ألم قلم : الانتخابات الفرنسية و”الحرْكية”


مرت الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بضجيجها ومظاهرها ووعودها ووعيدها، وتم فيها الفوز – كما هو معلوم – للرئيس جاك شيراك.

كنت أتابع نشرة الأخبار ذات مساء على إحدى القنوات الفضائية العربية وهي تتحدث عن المظاهرة التي نظمها أنصار جان ماري لوبين، وتُقَدِّم استجوابات  لبعض المشاركين في المظاهرة. وهو أمر عادي وطبيعي خاصة حينما يُسْتَجْوَب الفرنسيون من أتباع لوبين الذين لا يترددون في إعلان عنصريتهم بشكل مباشر أو غير مباشر.

لكن الذي لفت انتباهي هو أن المراسل قدم استجوابا تحدث فيه أحد “الفرنسيين” من أصل جزائري حيث قال ما معناه: “أنا حرْكي، من أصل جزائري وأنا الآن فرنسي، وأناضل من أجل مصلحة فرنسا”.

جميل أن يناضل الإنسان من أجل الوطن الذي احتضنه وآواه، وأصبح فيه معززا مكرما. ولو أن هذا الجزائري لم يتلفظ بلفظ “حركي” لما كان عليه بأس على الأقل من الناحية النظرية. لكن أن يعلن بأنه “حركي” وأنه يناضل من أجل تمكين اليمين المتطرف، فهذا فيه نظر:

فيه نظر، لأن “الحركي” بالمفهوم الجزائري، هو الخائن الذي كان يدعم الاستعمار ويسعى إلى تمكينه في الجزائر، ويتجسس على أبناء وطنه من المقاومين الأحرار.

فيه نظر، لأن الخائن يبقى خائنا، حتى وإن امتد به العمر، وتغير الزمن والأرض، إلا من تاب الله عليه، وقليل ما هم.

فيه نظر، لأن هذا الخائن لم يرضه ما فعله بأبناء وطنه أثناء الثورة الجزائرية بل تابع ذلك بكل إخلاص، وهو الآن “يناضل” لا من أجل طرد الجزائريين فحسب من فرنسا، بل طرد جميع المسلمين من هناك.

فيه نظر لأن هذا “الحركي” الخائن، لم يتورع وهو الشيخ المسن أن يظهر أمام شاشة عربية يعلن فيها بكل تحد أنه كان خائنا في الجزائر وأنه الآن خائن في فرنسا… وسيبقى دائما خائنا…

هكذا الخونة في كل زمانومكان يجهدون في النيل من أبناء وطنهم و”يناضلون” من أجل تخريب وطنهم من الداخل. وكل ما ابتلت به الشعوب الإسلامية جاء من هؤلاء الخونة القدامى  والجدد، الذين يخونون أوطانهم سياسيا واجتماعيا وثقافيا وعلميا، لأنهم لا إيمان لهم ولا خلاق لهم، حتى ولو كانوا في ديار المهجر، مهاجرين أو مقيمين أو مُجَنَّسين.

وإذا كانت الانتخابات الرئاسية قد طويت صفحتها في فرنسا، وجاء دور الانتخابات البلدية، فهل يقود الخونة من هناك جهودهم من جديد للتضييق على المسلمين، خاصة في المناطق التي تكثر فيه الجالية الإسلامية، ومعظمها من شمال إفريقيا، وهل ستعي الجالية الإسلامية، هناك، دورها وتنبه إلى الخونة الذين باعوا وطنهم ولغتهم ودينهم، ويتظاهرون هناك باسم الوطنية تارة، وباسم العروبة تارة ثانية، وباسم الأمازيغية تارة ثالثة، بل وباسم الاسلام تارة أخرى!!؟

عبد الرحيم بلحاج

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>