العفو عند المقدرة
يروى عن الخليفة عبد الملك بن مروان، أنه غضب على رجل يدعى رجاء بن حيوة، فقال: والله لئن أمكنني الله منه لأفعلنّ به كذا وكذا، فلما صار بين يديه، قال رجاء بن حيوة: يا أمير المؤمنين، قد صنع الله ما أحببتَ، فاصنع ما أحبّ الله، فعفا عنه وأمر له بصلة.
>قصص العرب إعداد إبراهيم شمس الدين
خطبة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه
الحمد لله الذي أعزَنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ورَحمنا بنبيّه صلى الله عليه وسلم، فهدانا به من الضلالة، وجَمعنا به من الشتات، وألَّف بين قلوبنا، ونَصرنا عَلَى عدوّنا، ومكّن لنا في البلاد، وجَعلنا به إخواناً مُتحابين. فاحَمدوا الله عَلَى هذه النّعمة، واسألوه المَزيدَ فيها والشُكر عليها، فإنَّ اللّه قد صَدقكم الوعدَ بالنَصر عَلَى مَن خالفَكم. وإياكم والعملَ بالمَعاصي، وكُفْر النعمة، فقلما كفر قوم بنعمة ولم يَنزعوا إلى التوبة إلا سُلبوا عزَهم، وسُلط عليهِم عدوّهم. أيها الناس، إنَ الله قد أعزّ دَعوة هذه الأمة وجَمع كلمتها وأظهر فَلَجها ونصَرها وشرَّفها، فاحمدوه عبادَ الله عَلَى نِعمَه، واشكروه عَلَى آلائه. جعلَنا اللّه وإياكم من الشاكرين.
> العقد الفريد لابن عبد ربه
إن من الشعر لحكمة
قال أبو العلاء: إذا قال فيك الناس ما لا تحبه فصبراً يفىء ودّ العدو إليكا وقد نطقوا مينا على الله وافتروا فما لهمُ لا يفترون عليكا؟
ذرية بعضها من بعض
رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنه قَالَ: دعا النبي داود ابنه سليمان وسأله عن تسع مسَائِل. قَالَ له: مَا أقرب الْأَشْيَاء؟ وَمَا أبعد الأشْيَاء؟ وَمَا آنس الأشْيَاء؟ وَمَا أوحش الأشْيَاء؟، وَمَا القائمان؟ وَمَا المختلفان؟ وَمَا المتباغضان؟ وَمَا الأمر الَّذِي إِذا رَكبه الرجل حمد آخِره؟ وَمَا الأمر الَّذِي إِذا رَكبه الرجل ذمّ آخِره؟ قَالَ سُلَيْمَان، عَلَيْهِ السَّلَام: أما أقرب الأشْيَاء : فالآخرة. وَأما أبعد الأشْيَاء : فَمَا فاتك من الدُّنْيَا. وَأما آنس الأشْيَاء: فجسد فِيهِ روح، وَأما أوحش الأشْيَاء : فجسد لَا روح فِيهِ. فَأَما القائمان فالسماء وَالأرْض. وَأما المختلفان: فالليل وَالنَّهَار. وَأما المتباغضان فالموت والحياة، كل يبغض صَاحبه. وَأما الأمر الَّذِي إِذا رَكبه الرجل حمد آخِره: فالحلم على الْغَضَب. وَأما الأمر الَّذِي إِذا رَكبه الرجل ذمّ آخِره: فالحدة على الْغَضَب. فقال له داود عليه السلام: أنت الخليفة بعدي.
>الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء لمحمود بن إسماعيل الخَيْربَيْتي
مُصلى الأخيار وشراب الأبرار
روى الأزرقي في أخبار مكة بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار. قيل لابن عباس: وما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب. قيل: وما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم. إيمان زوجة حكي عن حاتم الأصم : أنه دخل عَلَى امرأته فَقَالَ : إِنِّي أريد أن أسافر، فكم أضع لك من النفقة؟ قالت: بقدر ما تخلف علي من الحياة، قَالَ: ما أدري كم تعيشين، قالت: إذن كِلْه إِلَى من يعلم.
