“التيار الاسلامي لم يكشف بعد كل اوراقه”


انفجرت الحمى الاسلامية في الثمانينات فزلزلت منطقة الشرق الاوسط باسرها، ففي سنة 1979 وصل آية الله الخميني الى سدة الحكم في ايران؛ وفي السنة نفسها تم الاعتداء على المسجد الحرام في مكة؛ اغتيال الرئيس المصري انور السادات بعد توقيعه معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل؛ عمليتان انتحاريتان استهدفتا سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا في بيروت؛ جلاء القوات السوفييتية عن افغانستان بعد ان دحرها المجاهدون الذين سلحهم السعوديون والامريكيون…؛ ازدياد نفوذ حركة المقاومة الاسلامية حماس في الاراضي التي تحتلها اسرائيل؛ فوز الجبهة الاسلامية للانقاذ الجزائرية في الانتخابات البلدية والتشريعية؛ واخيرا الانقلاب العسكري الذي حمل الاخوان المسلمين الذين يتزعمهم حسن الترابي الى السلطة في الخرطوم فجعل من السودان اول دولة عربية في المنطقة تطبق الاسلام السني نصا وروحا. كان هذا في الثمانينات، اما اليوم فان الامر يختلف، اذ عرفت حركة المد الاسلامي تراجعا ملحوظا ابتداء من سنة 1990، تجلى في انتكاس معظم الحركات الاسلامية. فالسودان الفقير اصبح بعد خمسة اعوام من الحكم الاسلامي على حافة الافلاس بسبب التكلفة الباهضة للحرب الاهلية الوحشية، وبالاضافة الى الحصار الاقتصادي الذي يعاني منه، فقد ضربت عليه الولايات المتحدة الامريكية حصارا سياسيا منذ سنة 1993 بعد ان ادرجته في قائمة الدول الراعية للارهاب الدولي. اما في ايران فان وفاة الخميني خلفت فراغا سياسيا زاد من حدة الصراع على السلطة بين الفصائل الاسلامية المتنافسة؛ امراء الحرب في افغانستان الاسلامية يتقاتلون بينهم، بالاضافة الى الاحراج الذي سببه للحركات الاسلامية اجتياح الكويت من طرف قوات صدام يوم 2/8/90 ، التي وضعت امام اختيارصعب بين حلفائها التقليديين(السعودية ودول الخليج) وبين التزامها السياسي مع صدام، هذا  الى جانب ما اظهره الحشد العسكري الامريكي الضخم في حرب الخليج من ان و.م.أ مصممة على الدفاع عن مواردها النفطية ومصالحها الحيوية؛ انهيار الاتحاد السوفياتي والانتصار الامريكي في حرب الخليج مكنا من انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الاوسط سنة 1991 ومن توقيع اتفاقية السلام بين منظمة التحرير واسرائيل في واشنطن سنتين بعد ذلك، اما الاردن فقد جنح الى السلام مع اسرائيل، وينتظر ان تحذو سوريا حذوه قريبا. هذه الاخفاقات التي مُني بها الاسلاميون في بداية التسعينات بلغت درجة من الوضوح والتعدد جعلت معها المتخصص الفرنسي Olivier Roy يقول بان الاسلام قد فشل، بينما صرح المحلل الامريكي البارز ذو الاصل اللبناني فؤاد العجمي بان > مشروع الجامعة الاسلامية سيعرف نهايته مع نهاية هذا العقد كما انتهت القومية العربية قبل 4 سنوات<. ورغم هذه التنبؤات فانه يبدو من السابق لاوانه القول بان المشروع الاسلامي قد طويت صفحته، ذلك ان لهذا الدين جاذبية خاصة لازالت تغري الشباب وتستقطبهم في غياب اي بديل حقيقي، فقد اقترب الاسلاميون المتشددون من الامساك بزمام السلطة في الجزائر، بينما وضع اخوانهم المصريين النظام امام امتحان عسير في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في الديون وتعاني من شلل سياسي ومن نسبة بطالة هائلة. لقد تمكنت و.م.أ من حشد تحالف دولي لقتال صدام، ذلك الدكتاتور العلماني الذي لم يقتنع الكثيرون بتحوله المتاخرالى الاسلام، ولكنها قد لاتمتلك القوة العسكرية ولا السلطة الاخلاقية ولا الادارة الوطنية الكافية للتصدي لانتفاضة شعبية اسلامية معادية للغرب، قد تعصف بالانظمة الحاكمة في مصر او السعودية. Judith Miller مجلة “Foreign Affair” الامريكية ترجمته الى الفرنسية مجلة “Jeune Afrique”  ع 1770 ترجمه الى العربية ذ. كمال ابو اسماعيل مراجعة وتنقيح: احمد الفيلالي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>