>النازية اليهودية< قراءة في كتاب كاهانا : >كالدبابيس في عيونكم< >الحل النهائي< : قتل أو ترحيل


أثار  العنصري مئىر كهانا ضجة كبرى حول اسمه، في أعقاب محاولته دخول بلدة أم الفحم في منطقة المثلث، لـ>افتتاح مكتب لترحيل العرب من البلاد<. هذه المحاولة التي أفشلها أهل أم الفحم الأبطال مدعومين من كل الجماهير العربية الفلسطينية

ولكن الحقيقة أن كهانا قام   بنشاط دعائي وتحريضي متواصل يستهدف خلق الهستيريا القومية بين اليهود، لتبرير مجازره ضد العرب  أو >على الأقل< ترحيلهم جماعياً من الوطن، وقذفهم إلى الدول العربية المجاورة.

ولقد ركز كهانا دعايته العنصرية المسمومة مخاطباً اليهود المتدينين ->باسم الله!<، ثم الأجيال الشابة اليهودية مخاطباً أياها باسم >مستقبل الشعب اليهودي، هذا المستقبل الذي يهدد العرب في اسرائيل بتدميره كلياً<.

وفي الحقيقة، فإن دعاية كهانا هي مزيج منالتعصب الديني المجنون والتعصب القومي المجنون، مما يجعل فكر كهانا وممارسته هي الصيغة الأكثر شمولا للنازية اليهودية .

ولقد صاغ كهانا موقفه من العرب  في هذا الكتاب المعنون بـ>كالدبابيس في عيونكم<.

وفي هذا الكتاب يحلل كهانا، بصورة مخيفة، ما يسميه : الخطر الديمغرافي >السكاني< للعرب في اسرائيل، إن تكاثرهم المستمر بشكل يغير الطبيعة اليهودية لاسرائيل حتى بدون عودة اللاجئين الفلسطينيين، ويقول :

>إن معدلات الولادة للعرب هي ظاهرة خاصة فريدة من نوعها، إنهم المجموعة السكانية الأكثر شباباً في العالم، إن نصفهم تحت سن الخامسة عشرة بينما ثلثاهم تحت سن الحادية والعشرين. المضاعفات على الأجيال القادمة واضحة جدا، إن نسبة متعاظمة من العرب تصل كل سنة سن الاخصاب، أكثر بكثير من النسبة بين اليهود ،لدى العرب عدد هائل من النساء في سن الحمل وسوف يستمر هذا سنوات طويلة، وعندما يصير الأولاد آباء ينجبون أولاداً كثيرين<

ويضيف :

>أيضا نسبة الوفيات بين اليهود (7.4 لكل مئة نسمة) أعلى بكثير من نسبة الوفيات بين العرب (5.6 لكل مئة نسمة). والنتيجة قاتمة جداً وهي أن الجماهير العربية يزداد عددها ثلاث مرات كل عقد من الزمن بينما يزداد اليهود بنسبة 40% فقط<(ص 94).

ومن هذا الكلام يصل كهانا إلى الاستنتاج : هنالك خطر على >يهودية< الدولة اليهودية من العرب في اسرائيل، ولذلك فالزعم أن إعادة المناطق المحتلة للعرب يصون يهودية الدولة اليهودية هو مخادعة، ليس  إلا وهو يطالب بضم كل المناطق المحتلة وتقديم الجواب اليهودي الحقيقي على المشكلة العربية وهو -الطلب من العرب الرحيل وإلا فيجب قتلهم أو ترحيلهم بالقوة لتطهير أرض اسرائيل المقدسة من دنس >الاغيار< (الغوييم)- العرب.

وفي مكان آخر من هذا الكتاب -الوثيقة يلاحظ كهانا أن هنالك ثورة قومية مسلكية بين العرب في اسرائيل،بينما تميز الجيل القديم، >الآباء<، بالسكوت والخنوع والتسليم بالأمر الواقع، فإن الجيل الجديد هو جيل الغضب والتحدي والثورة، ويقول :  >أحد الجوانب المذهلة في القضية الاسرائيلية كامن في أن الجيل الجديد لعرب اسرائيل يظهر، عادة، استعداداً أقل للتسليم بحقيقة قيام دولة اسرائيل، من استعداد آبائه، ان المثقفين العرب في اسرائيل يتجاوبون، عادة، مع الكلام، الحماسي المهيج من أجل تصفية الحسابات مع اسرائيل. الكثيرون على ما يبدو، ليسوا قادرين أن سلِّموا بحقيقة كونهم اقلية في الدولة اليهودية ويواصلون الحلم بمجيء منقذ ما<(ص 76).

