هناك مكاسب منحطة وضيعة، حرمتها الشريعة لما لها من قتل للكرامة والحياء والعفة والأخلاق، إنه طريق العيب والعار، ولا يسلكه إلا أصحاب الضمائر العفنة، والذمم الفاسدة، إنه سبيل المسألة.
قال رسول الله : >ثلاث والذي نفسي بيده إن كنت لحالفا عليهن، لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو عبد عن مظلمة إلا زاده الله عزا يوم القيامة، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر<( رواه أبو يعلى والبزار).
فمن أراد أن يأكل أموال الناس دون رادع من أخلاق، أو زاجر من ضمير، أو وازع من دين، فهؤلاء يجازون بعكس مرادهم، فيفتح الله عليهم أبواب الفاقة والفقر.
إنه جمر حار لمن رضي بالعار، قال رسول الله : >الذي يسأل الناس من غير حاجة كمثل الذي يلتقط الجمر<(رواه الترمذي).
وفي رواية قال : >من يسأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر<رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
فإذا كان المسلم يملك قوت يومه وليلته وجب عليه أن يقنع ويرضى بعطاء الله ولا يتطلع إلى ما في أيدي الآخرين.
قال النبي :>من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف- أي جمر جهنم- جهنم، قالوا: وما ظهر غنى؟ قال: ما يغذيه أو يعشيه<رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد.
إنه عار يرتسم على الوجه يوم القيامة، فيفضح صاحبه فيعرف أنه كان لا يستغني بالله عن عباد الله.
قال رسول الله : >من سأل وهو غني عن المسألة حشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه<.
وفي رواية :>من سأل من غير فاقة نزلت به، أو عيال لا يطيقهم، جاء يوم القيامة بوجهه ليس عليه لحم< رواه البيهقي.
فاعلم أخي المسلم أن حقيقة الغنى غنى النفس، فقد قال رسول الله :>ليس الغنى عن كثرة العَرض، ولكن الغنى غنى النفس<(متفق عليه).
فلهذا دعا الإسلام إلى الضرب في الأرض ابتغاء الرزق قال رسول الله :” ما أكل احد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده” رواه البخاري.
أما المسألة فحرام إلا على ذي ثلاث، عن قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال: تحملت حمالة- وهي الدية يتحملها المصلح بين فئتين فأتيت رسول الله أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال قبيصة: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة:
1- رجل تحمل حمالة ….
2- ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش.
3- ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجا – أي العقل- لقد أصابت فلانا فاقة.
أما سوى ذلك فهي سحت يأكلها صاحبها. رواه مسلم.