حوار مع الدكتور أحمد أبو زيد


المحجة : هناك مجموعة من الأصوات المنتمية للتيارات المعادية للمذهبية الإسلامية، تدعو باصرار إلى إضعاف حضور المواد المتعلقة بالدراسات الإسلامية والعلوم الشرعية في التعليم بالمغرب، لكونها في زعمهم لا تؤدي وظيفتها الحضارية المطلوبة في الوقت الراهن، خاصة مع تنامي ثقافة العولمة ولأنها من جهة أخرى لا تتماشى مع مفهومهم للمجتمع المدني. فهل هذه المواد في نظركم لا تؤدي وظيفتها في تشكيل الثقافة الكفيلة أولا بتحصين الذات المسلمة وثانيا بانخراط المسلم في النظام الحضاري العالمي؟

ذ. أبو زيد : فيما يتعلق بهذا السؤال، أرى من الواجب أن أوضح أولا بأن هذه الدعوات التي تدعو إلى إضعاف حضور المواد الإسلامية في منظومتنا التعليمية في جميع مستوياتها ليست بالجديدة، إذ تظهر من حين إلى حين وتفعل فعلها في المقررات والكتب المدرسية، والمعاملات، والبرامج التيتتعلق بهذه المواد، فما زالت التربية الإسلامية في تعليمنا الثانوي تعاني من التهميش والإقصاء ومحاولات إضعاف حضورها بسبب الحصة الهزيلة التي تعطى لها، وبسبب المعامل الضعيف الذي لا يكاد يذكر إذا ما قورن بالمعاملات التي تعطى للمواد الأخرى، هذا فيما يتعلق بالماضي، والآن ظهرت هذه الدعوات في شكل جديد وبصورة أكثر قوة، وتحاول أن تثبت وجودها وأن تعزز أفكارها عن طريق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي لوحظ فيه التغييب المقصود للمواد الاسلامية، وكل ما يتعلق بالتربية الروحية ابتداء من التعليم الإعدادي. في الحقيقة أن الذين يفعلون هذا لا يفهمون حقيقة تربية الإنسان السوي. على الرغم مما ذكر في ديباجة الميثاق. فبإغفال الجانب الروحي والخلقي للانسان يفقده توازنه ولذلك نرى أن التربية الإسلامية والتكوين الروحي للطالب المغربي هو أساس وضرورة ملحة لايجاد المواطن الصالح المتوازن فيحياته العملية وفي تفكيره وسلوكه وفي مواقعه، فبدون هذه التربية الروحية يصبح الإنسان المغربي عرضة لهذه التيارات الهدامة التي تفد علينا بل تغزونا في كل وقت وحين وخاصة في هذه المرحلة التي تطبعها هذه الموجة الجامحة التي تسمى بالعولمة.

المحجة : في نظركم، لماذا يتم دائما في مثل هذه الخطط المسماة وطنية الالتجاء إلى الغير لاستيراد نماذجه وتجاربه؟ ألقلة خبرائنا في مجال التخطيط، أم لما لمروجي هذه الخطط من علاقات مع المنظمات الدولية؟

ذ. أبو زيد : في الحقيقة أن الالتجاء إلى الخبراء الأجانب والاستفادة من تجاربهم في حد ذاته ليس عيبا، خصوصا إذا كانت تجارب ناجحة، ولكن هذه الاستشارة ينبغي أن تكون دائما مقننة بمعنى أن الخبراء المغاربة الذين لهم الغيرة على وطنهم والمتشبعون بأصالتهم والعارفون بواقع مجتمعهم والحاجات الحقيقية لهذا المجتمع، هؤلاء هم الذين ينبغي ويجب أن تكون لهم الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير هذه المشاريع، لكن الذي يلاحظ على هذه المشاريع أنها لا تعكس الشخصية المغربية، ولا الحاجات الحقيقية للإنسان المغربي، ولذلك نشك كثيرا عندما نقرأها، الشك : هل هي مستوردة بكل تفاصيلها؟ وهل هناك ضغوطا خارجية لا نعلمها ولا يُصرح بها تدفع وتضغط من أجل هذه الأمور؟ هذه أسئلة كبيرة نطرحها. أما الخبراء المغاربة فيستشارون، ولكن لوحظ من تصريحات الذين شاركوا في إنجاز هذا الميثاق أن ما يقدمونه فيما يتعلق بالمادة الإسلامية وفيما يتعلق بالتعليم بصفة عامة، مما يعكس وجهة النظر الإسلامية، لا يؤخذ بعين الاعتبار.

المحجة : ماذا تتوقعون بخصوص مستقبل الدراسات الإسلامية إذا ما قدِّر أن تمت المصادقة على هذا الميثاق، وأصبح واقعا ملموسا؟

ذ. أبو زيد : الحقيقة أننا ننظر إلى مستقبل الدراسات الإسلامية في ضوء هذا الميثاق بكثير من الشك والريبة والتخوف والترقب، لكنإذا أخذنا بما صرح به وزير التعليم العالي في الاجتماع الذي عقده مع القيدومين ورؤساء الشعب بخصوص النقط المتعلقة بالترتيبات البيداغوجية التي تلح على الاستقلالية في العمل الجامعي، فإذا كان هذا الكلام صحيحا مسؤولا فإننا نرى بأن معركتنا مع الذين يحاربون الدراسات الإسلامية ستكون حامية في مجالس الكليات ومجالس الجامعة. لكن مع ذلك، الشك كبير جدا، لأن ما سيحدث الآن بالجذع المشترك، أي السلك الأول من الجامعة لا نعرف أين ستوضع المقررات الخاصة به وكيف ستوضع، إذ يلف الغموض ويحيط بهذا المشروع لكننا ننتظر أن تصدر هذه المراسيم التي تنجز وتصاغ الآن لنعرف كيف سنتعامل مع هذا المشروع، وكيف سيكون مستقبل الدراسات الإسلامية.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>