المحجة تحاور الأستاذ إحسان قاسم رئيس مركز رسائل النور باستانبول -تركيا


نظمت شعبة اللغة العربية بتنسيق مع مركز رسائل النور بتركيا (استانبول) ندوة دولية بعنوان : “حوار الشرق والغرب من خلال رسائل النورسي” وذلك يومي 20/19 أبريل الماضي برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة. وكان من أبرز الحضور الأستاذ إحسان قاسم الصالحي رئيس مركز رسائل النور باستانبول وكان لنا معه الحوار التالي :

< أولا، نرحب بكم ونرجو أن نعرف قصتك مع رسائل بديع الزمان النورسي رحمه الله؟

>>  أنا أصلاً من العراق من مدينة كركوك، كنا نتكلم اللغة التركية في بيتنا بطلاقة، وأنا كنت مدرسا للبيولوجيا لمدة 28  سنة  بالمدارس الثانوية، في الخمسينات تعرفنا على الأستاذ النورسي من خلال بعض الكتيبات الصغيرة ذات الترجمة الضعيفة جداً، وتعرفنا إليه كذلك من خلال بعض الكتب باللغة  التركية. لكننا ما أعطيناها حقها، لكن في سنة 1975 سافرت إلى تركيا كسائح وفتشت عن طلاب النور وعن رسائل النور، لكنني لم أجد، وحدث أن وجدت كتاباً عن حياة النورسي، قرأته وأعجبت به (بالتركية)، ثم في سنة 1976 أتيت مرة ثانية إلى تركيا صيفاً مع أهلي، فوجدت مقراً لنشر رسائل النور، فتعرفت على رسائل النور وأخذتها جميعاً معي إلى العراق. طبعاً أنا في الكلية وما بعدها أثناء التدريس كنت أطلع على التفاسير والكتب الفكرية لسيد قطب وحسن البنا والندوي.. بالإضافة إلى كتب الفقه وأصول الفقه، لكنني عندما اطلعت على رسائل النور حقيقة بهرتني، أي كلام هذا؟! كأنما هي عصارة لكتاب ضخم.

ولأول مرة وجدت صعوبة في الفهم رغم أني أجيد اللغة التركية، لأن صياغة الجمل تختلف وأسلوب التفكير يختلف لكن بعد تكرار القراءة، وهذا مفتاح لحل وفهم رسائل النور، انفتحت لي آفاق، وكنت أذهب عند أصدقائي وأقرأ لهم، إنه تفكير جيد، في الكتب السابقة لا تجد التطرق إلى مجموعة من المواضيع، وإذا تُطُرِّقَ لها، لا يتطرق إليها بهذه الطريقة العجيبة الموجودة في رسائل النورسي، نظرة فريدة إلى الكون والانسان والحياة يستقيها النورسي رحمه الله. وبدأت أدرس هذه الرسائل دراسة حقيقية، وكان مجموعة من الأصدقاء مثل د. محسن عبد الحميد ود. عماد الدين خليل.. يطلبون مني ترجمة هذه الرسائل إلى العربية، لكنني كنت أعتذر لأنني لست مترجماً، وبعدما ألحوا في الطلب بدأت أترجم أعمال النورسي رحمه الله، وقد ساعدوني كثيراً في الجانب اللغوي والبلاغي.. حتى استوت الترجمة بحمد الله، وبدأنا ننشر في العراق منذ 1983 إلى 1988 في أثناء الحرب الإيرانية العراقية تفرغنا كلياً للترجمة. وتمكنا من طبع حوالي 42 رسالة، وبعد حرب الخليج أتيت إلى تركيا وطبعنا المجلدات التسع باستانبول والقاهرة.

< ألا ترون أن عدم ترجمة الرسائل في فترة مبكرة هو الذي جعل النورسي مغموراً؟

>> صحيح، وحتى الترجمات التي كانت موجودة، كانت ركيكة جداً،  وقليلة ونادرة.

