المذاهب الهدامة تسعى إلى تدمير البشرية بقصد القضاء على مقوماتها الدينية والأخلاقية مع إشاعة الفاحشة بين أبنائها حتى لا يبقى شيء مقدساً واستغلال كل ذلك سياسيا واقتصاديا ودينيا واجتماعيا. يتقدم الجميع الصهيونية العالمية التي أسست الماسونية لتكون إطارا أساسيا لكل تجمع مدني أو سياسي منفصل عن هويته وشخصيته تحت غطاء شعارات جوفاء ظاهرها الصلاح والإصلاح وباطنها الفساد والإفساد وإثارة الأحقاد وحبك المناورات والمؤامرات لبسط السيطرة على الأمم واستغلال خيرات البلاد واستعباد العباد باسم الحرية والأخوة والمساواة والمناداة بتحرير الشعوب ونشر الأمن والأمان والديموقراطية وحقوق الإنسان و…..
الصهيونية أم الجميع.
الصهيونية والشيوعية وجهان لعملة واحدة يقول الفيلسوف الإسلامي محمد إقبال : “إن الرأسمالية والشيوعية تلتقيان على الشره والنهامة والقلق والسآمةوالجهل بالله والخداع للإنسانية وإن الشيوعية ثارت على العلم والدين والقيم، والرأسمالية تنزع الروح من جسد الأحياء وتسلب القوت من أيدي العاملين والفقراء، رأيت كليهما غارقاً في المادة فجسمهما قوي نضير وقلبهما مظلم فاجر”.
ولربما يقول اشتراكي أعمى البصيرة : “إن الاشتراكية شيء والشيوعية شيء آخر ” فأقول بكل صراحة ووضوح :إن أمهم واحدة وآباءهم شتى لا فرق بين أصفر فاقع لونه ولا بين أحمر قان ولا بين أسود قاتم. يقول المؤرخ الكبير محمد عبد الله عنان : ” الاشتراكية تقصد إلى ما تقصد إليه الشيوعية ذاتها لا تفترق عنها إلا في بعض الإجراءات الخاصة ترمي في النهاية إلى الشيوع “.
والاشتراكية الثورية هي الشيوعية ذاتها لا تفترق عنها إلا في الإجراءات والتفاصيل الشكلية.
ويقول الكاتب الكبير فرانك. ل. بريتون : ” وأما الحقيقة الراهنة فهي أن الصهيونية والشيوعية صنوان صنيعهما واحد وغايتهما واحدة وما اختلافهما الظاهر سوى ترتيب مؤقت اقتضاه النجاح في السعي إلى الغاية الواحدة حتى إذا تحققت الثقة بالنجاح اتحدا معا للسيطرة على العالم.
ويقول روبرت وليامز : ” إن الصهيونية ليست شقيقة الشيوعية فحسب بل هي أمها”. ويقول أيضا : “وليست الشيوعية والصهيونية سوى مظهرين لقومية واحدة هي القومية اليهودية”.
وكل اشتراكي لا يعطي ولاءه لوطنه وأمته إنما يعطي ولاءه للشيوعية والذي يعد بالتبعية ولاء للصهيونية.
لماذا الكلام عن الشيوعية ؟.
ويمكن لقائل أن يقول لماذا الكلام عن الشيوعية الآن وقد أفل نجمها بعد ما خاب سعيها وباءت بالخسران المبين بل أصبحت ذيلا تابعا للإمبريالية الأمريكية تستجدي منها قوتها مقابل الخضوع والخنوع للعم سام الذي أصبح يغدق عليها من الخبرات ما يساعدها على حرب المسلمين في الشيشان وفي كل مكان من جمهوريات القوقاز الإسلامية.
نعم كل هذا وأكثر من هذا صحيح لولا وجود فقراء ماركس ولينين الذين بثتهم الشيوعية باسم الاشتراكية بين أظهرنا ولا زالوا يحلمون بعودتها ويتمسحون بضريحها حتى قال قائلهم وهو يشارف القبر بصوت متهدج وفي وهن وضعف وخوار أمام ممثلي الأمة في المغرب : ” يقولون الشيوعية ماتت والله ما ماتت الشيوعية بل هي حية في قلوب أتباعها “.
