خـبـر إحداث سوق مر جان بفاس يأتي على 14 ألف شجرة ويزيد من مأساة البيئة بالمدينة


استغربت مصادر مهتمة بالبيئة في مدينة فاس لترخيص المجموعة الحضرية لقيام مشروع تجاري على حساب مساحة خضراء، وأشارت إلى أن بناء سوق مرجان سيأتي على أكثر من 14 ألف شجرة شكلت متنفسا للساكنة وتساءلت عن سر ذلك وما يعنيه الرقم بالنسبة لمدينة تعاني تلوثا خطيرا، خاصة في ظل الخصاص في المساحات الخضراء، معتبرة ذلك إبادة لرئة تتنفس منها فاس التي تعرف أكبر درجات التلوث.

ووصفت المصادر نفسها قرار بناء سوق مرجان في منطقة مخصصة لإقامة منتزه طبيعي وحزام أخضر بالارتجالي الذي يفتقد تصورا واضحا للمسألة البيئية.

وكانت المجموعة الحضرية لفاس صادقت في دورة استثنائية انعقدت في 6 يونيو الماضي على تفويت قطعة أرضية مساحتها 14 هكتارا على ضفاف وادي فاس، لأونا قصد بناء أروقة تجارية لفائدة سوق مرجان، وكان جمالأكزناي، رئيس المجلس المديري لمجموعة كوفارما، وعبد الرحيم الفيلالي بابا، رئيس المجموعة الحضرية، وقعا بمقر الولاية اتفاقية خاصة بإنجاز المشروع تضع بموجبها المجموعة الحضرية رهن إشارة “أونا” القطعة الأرضية المذكورة على سبيل كراء طويل الأمد.

وتحدث مصدر من المديرية الجهوية للمياه والغابات بفاس عن ارتجالية القرار وغياب رؤية بيئية واضحة، وقال إنه “قبل خمس سنوات تم الإقرار بتشجير منطقة وادي فاس في إطار مشروع الحزام الأخضر للمدينة، والآن قرروا إحداث المشروع التجاري مرجان بنفس الموقع”. وقدر المصدر نفسه قيمة الاشجار المجتثة لإقامة المشروع بزهاء 10 ملايين سنتيم، مؤكدا أن مديرية المياه والغبات اشترطت على المجموعة الحضرية أداء هذا القدر المالي ومبلغ مليون و100 ألف درهم المخصصة لتشجير 150 هكتارا بوادي فاس، في غضون 2003. مشيرا إلى أن المديرية التي وقفت على حجم الخسائر عند بداية اجتثاث أشجار 14 هكتارا القائم فوقها، ستعمل قريبا على تشجير مناطق بديلة وتعويض ما تم اجتثاثه من أشجار، وأوضح مصدر بيئي أن منطقة وادي فاس محرمة البناء.

واعتبر مصدر مقرب من المجموعة الحضرية مشروع إحداث سوق مرجان بالمدينة مهما، ومن المشاريع الاقتصادية المهمة في تنمية القطاع التجاري على صعيد ولاية فاس، إضافة إلى ارتباطاته القوية مع مجموعة من الصناعات التحويلية الموجودة بالمدينة”. وقال “لفاس شرف كبير في أن تكون من ضمن المدن التي شملتها تغطية سلسلة أسواق مرجان” وأكد أن منطقة وادي فاس أكثر تأهيلا لاحتضان المشروع وينتظر منها ” أن تشكل قطبا اقتصاديا وسياحيا مهما باعتبارها تمتد على 180 هكتار كلها مخصصة لتنفيذ مشاريع ذات مردودية اقتصادية”.  وكانت المجموعة الحضرية لفاس أبرمت سنة 1997 عقدة مع المندوبية الجهوية للمياه والغابات بالمدينة من أجل تشجير منطقة وادي فاس على مساحة تناهز 150 هكتارا رصد لها مليون و200 ألف درهم، تعهدت المجموعة الحضرية بتأديته في غضون السنة المقبلة. وتم تشجير المساحة الأرضية التابعة للمجموعة الحضرية بأشجار اليوكاليبتيس و”السيبري والورقيات والصنوبريات بمعدل ألف شجرة في الهكتار الواحد. أما تكاليف غرسها فتصل إلى نحو 6 دراهم للواحدة ولم تمض سوى 5 سنوات على تشجير المنطقة، في إطار مشروع الحزام الأخضر حول مدار تهيئة النسيج لفاس، حتى تقرر إحداث سوق مرجان بها.

ومن المرتقب أن يفتح سوق مرجان أبوابه خلال شهر دجنبر القادم، ويمتد على مساحة إجمالية تصل إلى 14 هكتارا مع أرضية للبيع تبلغ مساحتها ما ينيف على 6 آلاف متر مربع. ويضم المركز التجاري لمرجان 23 متجرا ومساحتين إضافيتين على امتداد 1816 مترا مربعا. وسيتم تجهيزه بـ 32 صندوقا للأداء.ويتوفر أيضا على مستودع للسيارات تصل طاقته الاستيعابية إلى 1050 سيارة.و سيساهم فيإحداث 250 منصب شغل قار و250 منصب غير مباشر، ويتعرض المجال الأخضر بمدينة فاس للاستنزاف. حيث كانت أشجار ضخمة عمرت طويلا في شارع أحمد شوقي خلف مقر الولاية لقيت المصير نفسه وتم اجتثاثها خلال الليل لاستغلالها كحطب للأفرنة. إضافة إلى اجتثاث أشجار قرب ملعب الحسن الثاني وفي جنان الكامل واحياء المدينة الجديدة وزواغة السفلى وطريق عين الشقف. يحدث ذلك بينما تشكو المدينة خصاصا بينا في المساحات الخضراء التي تبلغ المهيئة منها 83 وحدة (95 هكتار)، ولا تبلغ المساحة الخضراء المخصصة لكل فرد بالمدينة سوى مترين مربعين مقابل 10 أمتار مربعة كمعدل عالمي حسب دراسة أعدتها مديرية الدراسات بالوكالة الحضرية وإنقاذ فاس حول المجال الأخضر والتخطيط الحضري.

واقترح المخطط الخاص بتوجيه العمران بفاس الذي تمت المصادقة عليه سنة 1995، برمجة حزام أخضر بعمق 2 أمتار وإنشاء منتزه واد فاس وآخر بواد المهراز على مساحة 450 هكتارا. إضافة إلى عدة تدابير تتوخى الحفاظ والاهتمام بالمناطق الخضراء خاصة بالمدينة العتيقة، وتخصيص 7 بالمائة من المساحة الإجمالية التي سيتم إنجازها للمجال الأخضر.

وكان منتخبون ومسؤولون وفاعلون وممثلون للمجتمع المدني اصدروا على هامش اجتماعهم بمقر ولاية فاس في يونيو من السنة الماضية “ميثاق فاس من أجل تكثيف العناية بالمجال الأخضر”، التزموا فيه بإيلاء المجال الأخضر العناية للازمة وتكثيف الاشتغال على التصميم المديري الأخضر وتسريع إنجازه. إضافة إلى رفع أعداد المنتزهات وإدماجها في منظومة السياحة الخضراء والمضي في تعداد الحدائق وتنشئة الأجيال على احترام النبتة وغرسها وتبنيها والعناية بها. وأكد الميثاق ضرورة تفعيل قانون حماية البيئة عامة والأغراس خاصة، والتصدي للمخالفات في المجال بكل حزم ومسؤولية و”اعتبار رجل السلطة والمنتخب والمواطن العادي مسؤولينعلى قدم وساق”. لكن ذلك يبقى إلى الآن، بنظر مهتمين بالبيئة، حبرا على ورق، ويستدلون بزحف العمران على المساحات الخضراء واستنزاف الأشجار، ويرون أن “إبادة 14 ألف شجرة بوادي فاس أكبر شاهد على المأساة التي تتعرض لها البيئة بالعاصمة العلمية”.

عن جريدة الصباح بتصرف

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>