الـمغرب و العالم الإسلامي يودع ثلاثة أعلام فكرية


فقيه النوازل بالمغرب الدكتور الحسن العبادي في ذمة الله تعالى

انتقل إلى عفو الله الدكتور الحسن العبادي، الذي وافته المنية صبيحة يوم الخميس 32 جمادى الأولى 1437هـ، الموافق ل 03 مارس 2016م، بمنزله الكائن بمدينة أكادير، بعد معاناة مع المرض.
وبهذه المناسبة تتقدم أسرة جريدة المحجة بأحر التعازي لعائلة و أصدقاء وطلبة ومعارف الفقيد الذي كان نبراسا يحتدى به في العلم، ومنارة لكل الطلبة والباحثين، وبحرا غزيرا في العلوم الشرعية أفاد بها طلبته طيلة حياته.
نبذة عن حياة الدكتور حسن العبادي:
ولد الفقيه الراحل سنة 1937 ضواحي مدينة أكادير، وقد عرف رحمه الله بإخلاصه وتواضعه وورعه وجميل أخلاقه، وكان واحداً من العلماء الربانين البارزين، ومن جهابذة فقه النوازل بالمغرب.
مساره العلمي:
تلقى تعليمه في المدارس العلمية العتيقة بسوس حيث حفظ القرآن، وتملك علوم اللغة والشريعة. وقد تأثر بطريقة شيخه في المدرسة “الألمية” الواقعة بشمال أكادير.
وبعد حصوله على شهادة العالمية، انتقل إلى متابعة تكوينه العلمي في دار الحديث الحسنية بالرباط، حيث كان من بين العلماء الأوائل الذين التحقوا بهذه المؤسسة الجامعية، وحصل على دبلوم الدراسات العليا بها في بداية السبعينيات من القرن الماضي.
وفي يوليوز 1994 حصل على شهادة الدكتوراه من نفس المؤسسة، حيث ناقش أطروحته التي تحمل عنوان: “فقه النوازل في سوس، قضايا وأعلام من القرن التاسع إلى نهاية القرن الرابع عشر الهجري”، بإشراف العلامة محمد فاروق النبهان.
بعض مهام الفقيد ووظائفه:
شغل الراحل مناصب متعددة، أهمها: عمل مدرسا بمعهد محمد الخامس للتعليم الأصيل، كما اشتغل منذ سنة 1978 أستاذا محاضرا، ثم أستاذا للتعليم العالي بكلية الشريعة بأكادير، ثم نائبا لعميدها إلى أن أحيل على التقاعد الإداري. وتقلد مهمة رئيس للمجلس العلمي لأكادير وتارودانت ابتداء من سنة 2001. وفي سنة 2003 أصبح عضوا في لجنة الفتوى بالمجلس العلمي الأعلى. كما انتخب رئيسا لفرع رابطة علماء المغرب، فرع أكادير. وعضوا للجنة الملكية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة. وكان له الفضل في تأطير وتوجيه عدد كبير من الطلبة الباحثين، الذين أصبحوا فيما بعد من أبرز الأساتذة الباحثين في مختلف الجامعات المغربية.
بعض مؤلفاته:
غادر رحمه الله تاركا وراءه خزانة غنية بالمؤلفات والمنشورات أهمها:
- الملك المصلح سيدي محمد بن عبد الله العلوي.
- فقه النوازل.
- النساء المتبرك بهن بسوس.
شهادات في حق الفقيد:
أثنت كثير من الشخصيات والجهات بمناقب المرحوم وخصاله وفي مقدمتها الرسالة الملكية لأمير المؤمينين محمد السادس التي بعث بها لتعزية أفراد أسرة المرحوم العلامة الحسن العبادي التي أشادت ب” ما كان يتحلى به الفقيد المبرور من محاسن الأخلاق، ومن دراية معمقة في العلوم الشرعية، مما أهله لتقلد عدة مناصب علمية سامية، وكذا ما عرف عنه من تمسك راسخ بالوسطية والاعتدال، عقيدة وشريعة، وبالقيم المثلى للوطنية الصادقة، ومن تشبث مكين بمقدسات الأمة وثوابتها”.
كما نعته جهات علمية ومؤسسات وشخصيات تقدر الرجل قدره وإسهامه الإيجابي في القضايا الوطنية والعلمية؛ فنعاه رئيس المجلس العلمي المحلي بالرباط، وقال فيه: إنه “يعتبر من القامات العلمية والدينية الكبرى عملا وعلما وتقوى، وهو من العلماء الذين نحتوا في الصخر حتى بلغ إلى ما بلغ إليه”. كما نعاه عميد كلية الشريعة بأيت ملول إلى علماء المملكة وطلابها، واصفا الفقيد بأنه “كان نبراسا يحتذى في العلم، وبحرا غزيرا في العلوم الشرعية، أفاد بها طلبته طيلة حياته”.