وهنا يمكن أن يطرح سؤال على الزعيم الراحل ومن على شاكلته الذين يحلمون بعودة الشيوعية فلماذا تتمسحون بالإسلام ؟ ألم تقل مبادئ الشيوعية نومن بثلاثة ونكفر بثلاثة : نومن بماركس ولينين واستالين ونكفر بالله والدين والملكية الخاصة.
ألا يبين هذا أن كل من آمن بالشيوعية فهو بمفهوم المخالفة ينسلخ عن دينه وهويته وينطبق عليه قول الله تعالى :
{ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير} – الحج -.
هجوم الشيوعية علىالعالم الإسلامي.
هذه الشيوعية التي هاجمت العالم الإسلامي باسم بُشْرَيَات الاشتراكية والثورية والتقدمية والبعثية و….. إلخ وجاءت على حين غفلة من أهله على إثر الصدمة القاتلة التي وجهها له الاستعمار الغربي والخلخلة التي أحدثها في الدين والقيم والأخلاق قصد إبعاد الإسلام عن كل مجالات الحياة الشيء الذي هيأ الظروف المناسبة لنشر تلك الأفكار المسمومة والمبادئ المخربة.
جاءت تنادي – كذبا وزورا- بمناصرة المستضعفين والدفاع عن حقوق المحرومين والوقوف في وجه الطغاة والمستبدين وأغرقت البلاد والعباد بالشعارات الخادعة.
نعم جاءت بهذا الوجه المشرق بعدما ضربت الحصار الكامل حول ما تقوم به في الدول الإسلامية التي أوقعتها تحت سيطرتها كتوركستان والشيشان وبخارى وسمرقند…… وغيرها من دول القوقاز الذين ذبحوا رجالهم وقتلوا نساءهم ويتموا أطفالهم وهدموا بيوتهم وتفننوا في المذابح الجماعية والتهجير الجماعي وحولوا المساجد إلى إسطبلات للحيوانات ودور الدعارة…. ومنعوهم من القيام بشعائر دينهم وأصبح امتلاك مصحف شريف جريمة يعاقب عليها القانون بسنة كاملة سجنا وأرغموا فتياتهم على التزوج بالشيوعيين وحرموا عليهم التسمي بأسماء المسلمين حتى أن زعيمهم الفذ استالين السفاك قتل مالا يقل عن تسعة عشرة مليونا من المسلمين من أجل تحقيق الشيوعية عملا بمبدأ سلفه لينين الملعون الذي يقول : ” إن هلاك ثلاثة أرباع العالم ليس شيءاً إنما الشيء المهم أن يصبح الربع الباقي شيوعيا ”
كل هذا يقع والعالم الإسلامي غارق في غفلته وهمومه مما جعله ينخدع بتلك الشعارات الكاذبة التي تحول النهار ليلا والليل نهارا، فغزت الصغير والكبير وتمكنت من بعض الدول فأغرقت الأمة في بحور من الدماء وأمطرتها بوابل من الشارات والشعارات اللماعة الخادعة ينطبق عليها قول الله تعالى : {كمثل الشيطان إذقال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين}(الحشر).
جاءت الاشتراكية الثورية إلى العالم الإسلامي فكرست الوطنيات الثورية والقوميات الثورية والاشتراكيات الثورية فأثلجوا صدور الصهيونية حتى قال ابن كريون لعنه الله : ” نحن لا نخاف في المنطقة القوميات ولا الوطنيات ولا الاشتراكيات إنما الشيء الذي نخافه هو ذلك المارد الذي نام طويلا وأخذ الآن يستيقظ ألا وهو الإسلام.
رذاذ الاشتراكية
هذه نقطة من بحر ما جرته الاشتراكية الثورية على الأمة ومخلفاتها المستقبلية لا يعلمها إلا الله وكان بودي أن لا أخوض في ذلك البحر الذي لا ساحل له بل كان قصدي أن أشير إلى الرذاذ الذي أصابنا من الاشتراكية الثورية انطلاقا من نهاية الخمسينات التي وقع فيها ذاك الشرخ في حزب الاستقلال وتفرخ عنه الجناح الثوري باسم ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) الذي ظهر علينا بمبادئ براقة خداعة سال لها لعاب المسحوقين والمحرومين والسذج من الفقراء والمحتاجين ولا سيما الشباب في الجامعات والثانويات ورجال التعليم بجميع أسلاكه فلم تسمع إلا الشعارات الثورية ولم تر إلا الجرائد الثورية والمجلات والكتب الشيوعية قليلها بالثمن وأغلبها توزع بالمجان والكل يظن بأن المنقذ الوحيد هو الفكر الاشتراكي والزعامات الاشتراكية الذين طالما أمطرونا بالوعود المعسولة والصيحات الثورية والخطب النارية.
