قرأت لكم ملحمة لهري بين روايتين (13نونبر 1914)


الرواية الثانية :
رواية أحمد المنصوري في كتابه كباء العنبر من عظماء زيان وأطلس البربر(بتصرف طفيف)
وقعة الهري الشهيرة
أصبح بطل الأطلس رابضا في وجه العدو، كالأسد حول قصبة الهري، التي لا تبعد
إلا ب 14 كلم عن مركز المعسكر الفرنسي بخنيفرة، حل هو وحلته “دواره” من أتباعه الذين هم كمخازنية له يبلغ عددهم نحو مائة مقاتل، غالبهم فوارس، وتابعه حينا أولاده المشهورين مع أتباعهم الذين يبلغون نحو مائتي فارس آخرين.
وما استطار خبر نزول محمد أوحمو بهذا المحل حتى تسابق بعض قرون الشر من ذوي قرابته، وهما باحسين بل وأخوه، وهما أبناء أخت له. وكانا قد ذهبا لصف العدو، حبا للظهور فقط (تقول الرواية الشفوية أنهما اقترفا جريمة السرقة، فطردهما القائد من قبيلته آيت حركات والتحقا بحامية خنيفرة للانخراط في صفوف الفرنسيين) فكانا في معسكر خنيفرة. تسابقا إلى رئيس المعسكر وأخبراه بالموقع النازل فيه خالهما، وعدد من معه من المقاتلة فرسانا وراجلة والمسافة التي بينه وبين المعسكر وعن البلاد وطبيعتها فقربا له كل شيء وسهلا له كل شيء في اختطاف خالهما غنيمة باردة، فتستريح فرنسا من هذه المقاومة والمقاتلة، وفتلا في الحبل والغارب لرئيس المعسكر لافيردور، فجمع هذا بدوره بعض الضباط الخاصة للمشاورة، ومنهم القبطان راكت أبرانكار، فأكدوا له أن هذه المغامرة مخاطرة، لا ينبغي الإقدام عليها لأنه ليس من المعقول أن يغتنم فرصة مغرية لاختطاف أكبر رئيس للمقاومين المكافحين. لكن الرئيس (لافيردور) استنفره نشاط الانتصار المخبوء بين السلاح، ورجال المعارك والكفاح فصمم على تنفيذ الخطة مهما كلفته.
فسار الجيش الفرنسي بمقدمته المذكورة، قاصدين بطل الأطلس النائم في حفظ الله،
فما كاد السحر يطل حتى كان الجيش الفرنسي على غلوة من محطة محمد أوحمو وكان من قدر الله أن اثنين من أصحاب ولده حوسا (حسين) أسريا تلك الغدوة لغرض أكيد، فما أن تجاوزا الحلة “الدوار” حتى وجدا نفسيهما أمام الجيش المباغث. فصاحا صيحتهما البربرية منذرين بالخطر، ولكن كان الأمر قد قضي. فإن الجيش الفرنسي أطلق شآبيب بنادقه النارية على الحلة، بما فيها ورمتها رمية رجل واحد سقطت فيها النساء والأطفال، فضلا عن الرجال الأبطال، بينما الكتيبة التي يتزعمها قرنا الشيطان قصدت خيمة محمد أوحمو فدخلا يسبقان كل الجنود يبحثان عنه ليؤخذ أسيرا غنيمة للرئيس بالمعسكر كما زعما.
ولكن هي الشجاعة النادرة والبسالة المنقطعة النظير والخفة في الروح والنشاط حتى في نسائهم فضلا عن رجالهم، فما كاد ضجيج الهيعة يصل لآذان النائمين الآمنين حتى هرعوا للسلاح، وهرعت إحدى نساء محمد أوحمو لفرسه، فأسرجته، وأخرى ألجمته وحلت رباطه. وها هو البطل المسن البالغ من العمر حوالي الثمانين يطير كالفرخ على صهوة جواده ويلوي لجامه إلى وقاية طبيعية يجعلها درقته، فيصلي المهاجمين بناره الحامية…
يتبع...

حسن محجوبي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>