العالم الإسلامي يودع الـمفكر الإسلامي طه جابر العلواني

(1935 – 4 مارس 2016)، هو مفكر وفقيه إسلامي عراقي. كان رئيس المجلس الفقهي بأمريكا، ورئيس جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية (SISS) بهرندن، فيرجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية. حصل على الدكتوراه في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في القاهرة، مصر، عام 1973. وشغل منصب أستاذ في أصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، المملكة العربية السعودية منذ عام 1975 حتى 1985. وفي عام 1981 شارك في تأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة، كما كان عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة. هاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1983. وكان رئيس جامعة قرطبة الإسلامية في الولايات المتحدة.
الطابع الحركي لشخصية العلواني:
قضى العلواني عقد السبعينات متنقلا بين مصر التي حصل فيها على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الأزهر عام 1973، والسعودية التي عمل فيها أستاذا لأصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود.
ثم رحل إلى الولايات المتحدة، مصطحبا همومه الحركية، حيث شارك مع الشهيد إسماعيل الفاروقي عام 1981 في تأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي، والذي عرضه العلواني ـ كما صرّح ـ على بعض المؤسسات الباكستانية لتقوم بدعمه إبان حكم محمد ضياء الحق؛ ليخلف الفاروقي عام 1988 في رئاسة المعهد وذلك حتى عام 1996. وحتى بعد أن أعياه المرض عن الحركة الدؤوب، وفقد رفيق دربه دة. منى أبو الفضل، التي كان يتمثل في وصفها ببيت الشعر الشهير:
«ولو كل النساء كمن فقدنا .. لفضلت النساء على الرجال»،
ليبقى وحيدا في القاهرة، لم يترجل الفارس، بل حوّل مقر سكنه إلى بقعة تنوير في قلب القاهرة، بل إن العلواني الذي كان قد جاوز ربيعه الخامس والسبعين، استطاع أن يتعاون مع الحركات الثقافية الشبابية التي أنجبها الربيع العربي في مصر كـ «معرفة» و«شيخ العمود»، وكان «عمود العلواني» واحدا من آخر آثاره الطيبة التي لا تنتهي.
من مهام الراحل:
الرئيس الأسبق لجامعة قرطبة، فيرجينيا، منذ سنة 1996م وحتى 2006م.
أستاذ كرسي الإمام الشافعيّ الفقه وأصوله والفقه المقارن بجامعة قرطبة، فيرجينيا، من سنة 1997م وحتى 2008م.
رئيس جامعة العلوم الإسلاميَّة والاجتماعيَّة سابقاً G.S.I.S.S التي أصبحت “جامعة قرطبة” منذ 2002م، من سنة 1986م وحتى سنة 2007م.
نائب رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي (هيرندن- فيرجينيا) من سنة 1984م وحتى سنة 1986م.
رئيس قسم البحوث والدراسات في المعهد العالمي للفكر الإسلامي من 1984م وحتى سنة 1986.
رئيس تحرير مجلة إسلاميَّة المعرفة المؤسّس، الصادرة عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فيرجينيا، من سنة 2002م وحتى 2007م.
من آثاره العلمية:
- تحقيق ودراسة كتاب (المحصول في علم أصول الفقه) الإمام فخر الدين الرازي، وقد قامت جامعة الإمام محمد بن سعود بطبعه ونشره في ستة مجلدات 1980.
- حاكمية القرآن، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1997م.
- الأزمة الفكرية ومناهج التغيير، بيروت: دار الهادي، 2001م.
- معالم في المنهج القرآني، القاهرة: دار السلام، 2010م.
- الإمام فخر الدين الرازي ومصنفاته، القاهرة: دار السلام، 2010م.
- نحو موقف قرآني من إشكالية المحكم والمتشابه، القاهرة: دار السلام، 2010م.
- إشكالية التعامل مع السنة النبوية، هرندن، ڤرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 2014م.
- حوار مع القرآن، تجربة ذاتية ودعوة للتدبر، القاهرة: دار السلام، 1435ھ /2014م..
أقوال في حق طه العلواني:
- منارة فكر ورُشد في العالم الإسلامي والغرب: وصف بيان النعي الذي أصدره المعهد العالمي للفكر الإسلامي الراحل بأنه كان صاحب رسالة ورأي وعقلية مؤسسية وخبرة تنظيمية كبيرة علاوةً على فهمه العميق لرسالة الإسلام والتحديات التي تواجهه، وأنفق حياته كلها في خدمة العمل الإسلامي ورسالته وقد أبدع رحمه الله في تطوير وتجديد الفكر الإسلامي، فله العديد من النظريات القرآنية والفقهية المتميزة مثل: الجمع بين القراءتين “قراءة الوحي وقراءة الوجود” ومقاصد الشريعة من منظور التوحيد والتزكية والعمران، وفقه الأقليات، وكتب قيمة حول فكر التجديد والاجتهاد، وإصلاح الفكر الإسلامي، والعديد من البحوث العلمية القيمة حول مفهوم الردة والرجم في القرآن والتعامل مع السنة النبوية المشرفة.
وأضاف البيان “ونحن إذ نعزي ذوي الدكتور العلواني والمعهد فإننا نعزي العالم الإسلامي، لما مثّله المغفور له من دور مهم وفاعل في مجال الإصلاح الفكري والمؤسسي، فكان رحمه الله منارة فكر ورُشد في العالم الإسلامي والغرب”
- كما وصفه الدكتور فتحي ملكاوي بأنه “كان دائم النمو والتطوير في صياغة أفكاره وتوضيحها وإعادة النظر فيها، من خلال مرجعية ثابتة تنهل من القرآن الكريم بوصفه المصدر المنشئ للعلم والفكر، ومن السنة النبوية الشريفة بوصفها المصدر المبين للقرآن الكريم.
تنقل في اهتماماته وكتاباته العلمية من التخصص الأكاديمي في أصول الفقه، إلى فقه الأقليات، والأديان المقارنة، والسنة النبوية، وقضايا الفكر الإسلامي المعاصر، وتفرغ في السنوات الأخيرة لتدبر القرآن الكريم ونشر فيه حوالي عشرة كتب، وتحت الطبع ثمانية كتب أخرى.