لكن بالرغم من هذا البرق الخاطف والرعد القاصف لم يستطع الاستيلاء على الأمة كما وقع للشرق العربي ودخل في صراع مع النظام باعتباره نظاما رجعيا يجب القضاء عليه كما هي فلسفته الاشتراكية الثورية وبقيت الحرب بينهما إلى أن خنعوا وخضعوا وسلخوا جلودهم وألبسوا لباس الاشتراكية الثورية ممزوجة بلباس الإمبريالية الغربية من أجل أن يتمكنوا وما أن تمكنوا حتى أعلنوا أهدافهم الحقيقية وحاولواإخراج الإسلام من كل ميدان وإدخال الاشتراكية في كل مجال معتمدين على النفاق والخداع والمخاتلة والمناورة والمؤامرة كما رسم لهم أسيادهم في الوثيقة المذكورة سابقا والتي تقول : ” يجب علينا مهادنة الإسلام لتتم الغلبة عليه والمهادنة لأجل فقط حتى نضمن السيطرة ونجتذب الشعوب إلى الاشتراكية وإذ ذاك نقوم بتشويه رجال الدين والحكام المتدينين ونتهمهم بالعمالة للاستعمار والصهيونية ثم نقوم بتعميم دراسة الاشتراكية في جميع المعاهد والكليات والمدارس بجميع مراحلها ونزاحم الإسلام ونحاصره حتى لا يصبح قوة يهدد الاشتراكية “.
نعم هذه هي الإستراتيجية التي اتبعتها الاشتراكية الثورية في بلادنا فهادنوا الإسلام في بداية الأمر حتى أن حزبهم المذكور لم يعلن عن اشتراكية اسمه حتى سنة 1973 وكان أول هدف للحزب الثوري هو تعميم الاشتراكية في جميع مرافق الحياة على أنقاض الإمبريالية الرجعية حسب زعمهم وكان أول خطوة هي القضاء على التعليم الأصيل حيث شحنوا بعض الطلبة الأغرار بالفكر الثوري والذين لا يعرفون ماذا يراد بهم وماذا يراد لهم في ثانوية القرويين وأشعلوا نار الفتنة وأخذوا يطالبون الدولة مطالب تعجيزية ففتحت معهم الحوار وأقامت لهم مناظرات في إفران وغابة معمورة وسمعت إلى مطالبهم لكن المطالب لم تكن ناضجة تهم القرويين وتهم إصلاح التعليم الأصيل بل كانت مطالب ثورية من إملاء الحزب العتيد الشيء الذي جعل النظام يقوم بردة فعل قاسية فقتل من قتل وشرد من شرد وأصحاب القرار يحركون الكراكز من وراء الستار وانتهى الأمر بالقضاء على التعليم الأصيل فجففوا منابعه وقطعوا رأسه وهمشوه حتى أصبحت روافده لا تتم إلا عن طريق الراسبين والفاشلين في التعليم العام كما أفرغ من العلماء والمخلصين الصادقين وعوضوا بأساتذة اشتراكيين وصل ببعضهم الجهل حتى أنه فسر سورة العصر في قوله :” إلا الذين آمنوا ” فالإيمان بأي مبدأ كان اشتراكيا أو شيوعيا أو رأسماليا إلخ.
كما ناصب الفكر الثوري الحركة الإسلامية العداء وبدأت المعارك الطاحنة في الجامعات والمجتمع فقتل من قتل وشرد من شرد وسجن من سجن إمثثالا لوثيقة الأسياد التي تقول : ” ولكي نصل إلى الغرض فلابد من الحيلولة دون قيام حركة دينية في البلاد مهما كان شأنها ضعيف والعمل الدائب بيقظة نحو أي انبعاث ديني والضرب بعنف لا رحمة فيه كل من يدعوا إلى الدين ولو أدى الأمر إلى الموت.
نعم هذا هو الفكر الثوري وهذه هي الاشتراكية الثورية كما كانت قبل التمكين وبعد التمكين والواقع يتكلم والتاريخ يسجل {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.