نظرات في دعوته لعامة الناس
في المقال السابق تناول الكاتب دعوة النبي إبراهيم من جهة طبيعتها وأسسها الكبرى، ومن جهة ما اتجهت إليه من أصناف المدعوين وخاصة أقاربه، وفي هذه الحلقة يواصل الكلام عن صنف المدعوين من عامة الناس من قومه.
يعني الخروج بالدعوة من حيز العشيرة والأقارب، أفراد الأسرة الصغيرة إلى الجمهور من الناس لدعوتهم إلى الهدى الذي هو الطريق المختار من الله تعالى للتمكين لدينه.
وقد سجل القرآن الكريم العديد من الحوارات – أو المناظرات – بين إبراهيم عليه السلام وقومه، هدفها إخراج هؤلاء القوم من الشرك وعبادة الأصنام إلى عبادة الله عز وجل.
يقول الله تعالى على لسـان إبراهيم لما رأى عظـم الشمس: فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّوني فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (الأنعام : 78-82) لعدم اختلاط إيمانهم بشرك يعكر صفاءه؛ فالفريق الذي ينتمي إليه إبراهيم هو فريق المؤمنين الآمن بأمن الله، لأنه أخلص في العبادة لخالق السماوات والأرض الموجود في الكون كله وفي فطرة إبراهيم، وفريق قومه هو الخائف، بل هو في خوف مستمر من أن يُصاب بسوء من الآلهة التي يعبد من دون الله إن هو أراد التخلي عن عبادتها، ومن ثم فإن الأمن الموفر من الله لإبراهيم ولأتباعه هو الأمن الحقيقي، لأنه مقرون بالإيمان الصحيح والهداية إلى أقوم طريق؛ وذلك الذي عليه الفريق الآخر خوف دائم وإن ظن أهله أنه أمن، إذ الأمن قرين الإيمان وإلا فالخوف الدائم، لأنه لا أمن بدون إيمان ولا إيمان بدون إخلاص.
في الحوار السابق تبرأ إبراهيم مما يعبد قومه من الكواكب (ديانة الكلدانيين) وأعلن صراحة أنه لم يكن من المشركين وأنه توجه وجهة أخرى، غير التي عليها هؤلاء القوم، توجه إلى خالق الخلق بالعبادة لأنه أحق بها من غيره؛ وهذا التوجه المختار من إبراهيم فطري، لا رجعة عنه، لأنه من الله، فهو هداية منه سبحانه وتعالى، فلا جدوى من مناقشة الداعي إبراهيم فيه، ولا جدوى من محاولة ثنيه على الذهاب فيه، لأن اختيار الفطرة اختيار لا شرك فيه، اختيار حق وحقيقة بسلطان العقل لن يلحق صاحبه خوف من مخلوق عاجز مفتقر إلى غيره ليحقق كيانه.
وصفوة القول عن هذا الحوار : إن إبراهيم الداعي إلى الله مؤيد من خالق الخلق سبحانه وتعالى بهدايته إلى الإيمان الذي فيه سعادته وسعادة أتباعه بتحقيق الحصانة والأمن لهم من بطش باقي المخلوقات.
ويقول الله عز وجل : وَلَقَد آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمَ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِنَ الشَّاهِدِينَ وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ قَالُوا فَاتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قَالُوا آنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمُ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (الأنبياء : 51-69).
الحوار في الآيات السابقة بين إبراهيم من جهة وأبيه وقومه من جهة ثانية، عبدة الأصنام المدعوين إلى عبادة رب العالمين، حوار تحدّ وقَرْع للحجة بأخرى أقوى منها، حوار يعكس مدى وثوق إبراهيم المؤمن بما هو عليه من الحق والجرأة في الإفصاح عن المعبود الحقيقي، رب العالمين، خالق السماوات والأرض، في وجه من يعبدون التماثيل التي لا تنفع ولا تضر، تُعبد بحكم أنها مما ورثه الأبناء عن الآباء لا لأحقيتها بالعبادة، إنما لأسبقية جرت العادة على الامتثال لها وعبادتها من قِبل الآخرين.
وقد كان لجرأة وثوقه في تنفيذ قسمه بالكيد الذي يلحق المعبودات بتكسيرها وتقطيع أوصالها، أن جعل قومه بين متسائل ومشكك فيما وقع للآلهة التي لا تنفع ولا تضر، من الهدم وفقدان للهيبة أمام المتعبدين بها ظلما وجهلا بعدم أهليتها لأن تتخذ آلهة.
كما كان لجرأة إبراهيم في القضاء على الآلهة بتكسيرها أن تم الحكم عليه بالحرق بعد ما حكم هو عليها بالهدم. فنفذ حكمه بالقضاء عليها، إلا أن التأييد الإلهي جعل النار التي تحرق بردا وسلاما على إبراهيم.
وفي الحوار تبكيت وسخرية من إبراهيم بهؤلاء القوم وبمعبوداتهم التي أنزلوها منزلة العاقل وبمنزلة المستحق للعبادة التي هي خاصية لله تعالى وحده لا شريك له.
إن إبراهيم دعا قومه بطريقة لا يمكن لصاحب عقل أن ينفر منها، قال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ(الشعراء : 69-90) العابدين لرب العالمين أعداء التماثيل والأصنام التي ظل قوم إبراهيم لها عابدين.
