مجرد رأي – حلب تحترق…


أهم شيء يبقى عالقا في الأذهان بعد أي اعتداء أو عدوان ليس تشفي الأعداء وأقوالهم؛ وإنما صمت الأصدقاء وخذلانهم… فلهذا الصمت وقع أشد مضاضة على النفس من العدوان نفسه. وهذا بالضبط ما باتت الأمة تعاني منه بعد كل عدوان حتى صار الأمر لدينا عاديا وطبيعيا من كثرة وروده… فبالتكرار تتبلد الأفكار وحتى الأحاسيس… وما يقع ويقع يوميا من مجازر يشيب لهولها الولدان في حلب أجمل مدن بلاد الشام، ذات العبق التاريخي الزاخر بالبطولات والملاحم العظام… حلب اليوم تدك على رؤوس أهلها الطيبين بواسطة البراميل المتفجرة التي ابتدعها نظام بشار الأسد المجرم السفاح الذي تخلى عن دراسة طب العيون ليفقأ عيون الأطفال والنساء والشيوخ الركع في بلاد الشام الحبيبة… يقع ذلك بالدعم الروسي، والتواطؤ الأمريكي، والسلاح المصري، والدعم الإيراني الخبيث، والصمت العربي والدولي المريب… يقع ذلك أمام مسمع ومرأى منظمات حقوق الإنسان التي صدعت رؤوسنا بدروسها وتنظيراتها عن حقوق الإنسان وصيانة كرامته، وهلم هرتقة وكلام فارغ… تذكرنا مجزرة حلب بمجازر التتار والمغول في بلاد الشام وبلاد الرافضين منذ مئات السنين، وكأن «هولاكو» و«تيمور لانك» لم يموتا بعد كل هذه السنين، وكأن نفس القبائل العربية المجاورة واقفة على الحياد تتفرج على المجازر، ويتواطأ بعض حكامها مع القتلة ويمدونهم بالسلاح والطعام… وكأن أحفاد ابن «العلقمي» قد بعثوا من رماد الخيانة والغدر مرة أخرى… وكذب من قال أن التاريخ لا يعيد نفسه… الفرق الوحيد بين الأمس واليوم أن «هولاكو» التتار كان يذبح المسلمين بيديه أما «هولاكو» سوريا فهو أجبن وأحقر من أن يقود الجريمة بيديه المرتجفتين، وإنما يوكل من يقوم بذلك نيابة عنه خيانة للأمانة ورهنا لمستقبل الأمة وأهل السنة، خاصة تطبيقا لخارطة الطريق المتفق عليها بين أمريكا وروسيا، ولذلك تم استثناء حلب من الهدنة التي توصلوا إليها مؤخرا حتى يستفردوا بأهلها ويمعنوا فيهم ذبحا وتقتيلا واغتصابا تحت مظلة الأمم المتحدة التي أصبحت، بل كانت دائما ومنذ تأسيسها أداة بأيدي قوى الاستكبار يحركونها كما شاءوا وأنى شاءوا؛ من أجل إخماد أي جذوة أمل قد تعيد هذه الأمة إلى سالف مجدها وعزتها… مخطئ كل من يظن أن ما يقع هذه الأيام من مجازر في حلب قرار فردي؛ بل هو جريمة دولية متكاملة العناصر، مخطط لها بعناية لانتزاع آخر معاقل استعادة الحرية، واستقلال القرار في الوطن العربي والإسلامي.. فالله نسأل أن يحفظ أهلنا وأبناءنا في حلب وفي غير حلب، وأن يهلك أعداء الأمة وكل من يتربص بها الدوائر، فاللهم اجعل كيدهم في نحورهم، وتدميرهم في تدبيرهم… ومن أعان ظالما سلطه الله عليه، وغدا لناظره قريب… وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ذ: عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>