تركيا له شبه كبير بالمغرب فكلا البلدين كان دولة كبرى امتد نفوذ هما بل دولتهما إلى أوربا وإن كان التوغل التركي كاد يصل إلى فيينا.
وفي تركيا كان الخليفة وفي المغرب كان -وما يزال والحمد لله- أمير المؤمنين وكلتاهما تآمر عليهما العالم النصراني فمزق الأولى شر ممزق ولم يقصّر في تمزيق المغرب لولا أن الله سلّم فاسترد الصحراء ولتركيا شعب متعدد الأعراق ولا سيما الترك والكرد يوحدهما الإسلام وفي المغرب شعب من البربر والعرب يوحدهما الدين واللغة وكلتاهما في موقع استراتيجي هام. وهناك عناصر أخرى من التشابه لكن تركيا تقع في مفصل حيوي فيما أصبح الآن يعرف بالشرق الأوسط ولأمريكا وأوربا من المصالح الاستراتيجية والحيوية في تركيا ما تفرض عليها أن تبقي تركيا حية ولكن شبه مشلولة. وقد ظلت تركيا ترزح تحت الحكم الاستبدادي الطاغوتي منذ تقويض الخلافة على يد الاتحاد والترقي ثم على يد مصطفى أتاتورك ويهود الدونما إلى الآن تقريبا، وعندما استلم عدنان مندريب الحكم بالانتخاب انقلب عليه حماة “العلمانية التركية” أي العسكر أعداء الإسلام ونفذوا فيه حكم الإعدام لأنه سمح بالأذان بالعربية بمآذن تركيا كما وعد الناخبين.. وعندما صعدت الحكومة الاشتراكية بالتحالف مع حزب السلامة لأربكان واستطاعت الحكومة أن تقوم بإنجازات عظيمة في ميدان التصنيع (80 مشروعا من الصناعة الثقيلة) وحماية قبرص الإسلامية بالتدخل العسكري التركي وتخفيض نسبة التورم (التضخم) وتقوية الليرة التركية وسحب الأموال التركية من البنوك والمؤسسات المالية الغربية التي كانت تدفع لتركيا 5% فقط ربا عليها في حين كانت تقترض من بنوك الغرب ب 15% بل أكبر، وقللت من الاعتماد على القروض الأجنبية وغير ذلك من الانجازات العظيمة عندما رأى الغرب أن تركيا ستفلت من قبضته وقع انقلاب عسكري آخر على يد حماة العلمانية الأشاوش ذوي الرتب العسكرية العالية الذين تزين صدورهم أوسمة ونياشين تنوء بحملها النوق والحمير والبغال مجتمعة.
والآن ماذا يقع في تركيا؟
انهيار ذريع لجميع الأحزاب ماعدا حزب العدالة والتنمية والحزب الجمهوري بزعامة بايكال النصيري وسقوط فروع لزعماء ظلوا عقودا يخربون تركيا بالتعاون مع القوى الخارجية والقوارض الداخلية وصعود كاسح لشباب وطنيين بأيدي متوضئة وقلوب طاهرة وعقول نيرة وخبرة غنية وحكمة بعيدة الغور، استطاعت حكومة هؤلاء في ظرف وجيز أن تحقق لتركيا مالم يتحقق لها منذ ثمانية عقود أي ثمانين سنة ما عدا فترة حكم أجاويد -أربكان القصيرة. فقد انخفضت نسبة تورم العملة (تضخم العملة) -ارتفاع نسبة الدخل، تدشين مآت المشاريع الهامة -ارتفاع نسبة السياحة (لا السفاحة) تحقيق إصلاح شامل للمدن والقرى التي يرأس مجالسها هؤلاء الأناس الذين يتطهرون انخفاض نسبة الديون الخارجية، نجاح باهر للسياسة الداخلية، ولا سيما حل نهائي للمشكلة الكردية، نجاح معجب للسياسة الخارجية… إن الحكومة الحالية شجًى في حلوق حلفاء تركيا ولا سيما أمريكا وبعض أعدائها الحقيقيين وبعض جيرانها الذين من مصلحتهم أن تظل تركيا تحت الحذاء الأمريكي وتحت عيث الفساد والفاسدين، لكن القضاء على الحكومة التركية هذه لن يمر بسهولة فربما يعصف معها المتآمرين أنفسهم، فما العمل؟
تحريك “القاعدة” بل القواعد، وحتى الشذوذ الخارج عن “القاعدة”، فما يقع في تركيا أمر دُبِّر بليل في مختبرات “الارهاب” ومصانعه وكواليسه لشل تركيا وإخضاعها للطاغوت، لآلهة المال وسدنته وعُبّادِه في نفس الوقت، ونحن ما علينا إلا أن نؤمن بأن ما يقع هُو أن المسلمين بزعامة ابن لادن صاحب اللحية والعمامة واللباس الأفغاني يعتدي على إخوانه المسلمين المكرطين (الحليقين)والملتحين معا، إن سطوة هذه “القاعدة” التي استطاعت أن تمتد إلى رمز أمريكا : البرجين، البنتاغون لقادرة بسهولة كبيرة أن تسلط إرهابها على تركيا وغيرها من الدول الصغيرة الضعيفة المصابة بالوهن بسبب الفتن الداخلية (المصنوعة) والخارجية المصدرة…
إننا نصدق أن ما يقع داخل بلاد المسلمين ولاسيما في تركيا هو من صنع “القاعدة” الملتحية المعممة التي أصبحت أقوى دولة في العالم، تهابها جميع الدول والشعوب، أما الدول العظمى المسكينة فهي مثلنا ضحية إرهاب القاعدة، وصدام حسين، والشباب الملتحي وبعض “المكرطين” وما على تركيا والضعاف إلا الخضوع لمشيئة الكبار والاستسلام لقيودهم وأصفادِهم وأغلالهم وحبالهم وعصيهم وهرواتهم حتى لا تدخل العصر الحديث إلا وشعوبها عبيدا وإماءا أذلاء خانعين. {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.} {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
فاللهم إننا نعوذ بك من شرورهم ونجعلك في نحورهم. اللهم اكفنا شرهم وشر عساكرهم وأعوانهم. اللهم إننا نعتمد ونتوكل عليك ونثق ثقة تامة بقولك العظيم : {فسيكفيكم الله وهو السميع العليم} وإلى الأمام يا تركيا فالله معك.{وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا} {وإن جندنا لهم الغالبون} {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.
صدق الله العظيم وكذب كلُّ معتد أثيم عُتُلِّ بعد ذلكَ زنيم.