افتتاحية أمة الخير … أما آن لها أن تجتمع على الخير؟


وصف الله تعالى الأمة المسلمة القائمة بأمره، الداعية عباده إلى شرعه وخيره، فقال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه (آل عمران:110) فقرن الخيرية بالإصلاح وفق ميزان القرآن الكريم والإيمان بالله تعالى ودفع الفساد عن هذا الميزان.
وقد سارت الأمة على منهاج الدعوة النبوية وسيرة الصحابة والعلماء الربانيين في إقامة دين الله تعالى وتحقيق الخيرية في الأمة ونشرها في الناس فعم العدل والفضل ، وساد الحق .. وأعدت لذلك العدة العلمية والتربوية فتحصنت الأمة من داخلها وتقوت على تبليغ رسالة ربها إلى العالمين، ومكن الله تعالى لهم أتوا بالشروط المطلوبة في الاستخلاف على شروطها في الإيمان والعمل والإخلاص قال تعالى : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (سورة الحج:41).
فأي تمكين لهذه الأمة إن هي عدلت عن سنن التمكين؟
وكيف يمَكَّن لها وقد تخلت عن شرع ربها في مختلف بلاد المسلمين؛ لأن إقامة الدين والاستقامة عليه أًصل كل تمكين رباني؟
وكيف يُمَكَّن لها وقد ناهض أبناؤها دين ربهم وجاهروا بالعداء له؟ إذ الأصل أن تقوم الأمة بتربية أبنائها على قيمها وتعاليم دينها الحق ويتخلق أبناؤها بدينهم، فكيف يدعو لهذا الدين من لا يتخلق به؟ وكيف تتعرف الأمم الأخرى على دين الله تعالى إن لم يعمل به المسلمون ويدعون إليه بالعدل والفضل؟
وكيف تكون أهلا للاستخلاف وكلمتها على الحق ليست سواء، والظلم فاش في أبنائها، والفرقة تمزق أوصالها؟ إذ سنة الله في التدافع والاستخلاف إلا يستخلف إلا المصطفون الأخيار، الذين اجتمعت كلمتهم الحق المبين فكانوا كالبنيان المرصوص يشد بعضا بعضا؟
وكيف تكون الأمة المسلمة مسلمة راشدة فاعلة في التاريخ وقد غلب ولاؤها لخصومها طوعا منها أحيانا وكرها عليها أحيانا أخرى، وعيا منها تارة وغفلة منها وجهلا تارة أخرى؟
وكيف للأمة أن ترشد وتتأهل للخيرية وتعليمها لم يعد مصنعا للرجال، ولا معملا لإنتاج الفئة العالمة الصالحة العالمة بالخير العاملة به، والداعية إليه.
نعم إن هذه الأمة أمة الخيرية في ذاتها إن عملت بشروط تحقيق ذلك، وأمةَ الدعوة إلى الخير إن هي حققت الشرط والأول وراعت شروط الدعوة حق رعايتها.
لقد آن الأوان أن ترشد الأمة على سكة شرعها وتستقيم على دين ربها وأول الأولويات في هذا المضمار:
- الحرص على جمع كلمة الأمة أفرادا وجماعات ودولا وأقطارا، فكفى خلافا وفرقة، ورسالة العلماء والأمراء في هذا الأمر سواء، فأعان الله تعالى كل من يسعى في هذا المقصد الشرعي النبيل.
- الاجتهاد غاية الوسع في التنشئة والتربية الصحيحة على الفهم الصحيح لدين الله تعالى من غير مغالاة ولا معاداة، وعلى السلوك القويم، ومسؤولية الجميع هنا في مجال التربية والتعليم كبيرة، والتقصير فيها خسارة للأمة خطيرة لم يعد بالإمكان تحملها في هذه الظروف العسيرة، نسأل الله تعالى أن يهيئ للأمة من ينهض فيها بهذه الرسالة ذات المنافع الكثيرة.
- وأخيرا إنه لم يعد سائغا لأبناء الأمة التمادي في تعطيل شرائع الله تعالى في الاجتماع والاقتصاد والقضاء .. إن عقلاء الأمم الأخرى بدأت تفيء إلى ما يوافق شرع الله جل وعلا في الاقتصاد والمعاملات البنكية، وتقنع بما في الإسلام من أخلاق وحقوق للإنسان والمرأة، ومن قوانين لحماية الثروات الطبيعية من التبذير والإفساد.
وأخيرا فإن هذه الأمة آتية بخيريتها وخيراتها وإن طلائع الصبح بادية إن شاء الله تعالى مهما بدت ظلمات الليل، فالمبشرات كثيرة.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>