افتتاحية : هل بدأ الشعب يسترد وعيه وعافيته؟


القراءة الأولية للانتخابات تدل على أن الشعب المغربي بعد توفر الحرية له ورفع الوصاية عنه- قد بدأ يصحو وينفض عنه غبار الاستخفاف بإرادته وطموحاته، وقد تجلى هذا الصحو الرشيد في النقط الكبيرة التالية:

1) في الإقبال التلقائي على التصويت رغم العوائق وقلة الدعاية وتشابه الأطاريح والبرامج، فاثنان وخمسون في المائة بوعيها وإرادتها لها وزنها وقيمتها.

2) في الاستيعاب الكبير لضوابط العملية الانتخابية وشروط إنجاحها رغم 15% من الأصوات الملغاة.

3) في الحياد الكبير للسلطة التنفيذية الذي سيكون – بدون شك- درسا مؤثرا تطالب باحتذائه عدة شعوب لازالت لم تتخلص من القهر والاستبداد.

4) في تكسيره لعدة رؤوس كانوا – سابقا- يعتبرون النجاح من باب تحصيل الحاصل، إما اعتمادا على السلطة، أو المال، أوتزكية الحزب، فقد قال الشعب للبعض من هؤلاء كلمته ومضى، وترك الرؤوس الكبيرة تلعق جراحها.

5) في انتقاء العناصر الجيدة التي يؤمَّل فيها أن تقدر شرف المنصب وجسامة المسؤولية.

6) في تهميش زعامات وتيارات كانت تظن أن الشعب لازال يعيش طفولة وصبيانية الستينات والسبعينات.

7) في تهديده للأحزاب الكبيرة بقرب الدخول للمتاحف التاريخية إن هي لم تُغَيِّرْ من توجهاتها المصادمة لأصالة الشعب وهويته وثوابته.

8) في إدخال المرأة للمعترك السياسي، فهذا الإدخال وإن كان يشبه الولادة القيصرية، إلا أن الله تعالى سيجعل فيه خيرا كثيرا على عكس ماظن المخططون ، وأبرم المبرمون.

وبالجملة فإن الشعب الذي عاش أكثر من أربعين سنة بعد الاستقلال لايعرف مايريد- وإنما يًُلقَّن ما يراد له وبه- قد بدأ يستيقظ ويعي ويعرف الطريق. فقد كفاه أنه عاش أكثر من أربعة عقود وسياساته التعليمية، والثقافية، والاقتصادية، والاستشارية، والاجتماعية… لم تتضح مبادئها الحضارية المتميزة، لأن كل الحكومات والمجالس التشريعية والمعارضة التي تعاقبت خلال هذه الفترة لم تكن تملك القرار والرؤية السياسية الكفيلة بترجمة مشاعر الشعب وبلورة أصالته ورغباته وطموحاته المتطلعة للقيام بدور إصلاحي رائد، تتجمع حوله القلوب، وتتجند له جميع الطاقات، بل على العكس من ذلك كان الإحباط والفشل والتصادم والحقد السياسي والإيديولوجي، الأمر الذي شتت الجهود، وأسس ثقافة الهوى والتمييع والمصلحة الخاصة والتبعية الذليلة أن تسود، وتفرز أجيالا كثيرة ليست في العير ولا النفير السياسي والإصلاحي، لايهمها نهائيا أن تعرف لماذا تعيش، ولا تتساءل هل لها رسالة في الحياة أم لا؟؟

إنه زمن الاستلاب الرخيص، والتغرب الذليل. فهل ستكون هذه الانتخابات بداية النهوض والوعي، والإدراك لقيمة هذا الشعب الذي عاش قرونا عديدة قلعة حصينة للإسلام والمسلمين، قلعة حصينة للجهاد والمجاهدين، قلعة حصينة للعلم والعلماء، قلعة حصينة للتحدي ومجابهة الصعاب ورد الكائدين على أعقابهم خاسرين؟؟ ذلك ما تظهر بوادره، وذلك ما يُؤمِّله العقلاء.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>