< فيما يخص مركز رسائل النور، ما هي الأهداف التي أسس من أجلها؟

>> عندما أتيت إلى تركيا وبدأنا ننشر المجلدات، قال الإخوة، لابد وأن يكون هناك مرجعية، حينما ننشر الكتب في الدول العربية سيسألون أسئلة حول النورسي ورسائله، فمن يسألون؟ فلابد من أن تكون هناك مرجعية، وهكذا تأسس المركز وجعلوني مسؤولاً عنه بالإضافة إلى مجموعة من الإخوة الآخرين، ونحن متفرغون تماماً لهذا الأمر  : الترجمة، النشر، الاتصال بالمجلات والجرائد، ولنا موقع “Site” بالانترنيت، تأسس المركز في سنة 1994 وبدأ يتبنى المؤتمرات القطرية  والمؤتمرات العالمية، نقيم مؤتمرات تركية محلية وعالمية كل سنتين،  وفي شتنبر المقبل بحول الله سننظم المؤتمر العالمي الخامس باستانبول، نراسل الباحثين ونطلب منهم البحوث قصد المشاركة.

ونملك مايقارب 10 دور لنشر رسائل النور، ويتم التوزيع حتى في بعض الدول مثل أذربيجان وبعض الدول الاسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً.

< نشاط المركز على مستوى تركيا وهي بلد علماني معروف، ما هي  المشاكل التي  تعرقل عمله في ظل القوانين المعمول بها؟

>> المركز لا يمارس أي نشاط سياسي ولا يتدخل في الأمور الحزبية، إنه مركز ثقافي وعلمي تخصصي أكثر من أي شيء آخر.

< ما هي علاقة جماعة النور بمركز رسائل النور، هل هناك تماهي بينهما أم (مقاطعا).

>> المركز يعتبر مركز جميع أجنحة جماعة النور، الجماعة جد واسعة مما اضطرها إلى خلق أجنحة تخصصية. فالبعض مختص بالمؤتمرات، وآخرون بالنشر، وآخرون بأفلام الفيديو والسينما والوعظ، وآخرون بالجرائد اليومية. عملها ليس عملاً فصائلياً حزبياً كما هو معروف عند الجماعات الاسلامية الأخرى، الجماعة تؤمن بالاختصاص.

< إذا أردنا أن نقيّم الجماعة ككل، باختصاصاتهاالمتعددة… أي توجهها العام هل هو تربوي، ثقافي، سياسي؟!

>> إذا أخذنا الخريطة العامة للجماعة فإننا نجدها ذات توجه تربوي بالأساس، لكن مع ذلك هناك جزءٌ له توجه سياسي من داخل الجماعة قد يتراوح بين 10 و15% وباسم الجماعة، ولا أعني بالتوجه السياسي الجانب الحزبي وإنما أعني الممارسة السياسية.

< ما علاقة الجماعة بحزب الفضيلة  الإسلامي مثلا؟

>>  الفضيلة حزب سياسي، ليس حركة ثقافية دعوية بالأساس كما هو الحال بالنسبة لجماعة النور. فعلاقة الجماعة بالفضيلة هي علاقة المسلم مع أخيه ليس إلا. في الانتخابات مثلا الإنسان حر، فالجماعة تعطي الحرية لأفرادها في التصويت على من يرونه صالحاً دون إعطاء  أهمية للإطار الحزبي الذي يترشح من داخله، المعيار الأساس هو النظافة  والاستقامة بشرط ألا يكون يسارياً أو ذا ميول كفرية. وإذا  كان المرشح غير ثقة لا نصوت له حتى لو كان من حزب الفضيلة أو حاجاً أو مصلياً. ميزان الجماعة هو الصلاح  فقط. في جماعة الفضيلة/الرفاه سابقا،  أناس طيبون جداً فعلاً، لكن ليس بالضرورة كل من هو في الرفاه فهو صالح طيب.

< نفس السؤال هو علاقات جماعة النور بالحركة الصوفية بتركيا؟

>> أولاً، الحركة الصوفية في تركيا تختلف تماماً عن الحركة الصوفية في كثير من دول المنطقة. الحركة الصوفية التركية حركة مثقفة ليست منزوية على نفسها، لها نشرات، جرائد، مجلات، مدارس، مصانع، ولا علاقة لهم مع الدولة ليسوا أذيالاً للدولة كما هو الحال في بعض الدول، في نفس الوقت لا يواجهون الدولة. والحركة الصوفية في تركيا حتى من حيث الذكر والتسبيح فهي سنية مائة بالمائة.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>