مجرد رأي: إدانة مزدوجة


…لا يملك المرء إلا أن يدين وبشدة العمليات المروعة التي وقعت في نيويورك وواشنطن يوم الثلاثاء الماضي. فلا الشرائع السماوية ولا الأخلاق الإنسانية تسمح بترويع الآمنين وقتل الأبرياء. فديننا الحنيف أمرنا بعدم الاعتداء على أرواح الناس بالباطل وترويعهم بدون وجه حق {ولا تقتلوا النّفس التي حرّم الله إلا بالحق} وكان الرسول  ومن بعده من الصحابة الكرام والسلف الصالح ينهون جيوشهم وقادتهم عن قتل الأبرياء والأطفال والشيوخ وعبّاد الصوامع والمزارعين مالم يخرجوا لمقاتلتهم. ووصية أبي بكر لأسامة بن زيد  عندما بعثه لفتح الشام لمن أروع النماذج لسموِّ أخلاق المسلمين وآدابهم حتى في أوقات الحرب فما بالك بأوقات السلم..

أقول هذا الكلام لا خوفا من أمريكا ولا دفعا لتهمة هم ملصقوها بنا نحن العرب والمسلمين  عاجلاً وآجلاً. وكلنا يتذكر حادثة “أكلاهوما” منذ سنوات حينما خرجت جميع وسائل الإعلام الأمريكية والغربية مشيرة إلى العرب والمسلمين بأنهم وراء الانفجار، وبدأت موجة العداء وا لكراهية للعرب والمسلمين تتصاعد كما هي الآن الى أن أكْتشف الفاعل الحقيقي للانفجار وهو أمريكي مُجنّد اسمه “ماكفي” وعندما تنفس العرب والمسلمون الصعداء لم يكلف أحد نَفْسه الاعتذار لهؤلاء عن التهم التي كيلت ضدَّهم والإهانات التي لحقتهم من جراء ذلك. وللقادة العرب والمسلمين هناك كفل من المسؤولية إذ أنهم ابتلعوا الإهانة ولاهم يحزنون.

وها هي المأساة تتكرر وبشكل فضيع هذه المرة، إذ بمجرد وقوع الحادث المروع سارع الإعلام الغربي والأمريكي المُتصَهين إلى اتّهام العرب والمسلمين بالحادث مما خلقَ رأيا عا ماً معاديا لهؤلاء حتى قبل بداية التحقيقات التي سارت هي الأخرى في هذا الاتجاه امتصاصاً لغضب الشارع. فتصاعدت موجة العُنف والكراهية ضد المواطنين العرب والمسلمين ولم تشفع لهم جنسياتهم الأمريكية أمام الحقد والكراهية العمياء التي أججتها وسائل الإعلام الصهيونية بالدرجة الأولى.

بقي الإعلام العربي يتفرج ويجْتَرُّ ما توحي له به وكالة الأخبار العالمية. وبقي معظم مثقفينا وسياسيينا في أمريكا وبلاد العرب ومعهم محافلنا وقُنصلياتنا هناك في دهشة من أمرهم وقد سُقط في أيديهم، ولم يقوموا بحملات اعلامية مكثفة ومدروسة للرّد على الاتهامات والأباطيل التي كيلت وما تزال تكال لهم من يومها… وفضل الإخوة العرب والمسلمون استدرار عطف الأمريكيين من خلال الصلاة معهم في الكنائس والمساجد على أرواح المفقودين وبالتبرع بالدم للمصابين، وإن كان كل هذا عملا جيدا ومحمود فقد كان عليهم بالاضافة إلى ذلك كله مواكبة ما يقومون به مواكبة اعلامية جادة ومكثفة، فالحرب كانت في الأيام الأخيرة وما تزال حرب اعلام بامتياز. وللأسف الشديد ربح الرهان فيها الإعلام الصهيوني الحاقد وخسرناه نحن في الوقت الذي كان من الممكن ربح بعض الرهان فيه و إن لم يكن كل الرهان.أما المعطيات لدخول هذه الحرب فكلها كانت موجودة لو أُحسن استعمالها بذكاء وحنكة..

وعلى رأس هذه المعطيات إبراز بعض الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام القليلة وسرعان ما طُمست ومنها أن المخابرات الاسرائيلية ربما تكون على علم بما وقع أوْ أنها كانت بالفعل وراء العملية، ذلك أنه يوم الحادث لم يتوجه أكثر من أربعة آلاف عامل يهودي كانوا يعملون في المركب التجاري الى عملهم ذلك اليوم كالمعتاد..

والأمر الثاني أن رئيس الوزراء الصهيوني (شارون) مُنع وبشدة من طرف المخابرات الصهيونية (الشين بيت) من التوجه الي نيويورك ذلك اليوم لحضور مؤتمر مهم وكان من المفروض أن يلقي كلمة الافتتاح.

أما الأمر الثالث هو أن رجال الأمن الأمريكان ألقوا القبض بُعيد الحادث مباشرة على خمسة يهود على سطح إحدى العمارات المحادية لموقع الحادث وهم يصورون ما وقع وهم في نشوة من الفرح والزهو. وبعد التحقيق معهم تدخلت شخصيات من اللوبي الصهيوني فتم إطلاق سراحهم فوراً وتم ترحيلهم ا لى اسرائيل مباشرة وطوي الملف بكامله ولم يتحدث عنه أحد بعد ذلك.

ذ. عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>