تأملات إيمانية: حصنّوا حصونكم أولاً


ثمّة ظاهرة متكررة ومعتادة في كل وسط شبابي من المسلمين المتحمسين من غير علم ولا رويّة كلما اجتمعوا في مجلس وضمهم لقاء كريم أو التقوا في عشية مناسبة وهي أنهم ما إن تحدثهم عن دينهم وواقعهم وآمالهم حتى ينهالوا عليك بشلال من الأسئلة والمقترحات والملاحظات والأحلام ناسين حقيقتهم وحقيقة واقعهم وحقيقة ملامح عصرهم وسماته وخصوصياته.

فإذا انساق معهم من يرشدهم أو من يقوم بتوعيتهم ظناً منه أنه يوعيهم أو يكسبهم لدعوة الله جل جلاله فهو خاطئ غير مسدد، فلا يزيدهم غير التخلف والهوى والبعد عن مسؤوليتهم الخطيرة الفريدة المحور الأول والأساس لقاعدة العمل والابتداء بالبداية الصحيحة للسير نحو الجهاد الحق والتقوى الحق والعبادة الحق فالفتح والنصر.

نقول لهؤلاء :

أيَّها الأحباب !

يا قرّة عيون أمّة محمد!

أر أيتهم أنه يكفي أن تنادوا بالتجنيد فتخوضوا الحرب رأساً وتقاتلوا حالما تلبسون الزيَّ العسكري وتنطقون بالنطاق الرسمي لهذا المسلك المعروف ؟ أم أن الأمر يتطلب منكم كثيراً وكثيراً من التدريب والتمرين على فنون الأسلحة والخطط الحربية والمظاهر والصدق على الدوام والحضور والحرص عليه والتمسك بالخلق العالي من السجايا والمزايا والاعتصام بالمعاني المعنوية والكفاءة الراقية المرنة للاستعداد بالبذل والفداء وتحمل المشاق والمصاعب والمتاعب، فما لم تثبتوا جدارتكم وجنديتكم حقاً؛ فهل تليقون أن تجندوا للأفواج المجاهدة وترسلوا هكذا اعتباطاً إلى ساحات الحرب الرهيبة ؟!

فإذن ثمّة مراحل وخطوات ومدارج في طريق الإسلام قبل أن تدعوا الناس إليه وتطلبوا منهم مناصرتهم والإستظلال بظلاله الوارفة الطارفة.

وهكذا يوجّه أنظارهم وقلوبهم إلى أنفسهم ذاتهم قبل كل شئ ، حتى إذا انتهوا من هذه المرحلة وأكملوا شروطها وملامحها بصدق و  اعتزاز ، طلب منهم أن يتحركوا إلى غيرهم بعدما تهيّئوا هم وظهروا للوجود كنماذج ناجحة صادقة لما يؤمنون به ويدعون الآخرين إليه.

ولتكن هذه الصبغة الأصيلة هي القاعدة مع الشباب المبتدئين والمظهرين إستعداداتهم للتنجيد والراغبين في الانخراط في الخدمة الفعلية الصحيحة في معسكر الإسلام الكريم.

فمثلاً : اليوم تعلن المسيحية المنحرفة حملة صليبية جديدة بل وهجمة ضارية شرسة بكل أفانين القوة والمكر والدهاء والخدعة والقدرة الضاربة في الأرض ضد الإسلام والمسلمين في محاولة جادة أثيمة لإبادتهم ومسحهم من تأريخ الأرض والإنسانية إن استطاعوا.

ولكن خابت ظنونهم وخاب فألهم ، فليس الإسلام ديناً وضعه البشر أو مجموعة من البشر أمثالهم من انحرافاتهم وأهوائهم بل هو دين الله الحق وهو المتكفل بحفظه ورعايته وإعلائه على الدين كله.

نعم لقد بدأوا بشراسة ووحشية يفوقون بها الحيوانات الكاسرة ، مغتنمين فيكم فرص جهلكم وغفلتكم وتفرقكم، فما لم تعمروا قلاعكم وتحصّنونها خير تحصين بالعلم والوعي والوحدة ملموساً، مشهوداً فلا معنى بالإهتمام بغيره من الأمور والقضايا بل هو من علامات الغباء والاستدراج والكيد الشيطاني الكافر.

نعم أيها الأخ الرابض في معسكر قرآنه !

أقبل على النفس واستكمل فضائلها

فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

ألا غفر الله لهذا الشاعر الحكيم في إبداع إظهار هذه الحقيقة والحكمة والصواب والبداية الصحيحة القوية المضمونة للهداية الراسخة الشامخة كالطود العظيم وكل شئ قبلها أو بعدها من غير موسمها ودرجتها وأهميتها فركض واستطلاع باطل على السراب الخداع فالضياعُ والهلاك في صحراء التيه القاتل الرهيب.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>