة ومتاعب .

وكان لحرب العراق والمواجهة مع القاعدة دورا كبيرا في خطف الأضواء من الانتفاضة والتغطية والتشويش على ما يفعله الاحتلال في الأراضي الفلسطينية والذي كان من أخطرها إقامة الجدار الفاصل في الضفة الغربية والقدس وإقرار أخطر سياسات الاستيطان التي تفكك مدن ومحافظات الضفة الغربية دون أن يعني ذلك شيئا للمجتمع الدولي وهو ما بدا في عودة الدفء للعلاقات الصهيونية الأوربية ورفع الحظر عن منتجات المستوطنات وعودة النشاط للعلاقات الصهيونية العربية وفشل جميع المحاولات الفلسطينية في الاستعانة بالأمم المتحدة لمواجهة الأعمال العدوانية للاحتلال والتي كان آخرها القرار الصهيوني بإبعاد عرفات .

المركز الفلسطيني للإعلام

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>