ماذا وراء الطلب المصري للإنضمام الى اتحاد المغرب العربي


ماذا وراء الطلب المصري للإنضمام الى اتحاد المغرب العربي

تقدمت مصر بطلب رسمي أثناء حضور وزير خارجيتها الدورة السادسة عشرة لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي التي عقدت في الجزائر، قصد الحصول على عضوية الاتحاد، وسوف يتم بحث هذا الطلب في قمة رؤساء دول الاتحاد في أبريل 1995.

ومن المعلوم أن كل الدول الأعضاء رحبت بهذا الطلب : فليبيا كانت دائما تسعى لإقامة وحدة ثلاثية مع مصر والسودان في إطار مشروع “المثلث الذهبي”، وفي السنين الأخيرة وبسبب العداوة التي قامت بين ليبيا والتحالف الثلاثي الغربي (و.م.أ؛ فرنسا وبريطانيا) قبل وبعد أزمة لوكيربي التجأت إلى مصر للتوسط لها عند الدول الغربية لرفع الحصار السياسي والاقتصادي عنها، ومقابل ذلك قدمت ليبيا بتوجيه من مصر عدة تنازلات أهمها إرسال الحجاج الليبيين إلى إسرائيل.

أما باقي الدول المغاربية (من غير المغرب) فإنها رحبت بهذا الطلب لكي تتخلص من النفوذ المغربي على الاتحاد، والذي يتقوى يوما بعد يوم خصوصا وأن المغرب كان وأصبح واضحا الآن هو صانع مشاريع السلام في إفريقيا والوطن العربي وبالتالي أصبح مركز ثقة الغرب والدول الإفريقية والإسلامية ولا ينافس المغرب في هذا المركز سوى مصر.

وبالنسبة للمغرب فإنه يرحب بانضمام مصر لأسباب اقتصادية وسياسية، وهذه الأخيرة تتمثل في قيام قيادة مزدوجة لكل من العالم العربي والإسلامي والقارة الإفريقية، فعوض المنافسة على هذا المركز يكون التعاون والتنسيق والتشاور للحفاظ على المركز لمدة أطول، حتى ولو أدى ذلك إلى إشراك مصر في قيادة اتحاد المغرب العربي.

هذا من جهة دول المغرب العربي، فماذا عن مصر؟.

بالنسبة لمصر فإنها تريد من طلبها هذا أن تحقق عدة أهداف نوجزها فيما يلي :

1- على المستوى الأمني : عقدت مصر اتفاقيات أمنية مع مجموعة من الدول العربية والإسلامية بهدف التضييق على الإسلاميين المصريين خارج وطنهم لتتفرغ هي للتضييق عليهم داخليا، وهذه الاتفاقيات الأمنية من جهة أخرى تُحسن صورة مصر خارجيا، وذلك بوصف المعارضة الإسلامية بالعصابات الإرهابية الإجرامية، خصوصا وأن سمعة مصر في مجال حقوق الإنسان سيئة جدا. ومن بنود هذه الاتفاقيات الأمنية تبادل المجرمين والمطلوبين من طرف العدالة وتبادل المعلومات الأمنية… ولقد عقدت مصر هذا النوع من الاتفاقيات مع دولتين مغربيتين هما : تونس والجزائر. وبالتالي فإن انضمامها إلى إ.م.ع سيمكنها من توسيع دائرة ما يسمى ب”التعاون الأمني” ليشمل باقي البلدان المغاربية.

2- على المستوى الاقتصادي: فان انضمام مصر الى ا.م.ع سيمكنها من تحقيق مجموعة من المصالح:

- إن المغرب العربي يعد سوقا كبيرة بالنسبة لدولة صناعية صغيرة كمصر، هذه السوق التي يصل عدد المستهلكين فيها الى 70 مليون نسمة، مع احتساب الفارق في مستوى العيش والدخل مابين المصريين وسكان بعض الدول المغاربية خصوصا تونس وليبيا والمغرب. ولقد سجلت الصادرات المصرية الموجهة الى دول الاتحاد حوالي 700 مليون دولار، ويرى الخبراء ان هذا الرقم سيتضاعف عند انضمام مصر الى الاتحاد.

- تامين استقرار العمالة المصرية الكبيرة الموجودة في ليبيا، بل العمل على زيادتها.

- جلب الاستثمارات المغاربية الى مصر، وذلك نظرا لوجود اعدادا كبيرة من المستثمرين المغاربيين الذين بدأوا يستثمرون خارج بلدانهم لاسباب سياسية.

- الاستفادة من العلاقات التي تربط دول الاتحاد بالمجموعة الاوروبية الموحدة، فالطريق السهلة الوحيدة لتقوية التبادل التجاري مع اوروبا الموحدة يمر من المغرب العربي المرتبط بها باتفاقيات شراكة، بل اكثر من ذلك يمكن ان تستفيذ من التعاون الذي انطلق مؤخرا في مجموعة 5+5.

3- على المستوى السياسي: بعد فقدانها للقيادة الفعلية للجامعة العربية بسبب انفجارها في حرب الخليج الثانية، كان لزاما على مصر ان تبحث لها عن منظمة اخرى تقودها وتسيرها وتتزعمها، ولما فشلت في تحقيق الهدف من خلا ل مجموعة اعلان دمشق، اتجهت نحو الدول الافريقية. ولكن منظمة الوحدة الافريقية تفتقد للروابط المتينة التي تجعل منها مجموعة منسجمة بالاضافة الى كثرة دولها، كما ان جمهورية مصر العربية هي دولة قومية قبل كل شيء-حسب تسميتها السياسية-. لذلك كان امامها خياران اثنان هما: تكوين مجموعة جديدة والمتمثلة بشكل طبيعي في وحدة شطري وادي النيل، او الانضمام الى مجموعة اقليمية قائمة في الوطن العربي، اي الانضمام اما الى مجلس التعاون الخليجي او اتحاد المغرب العربي، مع العلم ان كلا المجموعتين الاقليميتين لا موقع لمصر فيهما من الناحية الطبيعية. وبما ان دول مجلس التعاون الخليجي رفضت عمليا التعاون مع مصر في مجموعة دول اعلان دمشق، لتخوفها من هيمنة مصر عليها، لان مصر دولة كبرى ولها اطماع قيادية بعد فقدانها للزعامة داخل الجامعة العربية، كان من الطبيعي ان تلتجأ الى دول المغرب العربي التي لا توجد عندها هذه التخوفات.

وستجني مصر من انضمامها هذا الى ا.م.ع عدة مصالح سياسية يمكن اختصارها في النقط الآتية:

- المحافظة على موقع القيادة السياسية.

- الهروب من الوحدة الطبيعية مع جنوب الوادي.

- محاصرة السودان عن طريق التنسيق مع ليبيا.

- إشغال الراي العام المصري بمخدر الوحدة.

- زيادة الاهتمام الغربي والاسرائيلي بها، لانها ستكون بعد انضمامها الى ا.م.ع القنطرة والرابط الجغرافي الطبيعي لانضمام بلدان المغرب العربي الى السوق الشرق اوسطية العربية-الاسرائيلية.

أحمد الفيلالي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>