مـواقــف وأحـــوال – إفطار على مائدة أمير المؤمنين


فطور يتمناه كل صائم..
فمائدة الملك ملأى بكل ما لذ وطاب..
فيها من المأكولات والمشروبات ما يجهل أكثرنا اسمه.. بله أن يكون قد ذاق طعمه أو أكل مثله..
دعك من الأكل والشراب.. فإن جلسة بين يدي أمير المومنين وفي حضرته تشريف يرجوه كل أحد.. فكيف إذا كانت على مائدة إفطاره..
لا تذهبوا بعيدا فإن حديثنا عن المهتدي بالله بن الواثق بن المعتصم محمد بن الرشيد، العباسي أمير المؤمنين.. رحمه الله تعالى.. من خلفاء بني العباس الصالحين.. عرف بالعدل.. واشتهر بالعبادة والورع.. وكان شجاعا مقداما.. قويا في أمر الله ونصر الشريعة..
وصفه الذهبي وغيره بقوله: كان أسمر، رقيقا، مليح الوجه، ورعا، عادلا، صالحا، متعبدا، بطلا، شجاعا، قويا في أمر الله، خليقا للإمارة، لكنه لم يجد معينا، ولا ناصرا، والوقت قابل للإدبار.
ونقل الخطيب عن أبي موسى العباسي أنه مازال صائما منذ استخلف إلى أن قتل.
وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: كنت عند المهتدي عشية في رمضان، فقمت لأنصرف، فقال: اجلس، فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام، فأحضر طبق خلاف عليه أرغفة، وآنية فيها ملح وزيت وخل، فدعاني إلى الأكل، فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ، فقال: ألم تكن صائما؟ قلت: بلى. قال: فكل، واستوف، فليس هنا غير ما ترى. فعجبت، ثم قلت: ولم يا أمير المؤمنين! وقد أنعم الله عليك؟
قال: إني فكرت أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز، فغرت على بني هاشم، وأخذت نفسي بما رأيت.
ربما لا يرغب أحد منكم في الإفطار مع أمير المؤمنين .. أما هو رحمه الله فمازال صائما منذ استخلف إلى أن قتل، وكان كل طعام إفطاره أرغفة، وآنية فيها ملح وزيت وخل.. رحمه الله رحمة واسعة..

د. امحمد العمراوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>