ويحلل كهانا، استناداً إلى حشد هائل من المقتطفات، مواقف التيارات المختلفة في الحركة الصهيونية من قضية الوجود العربي الفلسطيني داخل اسرائيل، حيث يستهزئ من كل دعوة للتعايش لأنه لا يعتقد بامكانية التعايش >بين شعب الله المختار وبين الأغيار القذرين أبناء العمالقة الذين حللت التوراة قتلهم عن بكرة أبيهم<، كذلك يعتقد كهانا بحتمية الكراهية العربية لليهود وسعي العرب إلى قتل كل اليهود استنادا إلى >كراهية كل العالم لليهود< واستناداً إلى >التراث الاسلامي المتعود على القتل والكراهية<.

ومقابل كل جوابات التيارات الصهيونية للقضية العربية في اسرائيل يقول كهانا : >جوابنا، أملنا إبعاد كل عرب أرض اسرائيل من البلاد<(ص 202) و>عرب أرض اسرائيل< هنا هم كل عرب فلسطين، فالترحيل يستهدف ليس العرب الفلسطينيين القاطنين داخل اسرائيل منذ 1948م، بل سكان الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين أيضا.

ويحتل مكاناً بارزاً في فلسفة كهانا موضوع >نقاوة الدم اليهودي< كنقاوة >العرق اليهودي< ولذلك نراه يثير الهستيريا، خصوصا حول ما يسميه >تدنيس الشباب العرب لاعراض بناتنا اليهوديات، مما يعني تلويث الانسان اليهودي بمجرد اختلاطه الجنسي بالشعوب الأخرى. وهو، بالاضافة إلى هذا الرفض المبدئي، يعتقد أن عشق اليهوديات للعرب وبالتالي زواجهن منهم هو مؤامرة لاندماج اليهود في الشعوب الأخرى، لانقاص عدد اليهود في العالم، لابادة، >الأمة اليهودية العالمية<.

ولذلك يعود كهانا ويؤكد في نهاية الكتاب(ص 244):

>عرب اسرائيل يشكلون تلطيخاً لاسم الله وقدسيته، ان عدم تسليمهم بالسيادة اليهودية على كل أرض اسرائيل، رغم الحلف بين اليهود وإله اسرائيل يشكل رفضا لسيادة إله اسرائيل وملكوته، ان ابعادهم عن البلاد هو، اذن، أكثر من قضية سياسية، انه قضية دينية، واجب ديني، فريضة بمسح العار وتصفية تدنيس اسم الله، وبدل أن نخاف من اعمال الاغيار اذا فعلنا، علينا أن ترتعد فرائصنا إزاء غضب الله إذا لم نفعل.

ويضيف : >ان المأساة سوف تكون نصيبنا إذا لم نُبعد العرب من البلاد<(ص 245).

إن هذا الفكر الكهاني هو، في الحقيقة، محاولة لصياغة التبريرات الفكرية والقومية للنازية اليهودية. ومع أنه يبدو وكأن كتابات كهانا تستند إلى التراث اليهودي، فإن هنالك شبها مذهلا بين هذا >الفكر< وبين قاذورات الفكر النازي الألماني. فالاستناد إلى >نقاوة العرق< وإلى >التاريخ< وإلى >خلود القومية< وإلى تصفية الآخرين لضمان المستقبل (نظرية >المجال الحيوي< للنازية) -

فهل بعد ما يقرب من ستين عاما من الانقلاب النازي في أوروبا يعيد التاريخ نفسه وتكون النازية اليهودية هي الشرارة التي تشعل حريق المأساة.. في المشرق االعربي والعالم؟!

محمد أبو ياسر

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>