مع سيرة رسول الله – الإمام السهيلي وأهمية كتابه في السيرة النبوية


الإمام السهيلي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعميّ السهيليّ الأندلسي المالقي (508-587هـ).

أهمية كتابه في السيرة:

إن أهمية أيّ كتاب في أيِّ علم من العلوم الإسلامية، تتجلى في انفراده عن باقي الكتب بمميزات وخصائص، واحتوائه على فوائدَ ونوادر، تجعلُ منهُ محطّ اهتمام العلماء والدارسين والباحثين، فيتناولونه بالشرح أو التلخيص أو غير ذلك.

وكتاب “الروض الأُنف” لمؤلفه الشيخ السهيلي، يعتبر من أنفس وأعظمِ ما صنف في مجال السيرة، وذلك راجع لأسبابٍ عديدة، أهمها:

1 – أنه اشتغل على أهم مصدر في السيرة النبوية، وهو: سيرة ابن هشام المعافري، ت: 213 هـ، الذي لخص سيرة ابن إسحاق، ت: 151 هـ.

2 – كونه أول عالم نهج هذه الطريقة في معالجة كتب السيرة، حيث خالف المنهج السائد الذي كان موجوداً في التعامل مع سيرة رسول الله  (1).

3 – لم يكن الإمام السهيلي مجرد شارحٍ لما وردَ في سيرة ابن هشام، وإنما كان أيضا مستدركاً ومتعقباً وناقداً وموازناً(2).

4 – أن كتابه هذا جمُّ الفوائد، عديد المنافع؛ إذ ضمنهُ جملةً من مختلف العلوم الشرعية، والمعارف الإسلامية، كما نبه على ذلك صاحب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، إذ يقول: “تحصل فيه من فوائد العلوم، والآداب، وأسماء الرجال، والأنساب، ومن الفقه الباطن، اللباب، وتعليل النحو، وصنعة الإعراب، ما هو مستخرج من نيف على مائة وعشرين ديوانا، أو نحوها”(3).

5 – التزامه بالأمانة العلمية، حيث أنه كان ينسبُ كل قول إلى قائله، كما هو ملاحظٌ في كتابه.

6 – أنهُ لما اشتغل على سيرة ابن هشام، ونقّحها وهذّبها، صارَ بذلك مصدراً لا يُستغنى عنهُ في بابه.

7 – عظمة أي كتابٍ وأهميتهُ ترتبط بمدى عظمة مؤلٍّفه وأهميته، ولا يخفى على العلماء وطلاب العلم أن الإمام السهيلي هو أحد أعظم الأئمة، وأرفعهم شأنا، وأعلاهم مقاماً، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

هذه المميزات التي تميز بها كانت السبب الرئيس في عناية العلماء بهذا الكتاب النفيس، حيث عُنوا عناية فائقة بهذا الكتاب؛ إذ تناولوه بالاختصار والتلخيص، أو بالنّهل من فوائده ونوادره، والنقل عنه، والأخذ منه.

وممن اختصر الروض الأنف:

- الحافظ الذهبي ت: 748هـ، في كتابه: “مختصر كتاب الروض الأنف الباسم في السيرة النبوية الشريفة”، ويسمى أيضا: “بلبل الروض” كما قال الصفدي(4).

- محمد العجلوني، ت: 831هـ، له: زهر الروض(5).

- تقي الدين بن الكرماني، ت: 833هـ، له مختصر الروض الأنف(6).

أما الذين نهلوا من الروض الأنف، وأخذوا منه بحظٍّ وافرٍ، وأكثروا من النقل عنهُ فهم كثرٌ، وأشهرهم الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه: بدائع الفوائد(7).

 أنس القرباص

—————-

(1) المنهج السائد الذي وُجد بعد تأليف ابن هشام، هو الاهتمام بجزئية من جزئيات سيرة رسول الله، كدراسة الشمائل، أو دلائل النبوة، وغيرها.

(2) انظر مثلا، تعليقه على ابن اسحاق في “استيلاء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب”، 1/80.

(3) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة، 1/917.

(4) جردها سبطه: زين العابدين بن عبد الرؤوف، المصدر السابق.

(5) معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، 9/23.

(6) درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة، لتقي الدين المقريزي، 4/369.

(7) انظر مثلا بدائع الفوائد لابن القيم، ص: 21 إلى 34 وغيرها.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>