وفاة قائد الحركات الإسلامية في السودان : حسن الترابي

هو حسن عبد الله الترابي (ولد في 1 فبراير 1932) في كسلا (شرقي السودان)، بالقرب من إريتريا لعائلة كبيرة في منطقة كسلا عُرفت بالعراقة في العلم والدين، فكان والده أحد أشهر قضاة الشرع في عصره، وأول سوداني حاز الشهادة العالمية.
حفظ الترابي القرآن الكريم صغيرا بعدة قراءات، وتعلم علوم اللغة العربية والشريعة في سن مبكرة على يد والده، وجمع في مقتبل حياته أطرافا من العلوم والمعارف لم تكن ميسرة لأبناء جيله، له دور فعال في الصحوة الإسلامية بالسودان وله دور فعال في ترسيخ قانون الشريعة الإسلامية .
حياته العلمية:
درس الترابي الحقوق في جامعة الخرطوم منذ عام 1951 حتى 1955 حتى حصل على شهادة عليا في القانون، ثم سافر إلى ابريطانيا وحصل على الماجستير من جامعة لندن عام 1957،و ما قبل الدكتوراه من جامعة السوربون ,
يتقن الترابي أربع لغات فبالإضافة إلى اللغة العربية يتكلم الفرنسية والإنجليزية والألمانية بطلاقة، وعين الترابي وزيراً للعدل في السودان في عهد الرئيس “جعفر نميري” وفي عام 1988 عين وزيراً للخارجية.
الشريعة الإسلامية:
أعلنت حكومة “نميري” فرض قوانين الشريعة الإسلامية في عام 1983، وبعد فترة قصيرة انقلبت على جبهة الميثاق الإسلامية حليفتها في السلطة عارض الشعب هذا الأمر بواسطة الإجراءات القانونية مثل حل البرلمان السوداني، وبواسطة المظاهرات مما أدى إلى ثورة شعبيه ضد “نميري” في أبريل 1985. بعد عام أسس الترابي الجبهة الإسلامية القومية .
من مؤلفاته:
- قضايا الوحدة والحرية (عام 1980)
- تجديد أصول الفقه (عام 1981)
- تجديد الفكر الإسلامي (عام 1982)
- الأشكال الناظمة لدولة إسلامية معاصرة (عام 1982)
- تجديد الدين (عام 1984)
- منهجية التشريع (عام 1987)
- المصطلحات السياسية في الإسلام (عام 2000)
- الدين والفن.
- المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع.
- السياسة والحكم.
- التفسير التوحيدي.
- عبرة المسير لاثني عشر السنين.
- الصلاة عماد الدين.
- الإيمان وأثره في الحياة.
- الحركة الإسلامية.. التطور والنهج والكسب.
وفاتــــــه:
توفى حسن الترابي (أسكنه الله فسيح جناته) في السودان بإحدى مستشفيات الخرطوم. “رويال كير” إثر وعكة صحية مفاجئة يوم 5 مارس 2016م، ونعته الكثير من الشخصيات العربية والإسلامية المتميزة.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>