العملية الثقافية كأولوية من أولويات العمل النقابي


العملية الثقافية كأولوية من أولويات العمل النقابي إن المتتبع لواقع الجامعة المغربية لا يجد أكبر عناء في ملاحظة أن الإتحاد الوطني لطلبة المغرب يمر بأزمة حادة منذ مدة طويلة ترجع إلى ما بعد المؤتمر السابع عشر الذي شكل انفجارا للأزمة لا ميلادا لها، وتكاد تجمع كل مكونات الحركة الطلابية على هذه الحقيقة، مما دفع بها إلى تقديم اقترتحات تصب كلها في اتجاه إعادة الإعتبار للفعل النقابي داخل الجامعة كمؤسسة من مؤسسات المجتمع، وإذا كان القصد من هذه الوقفة ليس التعرض لهذه الإقتراحات بالنقد والتحليل -وهذا ضروري ومهم- وإنما نريد الوقوف الموقع الذي تحتله العملية الثقافية ضمن إهتمامات الفعاليات الطلابية. فقد عرف العمل النضالي تراجعا كبيرا في جل -إن لم نقل كل- المواقع الجامعية لأسباب كثيرة ومتنوعة، ذاتية وموضوعية يعرفها الجميع. ولكن أهم سبب يرجع إلى تدني المستوى الثقافي، فكانت نتيجة ذلك الفروق عن النضال وانتشار عقلية اللامبالات في وسط الطلبة. فأصبح الجسم الطلابي فاقدا للمناعة وبالتالي مغزوا بثقافة رسمية سلطوية تخلق في نفسية الطالب قابلية الرضى -بل الترحيب أحيانا بالقرار السياسي، فلم يعد بالإمكان الدفاع عن المكتسبات ناهيك عن المطالبة بالمزيد منها. إن النضال في حد ذاته ثقافة تحصينية تحول دون الإنزلاق في مخططات الإجهاز على الحقوق المكتسبة. لذلك فلا عحب إذا رأينا الجهاز السلطوي في الدولة يفرض “الفيتو” على الممارسة الثقافية الجادة من حصرها -يعني الثقافة- في إطار نخبوي لا تتعداه إلى ماهو جماهيري اللهم إلا ما يخدم أهدافها وما إغراق السوق الإعلامي بالجرائد الصفراءعنا ببعيد. إن وعينا بخطورة المخطط الرهيب الذي يجعل مجرد جهاز استقبال في غياب أي رد فعل، يحتم علينا طرح برنامج ثقافي مقاوم يمكن من انتشال الجامعة من وحل التمييع والتبعية والإلحاق الذي أصبح يهددها ويجعل منها مركز اشعاع حضاري متميز. إننا لا نملك إلا أن نؤكد حقيقة مفادها أن جل فعاليات الحركة الطلابية لديها وعي بالمسألة الثقافية ودورها في المحافظة على السيرورة النضالية. لكن المشكل يكمن في كيفية ترجمة هذا الوعي على ارضية الواقع عبر تحديد المنطلقات والوسائل والأهداف. فنجد من يجعل من المحطات الثقافية فرصة لحسم خلافات سياسية قلما يدرك الطالب -في ظل أمية ثقافية- فحواها،وآخر يجعل منها مهرجان احتفاليا للدعاية الحزبية والسياسية في تغييب شامل لأبسط ركائزالعمل النقابي. إن على ما هو ثقافي ربط الطالب بمحيطه من أجل معانقة هموم الشعب وتبني قضاياه في أفق خلق وعي راشد. ولتحقيق ذلك يجب إعطاءالأولوية لقضايا التحرر من مثل : الديمرقراطية، حقوق الإنسان، التنمية، الجامعة والمجتمع… وحتى نصل بالعملية الثقافية إلى المبتغى وجب إشاعة جو من الحوار الذي يمكن من طرح جميع القناعات كيفما كانت منطلقاتها الإديولوجية بكل حرية، لانه لايمكن ان يواجه الفكر الا الفكر ومقارعة الحجة بالحجة في أفق البحث عن نقطة الإلتقاء بيننا من خلال فهمنا البعض للآخر. فضيل عبد العزيز

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>