إن البشر تشابه علينا!!


صرح أحد قَيْدُوميي السياسة بالمغرب لإحدى الأسبوعيات المغربية حينما سئل عن موقفه من تأسيس حزب إسلامي، صرح بقوله : “كلنا مسلمون ولذلك أرفض هذه الفكرة.. كلنا مسلمون والفرق ربما هو أن أحداً يصلي العصر في وقته وآخر يجمع كل الصلوات إلى حين أذان العشاء وهذا هوالخلاف<.

لن أقف عند شكل التصريح الذي لم يصدر عن شخص “عادي” ولكن ما استوقفني -حقاً- هو هذا التعاطي الجاهل أوالمتجاهل مع أحكام الإسلام الصريحة الواضحة وخاصة عندما يتعلق الأمر “برمز” “علق” بالذاكرة المغربية فترة طويلة. وهذه الظاهرة -في الحقيقة- لا تقتصر على هذا الشخص بل تكاد تتجلى في جل ساستنا ومثقفينا الذين يتعاملون مع الاسلام من موقع الانتهازية عندما يعلنون انتماءهم لهذا الدين، بل ينصبون أنفسهم أحياناً حماة له ودعاة، في حين لا تكاد تجد بصماته في حياتهم الخاصة والعامة، اللهم الظهور أمام عدسات الكاميرا في المناسبات التي تتطلب الظهور بمظهر “المحافظين” على “الهوية والأصالة” ولكن على مقاسهم، إنه مرض روحي وفكري يترك آثاره على حركة الإنسان -التي سرعان ما تبرز من خلال فلتات- في الحياة وابتعاده عن الوضع الطبيعي الذي تمثله الفطرة الهادية إلى سواء السبيل، أليس مثل هذا الكلام انحرافاً عن مسؤولية الفكر واستسلاماً للمزاج الذاتي الباحث عن التنفيس عن “عُقَدٍ” بالهروب إلى أجواء “اللامسؤولية”، وإنه خلل نفسي يعيش فيه الإنسان التذبذب العملي، إنه -في أحسن الأحوال- خداع للنفس قبل خداع الغير طلباً لبعض المكاسب والأطماع الشخصية تبعاً لاتجاه رياح الحياة السياسية.

إن مثل هذه المواقف تجعل “البشر السياسي” يتشابه علينا، مثلهم في ذلك مثل “البقر” الذي “تشابه” على بني إسرائيل {إن البقر تشابه علينا} إن بني إسرائيل لم يريدوا ذبح البقرة ولذلك بدأوا يتعللون بعدم معرفة لونها و.. وكلما وضِّح لهم الأمر اختلقوا عذراً جديداً يسوغ لهم التخلص مما طلب منهم. إنه “فكر بقري” يدعي عدم الاعتراض على الأوامر الإلهية في حين يعمل بكل الحيل على عدم الامتثال لها.

إن مثل هؤلاء يعيشون اللامبالاة والاسترخاء أمام حاجات “السياسة” القائمة على اللف والدوران والتخبط. إنهم يقولون بأن إسلامهم من نوع آخر، يجعلون لأنفسهم إسلاماً على طريقتهم “إسلام مهذب عاقل” لا يثير المشاكل ولا يتحدى الواقع الفاسد ولا يواجه الضغوط الاستكبارية، إسلام يحقق لنفسه سلاماً على حساب قيمه، ومسلمون يحققون لأنفسهم امتيازات على مستوى الحكم والسياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية حتى يتماشى هذا الإسلام مع كل الضلال الذي يحيط بالمجتمع، إن الإسلام -كما علمنا الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم- ينطلق ليحرك الحياة على أن تكون لله وبالله، لا أن يكون امتيازاً لأشخاص يضخمون به امتيازاتهم الاجتماعية، إنه إسلام العدل والحرية والتوحيد، إسلام العزة والكرامة، إسلام الممانعة والمقاومة لكل أشكال التدجين. {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس} الناس الذين يؤكدون مواقفهم من خلال الالتزام الحقيقي بأوامر الله {قالوا : أنومن كما آمن السفهاء} يقولون : نحن لا نريد إسلام هؤلاء الناس لأنهم “يتدخلون” في الحياة العامة ويمنعون شرب الخمر ولعب القمار والزنى و.. نحن -يقولون- نريد “الإسلام الشعبي” الذي تمثله الشعوذة والخرافة و… الأسابيع الثقافية التي تقدس الأحجار والأضرحة، إنه إسلام السّفهاء {ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يشعرون} (السفهاء الذين لا يعرفون كيفية تدبير المسؤولية على خط الحكمة في القول والعمل و”الحركة”.

إن “البشر” تشابه علينا، ولا سبيل لنا إلى تمييز “البشر” و”البقر” إلا بالعض بالنواجد على إسلام الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم لا إسلام الذين >يجمعون كل الصلوات إلى حين أذان العشاء< {الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين}.

محمد البنعيادي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>