في هذه الآيات سأل إبراهيم أباه وقومه عن الأصنام التي يعبدون والمُنزلَة منزلة الإله؛ فنبههم إلى أن من خصائص المعبود أن يسمع وينفع ويمس بضر من يعبدونه، كما أن من خصائصه أن يخلق ويهدي الخلق إلى عبادته ويطعمهم بالطعام المعهود ويسقيهم بالشراب المعروف لديهم، ويشفيهم إذا مرضوا ويغفر لهم ذنوبهم وخطاياهم، ويميتهم ثم يحييهم غدا يوم القيامة للحساب فالجزاء بالثواب أو العقاب.
والظاهر في هذه الآيات أن إبراهيم لم يمل ولم يكل من تكرار الإعادة والمحاولة لإقناع أبيه وقومه للعدول عن شركهم وكفرهم بالله تعالى الذي هو أحق بالعبادة، لأنه الخالق والرازق والغفار للذنوب والخطايا. ورغم أنه مؤيد من الله تعالى بإرشاد وتوجيه منه سبحانه، فإنه دعا الله تعالى المزيد من القوة في العلم والصلاح والصيت الحسن والذكر الجميل في الآخرين وإراثة الجنة دار المتقين، وطلب المغفرة لأبيه الذي ظل متمسكا بضلاله.
يقول الله عز وجل: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين (الصافات : 83-99) إلى عبادته بفضله وجوده علي وعلى أتباعي؛ فالداعية إبراهيم تابع مسيرة نوح عليهما السلام في الدعوة إلى أصول الدين، إذ ما دعا إليه إبراهيم قومه مختلف من حيث فروعه عما كان زمان دعوة نوح. والأساس الذي جاءت من أجله جميع الدعوات وتناولته هو توحيد الإله المعبود بدلا من الآلهة/المعبودات والمنحوتات التي لا تنفع ولا تضر. فعبادة الآلهة إفك في حق الإله الواحد رب العالمين الذي هو أحق بالعبادة.
وللتعامل بحكمة مع الآلهة التي ينتظرها فعل غير متوقع ممن يعبدونها وهو الضرب والهدم، أخبر الداعية إبراهيم قومه أن به سقما للابتعاد عنه وعدم القرب منه حتى ينفذ فعله الذي هو المصير المحتوم للمعبودات المصنوعة والمنحوتة بأيدي العابدين لها. فكان استعمال هذا الأسلوب وهذه الطريقة من إبراهيم في التعامل مع الأصنام مما تقتضيه الظروف والمرحلة التي تعيشها الدعوة والداعية إبراهيم .
بعد أن دعا إبراهيم أباه الدعوة الخاصة، انتقل إلى الدعوة العامة بدعوة قومه، يسأل إبراهيم قومه منكرا عليهم متعجبا من حالهم في اتخاذهم أصناما لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، يعكفون على عبادتها، لأنهم حسب زعمهم وجدوا الآباء والأجداد يفعلون ذلك، وهذا هو التقليد الأعمى. وإزاء هذا الوضع أعلن إبراهيم براءته من هذه الآلهة المزعومة وعداوته لها، بل ويعلن ضجره وتأففه من صنيع قومه ومن آلهتهم: أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُون (الأنبياء : 66).
وهذا تدرج حكيم في الدعوة، فقد بدأ معهم متسائلا، موجها وناصحا. ثم بين لهم اتباع أهوائهم وتقليد آبائهم، فلم يكن هناك بد من تنبيههم إلى ضلالهم وضلال آبائهم من قبلهم: قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِين (الأنبياء : 54) ثم أخذ يوضح لهم حقائق التوحيد الخالص بالتعريف برب العالمين خالق الخلق ورازقهم، بحيث ذكر صفات تدل على أن الرب، الله جل جلاله هو المستحق للعبادة دون الآلهة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، ولا تميت ولا تحيي ولا تشفي، ولا تطعم ولا تسقي.
ومن ثم فإن منهج إبراهيم في الدعوة هو منهج باقي الأنبياء، وأتباع الأنبياء، فكل دعوة تحيد عن هذا المنهج لا يكتب لها النجاح.
ومما سجله القرآن الكريم في مجال مناظرة إبراهيم لبعض قومه قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة : 257)، الذين يدَّعون إمكانية الاشتراك مع الله في بعض ما تفرد به من إحياء الخلق وإماتتهم، فنمرود بن كنعان بن سنجاريب بهذا الادعاء (وهو المحاور لإبراهيم في هذا النص) أراد أن يتقاسم الربوبية مع الله، خالق الخلق أجمعين، بل أراد نزع صفة الربوبية عن الرب الذي يدعو له إبراهيم، فجعل نفسه ندا ومثيلا لرب إبراهيم ورب الناس أجمعين؛ فانتقل به إبراهيم في الحجاج الدائر بينهما إلى دليل قاطع يزيل به فهمه الطاغوتي الظالم في حقه وحق غيره، وهو دليل تعجيزي يبرهن على مدى قوة وعظمة رب إبراهيم، خالق الخلق والناس أجمعين، هذا الدليل هو طلب إيتاء الشمس من المغرب بدلا من مجيئها من المشرق.
يتبــع
———————-
عبد القادر محجوبي: باحث في الدراسات القرآنية