> البداية والنهاية لابن كثير
أهمية اللغة في الفتاوى الفقهية
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال:… حدَثنا بيان بن يعقوب الرقومي قال: سمعت عبد اللهّ بن الوليد صعوداً يقول: كان محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفراء (وهو من علماء اللغة)، وكان الفراء يوماً عنده جالساً، فقال الفراء: قَلَّ رجل أمعن النظر في باب من العلم فأراد غيره إلاَّ سهل عليه. فقال له محمد: يا أبا زكريا، فأنت الآن قد أمعنت النظر في العربية فنسألك عن باب من الفقه؟ قال: هات على بركة الله. قال: ما تقول في رجل صلى وسها فسجد سجدتي السهو فسها فيهما. ففكر الفراء ساعة، ثم قال: لا شيء عليه قال له محمد: ولِـمَ؟. قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان إتمام الصلاة فليس للتمام تمام، فقال محمد: ما ظننت أن آدمياً يلد مثلك.
>المنتظم لابن الجوزي
كرم ابن عباس وفضله
بَيْنَمَا سَائِلٌ يَسْأَلُ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الملأِ جَالِسٌ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا سَائِلُ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُصَلِّي الخمْسَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ؟، قَالَ: َنعَمْ، قَالَ: فَحَقٌّ عَلَيْنَا أَنْ نَصِلَكَ، قَالَ: فَنَزَعَ ثَوْبًا كَانَ عَلَيْهِ وَكَسَاهُ إِيَّاهُ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ : “أيمَا مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِمًا ثَوْبًا كَانَ فِي حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى مَا بَقِيَتْ مِنْهُ رُقْعَة”ٌ.
>الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي للمعافى بن زكرياء
لـغـة: الخَبْتُ والخَبَثُ الخَبْتُ: (بالتاء المعجمة بنقطتين) ما اتَّسَعَ من بطُون الأَرْضِ، عربية مَحْضَةٌ، وجمعه: أَخْباتٌ وخُبوتٌ. وخبَتَ ذِكْره إذا خَفِيَ؛ قال: ومنه المُخْبِتُ من الناس. وأَخْبَتَ إِلى ربه أَي اطْمَأَنَّ إِليه. ورُوِي عن مجاهد في قوله تعالى: وبَشِّرِ المُخْبِتينَ؛ قال: المُطْمَئِنِّين، وقيل: هم المُتَواضِعون، وكذلك قال في قوله: وأَخْبَتُوا إِلى ربهم أَي تواضَعُوا؛ وقال الفراء: أَي تَخَشَّعوا لربهم. وأَخْبَتَ للَّه: خَشَعَ وتواضَعَ. وفي التنزيل العزيز: فَتُخْبِتَ له قُلوبُهم؛ فسره ثعلب بأَنه التواضُع. وفي حديث الدعاء: واجْعَلْني لك مُخْبِتاً أَي خاشعاً مطيعاً. وأَصل ذلك من الخَبْتِ المطمئن من الأَرض…. وأما الخَبِيثُ: (بالثاء المثلثة) فهو ضِدُّ الطَّيِّبِ من الرِّزْق والولدِ والناسِ. يقال: خَبُثَ الشيءُ يَخْبُثُ خَباثَةً وخُبْثاً، فهو خَبيثٌ، وبه خُبْثٌ وخَباثَةٌ؛ وأَخْبَثَ، فهو مُخْبِثٌ إذا صار ذا خُبْثٍ وشَرٍّ. والمُخْبِثُ: الذي يُعَلِّمُ الناسَ الخُبْثَ. والمُخْبِثُ كذلك: الذي أَصحابُه وأَعوانه خُبَثاء، وأَخْبَثَ الرجلُ أَي اتَّخَذَ أَصحاباً خُبَثاء، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ، ومَخْبَثانٌ. وفي حديث أنس: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أَراد الخَلاءَ، قال: أَعُوذُ بالله من الخُبْثِ والخَبائِثِ. قال أَبو بكر: الخُبْثُ الكُفْرُ؛ والخَبائِثُ: الشياطين والحَرامُ البَحْتُ يسمى: خَبِيثاً، مثل الزنا، والمال الحرام، والدم، وما أَشْبهها مما حَرَّمه الله تعالى. ويقال في الشيء الكريه الطَعْمِ والرائحة: خَبيثٌ، مثل الثُّوم والبَصَلِ والكَرّاثِ؛ ولذلك قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أَكل من هذه الشجرة الخَبيثة، فلا يَقْرَبَنَّ مسجدَنا. وقال الله تعالى في نعت النبيّ صلى الله عليه وسلم: يُحِلُّ لهم الطَّيِّبات ويُحَرِّمُ عليهم الخَبائثَ؛ فالطَّيِّباتُ: ما كانت العربُ تَسْتَطِيبُه من المآكل في الجاهلية، مما لم ينزل فيه تحريم، والخَبائثُ: ما كانت تَسْتَقْذِرُه ولا تأْكله، مثل الأَفاعي والعَقاربِ والخَنافِسِ والفَأْر، فأَحَلَّ الله، تعالى وتقدّس، ما كانوا يَسْتَطِيبون أَكلَه، وحَرَّم ما كانوا يَسْتَخْبثونه، إِلاّ ما نَصَّ على تحريمه في الكتاب، من مثل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَّ لغير الله به عند الذبْحِ، أَو بَيَّنَ تَحْريمه على لسان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مِثْلُ نَهْيِه عن لُحُوم الحُمُر الأَهلية، وأَكْلِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، وكلّ ذي مِخْلبٍ من الطَّير. ودَلَّت الأَلف واللام اللتان دخلتا للتعريف في الطَّيِّبات والخَبائث، على أَن المراد بها أَشياءُ معهودةٌ عند المخاطَبين بها، وهذا قول محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه. قال ابن الأَعرابي: أَصلُ الخُبْثِ في كلام العرب: المكروه؛ فإِن كان من الكلام، فهو الشَّتْم، وإن كان من المِلَل، فهو الكُفْر، وإِن كان من الطعام، فهو الحرام، وإِن كان من الشَّراب، فهو الضَّارُّ. والأَخْبَثانِ: الرجيع والبول، وهما أَيضاً السَّهَرُ والضَّجَرُ، ويقال: نَزَل به الأَخْبَثانِ أَي البَخَر والسَّهَرُ. وفي الحديث: لا يُصَلِّي الرجلُ، وهو يُدافعُ الأَخْبَثَيْنِ؛ عَنى بهما الغائط والبولَ.
> معجم لسان العرب
شقيق البلخي ووعظه لهارون الرشيد
دخل شقيق البلخي على هارون الرشيد -رحمه الله- فقال له هارون الرشيد: أنت شقيق الزاهد؟ فقال: أنا شقيق، ولست بزاهد. قال هارون: أوصني. فقال له شقيق: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قد أجلسك مكان الصديق رضي الله عنه، وإنه تعالى يطلب منك مثل صدقه، وإنه تعالى أعطاك مكان عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه، وهو يطلب منك الفرق بين الحق والباطل مثله، وإنه تعالى أقعدك مكان ذي النورين عثمان رضي الله عنه، وإنه يطلب منك حياءه وكرمه، وإنه أقعدك موضع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنه يطلب منك العلم والعدل كما يطلب منه. فقال له الرشيد: زدني من وصيتك. فقال شقيق: نعم، إن لله داراً تعرف بجهنم، وإنه جعلك بواب تلك الدار، وأعطاك ثلاثة أشياء لترد عباده عنها: أعطاك بيت المال، والسوط، والسيف، وأمرك أن تمنع الخلق من دخول النار بهذه الثلاثة، فمن جاءك محتاجاً إلى طعامٍ حلالٍ فلا تمنعه حقه في بيت المال، حتى لا يسرق ويقتل. ومن خالف أمر دينه تعالى، وخرج على حدود الله فأدِّبْه بالسوْط، ومن قتل نفساً بغير حق فاقتله بالسيف، بإذن ولي المقتول. فإن لم تفعل ما أمرك الله تعالى فأنت تكون الغريم لأهل النار، والمتقدم إلى أهل البوار. فقال له الرشيد: زدنا. فقال له شقيق: يا أمير المؤمنين، مثلك كمثل معين الماء، ومثل سائر العلماء كمثل السواقي على منبع الماء، فإذا كان المعين صافيا لا يضر كدر السواقي، وإذا كان المعين كدرا لا ينفع صفاء السواقي. >الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء لمحمود بن إسماعيل الخَيْربَيْتي
إعداد : الدكتور عبد الرحيم الرحموني