ألم قلم : “رجال ديننا” و”رجال دينهم”


أعتذر للقارئ الكريم أولاً عن هذا التعبير غير المقبول شرعيا، لما يتضمنه من حمولة كهنوتية وكنسية، نعم يمكن، بل ينبغي أن يكون لنا علماء شريعة وفقه وأصول وتفسير وحديث وما إلى ذلك، لكن لا يتصور أن يكون لنا “رجل دين” بالمفهوم الكنسي أو حتى بالمفهوم الصحافي المترجم الذي تستعمله وسائل الإعلام.

لكن مع ذلك، ولذلك استعملت التعبير بين قوسين، متأملا ما حدث مؤخراً في مصر من لقاء بين رجال دين مسلمين ومسيحيين ويهود، كان من بين رجال الدين المسلمين شيخ الأزهر ومن بين رجال الدين اليهود حاخامات ووزراء في حكومة العدو، وكان موضوع اللقاء كما ذكرت وسائل الإعلام الوضع “المتأزم” في “الشرق الأوسط”.

من القراءة الأولى لتشكلة الوفود (وموضوع اللقاء) يلاحظ ما يلي :

- أن موضوع اللقاء -حسب التصنيفات السائدة اليوم- هو موضوع سياسي بالدرجةالأولى.

- أن السياسة الرسمية الحالية في العديد من البلدان العربية تفصل السياسة عن الدين، وترى أن “رجال الدين” ينبغي أن ينظروا في أمور الحيض والنفاس، ولا علاقة لهم بالسياسة.

- وإذا كان الأمر كذلك فلماذا اسْتَدْعى رجالُ السياسة رجال الدين إلى هذا اللقاء؟!.

- والمقارنة البسيطة بين “رجال الدين” المسلمين وحاخامات اليهود تبين بوضوح أن “رجال الدين” المسلمين فقهاء رسميون موظفون لدى الدولة، بينما حاخامات اليهود ساسة محترفون يمثلون تياراً سياسياً وحزباً رسميا داخل كيانهم، يدافعون من خلاله عن تصورهم الديني والسياسي.

فماذا يعني هذا اللقاء؟ ولماذا لم يستدع العربُ “رجال الدين” الذين يشكلون تياراً سياسياً ولا نقول “حزبا رسميا” لأن الأحزاب الدينية ممنوعة في بلادنا العربية؟!

هل “رجال الدين” المسلمون الذين حضروا هذا اللقاء السياسي يفقهون أمور السياسة كما يفقهُها حاخاماتُ اليهود الوزراء السياسيون؟؟

لماذا لا يوظف حكام العرب “رجال دين” مسلمين في مناصب مسؤولة كالوزارة مثلا؟ وإذا كان “رجال الدين” الرسميون لا يفقهون في السياسة كما يقولون، فلماذا لا يُوظّف في هذه المناصب “رجال الدين” غير الرسميين الذين يفقهون في السياسة كما يفقهون في الدين؟

لماذا تسمح الدول غير الإسلامية بتكوين أحزاب دينية مسيحية وبوذية ويهودية ولاتسمح الدول الاسلامية بذلك؟؟

هل الإسلام يفرق فعلا بين الدين والسياسة؟؟

هل “رجال الدين” المسلمون غير مؤهلين للخوض في مجال السياسة؟؟

أسئلة أترك للقارئ الجواب عنها.. أو لمن يهمه الأمر.

لكن لقاء القاهرة ونتائجه قد يُسَاعِدُ على الجواب، فبعد أن انتهى اللقاء، اعترض مراسلوا وسائل الإعلام شيخ الأزهر فرفض الكلام، وسألوا أحد الحاخامات فقال : >ناقشنا عدة قضايا من بينها دخول اليهود إلى بيت المقدس للصلاة<.

> د. عبد الرحيم بلحاج

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>