توسمات جارحة : خنساوات العصر


كانت تمر علي لحظات في حياتي أشعر بالخجل من كوني امرأة ، بسبب ما وصلت إليه معظم نساء المسلمين من ميوعة وتفسخ وجهر بالإثم والمعصية ، كنت أتلفت حوالي فلا أجد سوى شخصيات مائلات مميلات (إلا من رحم الله) لا هم لهن سوى فصل السلوك عن العقيدة  واتباع آخر التقليعات الغربية التي يعتقدن أنها تضعهن على سلم الحضارة وهي تهبط بإنسانيتهن وشخصياتهن إلى الدرك الأسفل منها .بل كانت تمر علي أيام متعددة أرفض فيها مجرد الخروج من منزلي أو الإنخراط في المجتمع لإحساسي بالعجز الشديد عن تحمل مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسط أمواج عاتية من اللامبالاة والصد . لكني بعد صمود الأم الفلسطينية وتقديمها لفلذات أكبادها لله عن طيب خاطر بعد أن ربتهن على مائدة القرآن أحسست بالفخر كوني أنتمي إلى جنس هذه الأم الصابرة المحتسبة ، تلك الأم الذي زودها الإيمان بزاد رباني منحها القوة والصبر والعزيمة والإصرار على تقديم المزيد من فلذات أكبادها بفخر ، بل باعتقاد راسخ أن ابنها شهيد الأمة ، وهو حي عند ربه يرزق ، فرح بما أتاه الله من خير عميم ، وما هي إلا فترة زمنية مؤقتة ريثما يحين أجلها وتلحق به ليخلدان معا في جنة النعيم مع النبيين والشهداء والصالحين . أما بعد أول عملية استشهادية قامت بها الفتاة الفلسطينية فقد أحسست بالتحول الرائع الذي حصل في الذات الأنثوية ، فبعد أن كانت تتضمخ بالعطر وتزين جسدها للعرض أصبحت تهيئ نفسها لتكون جسرا للنصر بإذن الله وعنوانا صارخا لرفع الذل عنا بعد أن استكننا طويلا في أوهام السلام مع من يخون العهود منذ فجر التاريخ الإنساني .تيقنت أنها وضعت المرأة المسلمة المعاصرة على طريق العزة والكرامة وحررتهـا من اغترابها الذي كانت تستجدي في خضمه قيما ومبادئ غريبة عنها وعن أصالتها وهويتها . لقد فرشت أمامها بساط اللحاق بإيمانها الذي يشق عنان السماء حين أثبتت لها أنها نزعت الخوف من قلبها وروحها من كل ألوان العبوديات واتجهت إلى خالقها وحده تستمد منه العون والقوة والنصر . تيقنت أن المرأة المسلمة المعاصرة بإمكانها أن ترفع رأسها عاليا بعد أن مهدت لها الاستشهادية الطريق للتغلب على الوهن الذي كان يشل نفسها وإرادتها ،، أجل ،،لقد أثبتت لها أن بإمكانها الانتصار على الوهن الذي جعل منا غثاء كغثاء السيل حتى تداعت علينا أمم الأرض تستعبدنا وتستذلنا لأننا استسلمنا لحب الدنيا وكراهية الموت الذي تغلغل في القلوب والأرواح حتى ربينا أولادنا عليه . فلبيك   يا خنساء العصر ، لبيك يابنات الخنساء قد آن أوان التحرر من الوهن ، قد آن الأوان …

<  الدكتورة الأديبة  أم سلمى

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>