الإعلام في ظاهره نقل للأخبار، وتعقب لما يقع في البلدان من الوقائع والأسرار، وتسلية وترفيه من فواجع الليل والنهار، وهو في عمقه علم دقيق في التحقيق والتوثيق، وفن سام في الإرشاد والتوجيه ، ووسيلة مثلى في التكوين والتعليم والتسويق.
وما من أمة سلكت مسلك الإصلاح إلا وعنيت بشأن الإعلام، وبوأته مركز الصدارة في الاهتمام، وجعلته جهاز تشخيص لأعراضها وعلاج لأمراضها؛ ناطقا بلسان حالها، منبئا عن آمالها، بانيا لحاضرها ومستقبلها، ناشرا الخير في نسائها ورجالها، منهضا لهمم أبنائها وبناتها…،الا أمتنا الإسلامية؛ فهي بعد كبوتها الحضارية، ووقوعها تحت السيطرة الاستعمارية، انفلت من يديها تدبير أمورها بما يوافق مقوماتها الذاتية وخصوصيتها الحضارية، وصار الإعلام بمؤسساته ومكوناته، تبعا لذلك، قناة لضخ المنكرات العظام، التي لا تقيم وزنا للحلال والحرام، وعاملا قويا للتضليل والإضلال، والتشويه والإخلال، واحتلال العقول وتزييف الحلول، والترويج لكل ما يعطل العقول من سموم وكحول؛ فحارب أصول الإيمان والعقيدة، وجاهر برفض أحكام الدين والشريعة ، وبالغ في إقصاء الأخيار من المصلحين والعلماء، وجاوز الحدود في تقريب أهل الأهواء واللهو والمجون ، ورفع قدر كل سخيف ورذيل، وأزرى بكل عفيف فضيل في عالم الأفكار والأقوال، والأفعال والأحوال.
لقد آن الأوان للأمة أن تلتفت بقوة وهمة، ورشد وحكمة، لقطاع الإعلام، من أجل أن:
- تحرره من سائر القيود التي فرضت عليه من خارج الحدود.
- وتخلصه من هيمنة أهل الأهواء الفاسدة ، والإيديولوجيات الدخيلة، التي مكنت للغرب وثقافته بقوة، وأبقت الأمة مهزومة ذليلة.
- وتطهر برامجه من كل ما يفسد البلاد والعباد ويناقض ما أكرمنا به ربنا من أصول الإيمان والاعتقاد، وما رسخه الأجداد والأحفاد من مكارم الأخلاق الجديرة بالاعتماد والاعتداد.
- وتبني سياسة إعلامية تنطلق من الذات؛ تراعي أولا ما للذات من مقومات وخصوصيات، وتنفتح ثانيا على ما عند الآخر من إيجابيات.
إن تخلية الإعلام من المفاسد والرذائل، وتحليته بالخير والفضائل، لهو من أهم واجبات الوقت العاجلة، لترتفع الأمة للمنزلة الفاضلة، التي بوأتنا إياها شريعتنا العادلة:
{كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله}.