و مـضـــــــــة – دقيقة وقوف


قضى الليل نصفه في القطار.. لم تبق له إلا ربع المسافة ويصل العاصمة..
لم يتمالك نفسه وهو يرى مراقب التذاكر يمسك بتلابيب طفل مشرد.. تدخل محتجا:n291 2-12
ـ لِمَ تتكلم معه بتلك الطريقة؟ إنه طفل غير راشد…
أجاب المراقب:
ـ للمرة الثانية أضبطه يتسلل بدون تذكرة سفر على متن هذا القطار.. سأسلمه للشرطة ..
قاطعه الباحث:
ـ الشرطة؟! إنه طفل غير راشد..
ـ إني أعرف عملي جيدا.. الشرطة ستسلّمه إلى مركز لإيواء الأطفال في وضعيته..
تشبث الطفل بالمسافر متوسلا يختلق الأعذار:
ـ والله، عمّو، سأذهب عند خالتي في الرباط.. مللت حياة الشوارع.. ستعيدني إلى المدرسة …
أدى عنه صاحبنا ثمن التذكرة.. أجلسه معه في مقصورة بالدرجة الأولى.. طلب له فطورا.. تبادل معه أطراف الحديث حول وضعيته.. وكيف لا وهو الباحث في شؤون الطفولة المحرومة..؟!
نام الطفل.. ذهب الباحث إلى دورة الماء.. عاد بعد ثلاث دقائق… صدم.. أخذ يصرخ… هرع المراقبون ورجال الأمن يسألونه عمَّ حدث؟!
كان القطار قد توقف لمدة دقيقة في محطة صغيرة بين الغابات.. تسلل الطفل حاملا معه معطف الباحث وحافظة نقوده وأوراقه الثبوتية وهاتفه وحاسوبه وبحثه الذي سيشارك به في مؤتمر هام.. ذلك البحث الذي استغرق منه وقتا طويلا وجهدا كبيرا في دراسة ظاهرة تشرد الأطفال…!

ذة. نبيلة عزوزي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>