كلمة الدكتور إبراهيم جوب رئيس رابطة علماء المغرب والسنغال دعت إلى:
1- العناية باللغة العربية وجعلها أداة التواصل بين المسلمين في العالم.
2- نقل تجربة المؤتمر إلى بلدان إسلامية أهلها عطاش للقرآن الكريم وعلومه.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
سيدي رئيس الجلسة
حضراتي السادة،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
وبعد،
أعترف وأعتبر الاعتراف شرفا أنني عوجلت وأنا أضم أوراقي أمس إلى هذا البلد المسلم الحبيب وإلى هذه الندوة العالمية الأولى، أقول عوجلت فحملت كل الأوراق إلا الكلمة التي أعددتها.
وأسأل الله تعالى أن يعفو عني وأن يلهمكم الصبر.
وتلك الكلمة كانت مني بفضل الله تعالى.
تذكرت أن أحد المثقفين الذي يوصف بأنه كبير في عاصمة أوربية سألني في لقاء منذ شهرين فقط عما أثبت به أن القرآن الكريم حُفظ في وقت ما كان فيه شيء من وسائل التسجيل والتخليد والعناية بنص يجب ألا يضيع.
وبما أنه يحب الأدب العربي وتاريخه قلت له : أتعرف شيئا عن شاعر مترف كان في قريش يسمى عمر بن أبي ربيعة؟ فكان له علم به، قلت له : هذا الشاعر أنشد يوما رائيته المطولة : “أمن آل نعم أنت غاد فمبكر”، ولما أنهاها بطولها قال ابن عباس: لو شئت لأعدتها عليكم، فقال واحد من الحاضرين : أو حفظتها؟ قال ابن عباس : أو منكم أحد يسمع شيئا ولا يحفظه؟
مما يدل أن الله عز وجل أعد الأمة بجهودها وبمدد منه كي لا يضيع هذا الكتاب، ولن يضيع.
قلت له والدليل الثاني : ابنتي في السنة النهائية من الدراسات الثانوية قسم علمي، سردت القرآن الكريم في ثلاث ليالٍ، كل ليلة عشرون حزبا ولم تتوقف ولو مر ة واحدة، قلت إذا كانت هي سينغالية أعجمية لم تفهم بعد كلمة واحدة من تفسير هذا الكتاب حفظتوأتقنت وهي تعالج الرياضيات وتلك العلوم فهذا دليل أن هذا الكــتاب محفوظ : {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}. فأنا من السينغال، ومن غرب إفريقيا، ولكن منكم أيضا، تلك الديار فقط برهان على أننا نستطيع أن نحقق مادة البرنامج الحافل لأن الجينرال كيدرب الفرنسي الذي جاءنا في أواخر القرن التاسع عشر ليمهد احتلال السينغال من طرفهم بما في ذلك من ويلات ما كان في برنامجه أن السينغال بعد خمسين عاما من استقلاله سيتجرأ رئيسه الحالي لينادي في العام الماضي إلى مؤتمر علماء إفريقيا وبعد الآن لمؤتمر علماء الأمة، وكلكم تعرفون أن هذه المؤتمرات عادة لا تؤدي الأداء الذي يرتجيه الكبار منكم، ولكنه معلم على أننا عازمون على أن نتشبت بهذا الكتاب وعلى أن نستنير به وإن طال سفره. والمغرب مؤهل قديما وحديثا لاستضافة مثل هذا اللقاء التخصصي، وأعجبني ما في البرنامج من دقة ورصد واستيعاب : من الرسم إلى الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، نستطيع أن نعايش القرآن الكريم، ونستطيع أن ننشره في العالم. لم أر أي مانع إلا ما فيه في همم البعض من فتور، وإن جمعنا بين عاطفة كل مسلم وبين إمكانات وضعها الله تعالى بأيدي الأمة، فلماذا لا نلبي رغبة كل المسلمين وغيرهم في أن يتعرفوا على الدين، على هذا الكتاب، وما فيه من خير للناس أجمعين، من خير على العموم؟ ومن ذلك الخير أن لغة القرآن الكريم، وهي لغتكم أيها العرب، لغتنا بوصف الإسلام، يجب أن تحيا و تنشط وتدخل كل البيوت وتصبح أواصر التواصل بين المسلمين في ثقافتهم ودينهم. وبدون العناية بالقرآن الكريم ولغته، وبهذه الكيفية من الهمة العالية ستظل هذه اللغة ضعيفة، ويظل الإعراب غريبا، وتضل اللغات المحلية تنال من لغة الكريم الكريم وهي التي تجمعنا، ونحن بحاجة إلى أن نجتمع على الحق.
فتحية لكم من المسلمين في بلدي، من الكتاتيب التي مازالبعضها تحت شجر القرية، وما زال المدرسون ينقلون الأطفال إلى العواصم ليتعلموا قليلا وليجوبوا الشوارع لطلب الصدقة وما يأكلون، وما زال المصحف غريبا في بعض الأماكن، وما زال الحفظ المتقن والجهل بالمعاني ظاهرة نأسف لها ونفرح بها.
فأسأل الله تعالى أن يوفق القائمين بإعداد هذا المؤتمر إلى ما بعده، ونخرج منه برؤية تزداد استنارة ولا تكون التجربة فقط هنا، ولكن ننقلها ولو بحجم أقل إلى ديارٍ أَهْلُها عطاش إلى هذه المعاني، جياع إلى هذه العلوم، يحتاجون إلى من يذكرهم بأن الله سبحانه وتعالى نزل الذكر وحفظه وبقيت مهمة المسلمين الآن أن يحسنوا التطبيق وأن نعنى بأجهزة الاستقبال التي عراها شيء من العطب، وصدق الله حين يقول : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ومرة أخرى تحية للمغرب ملكا هماما، وشعبا مقداما، وضيوفا كراما.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الدكتور إبراهيم جوب رئيس رابطة علماء المغرب والسنغال