مجرد رأي – هزلت حتى بدا من هزالها كلاها


…هذا الشطر الأول من بيت شعري معبر قفز إلى ذهني وأنا أقرأ خبر إدراج اسم الشيخ الدكتور العلامة يوسف القرضاوي على قائمة المطلوبين من قبل الأنتربول الدولي بتهمة الإرهاب… ضربت كفا بكف وقلت مع القائل: … هزلت حتى بدا من هزالها كلاها ؟؟؟
قامة علمية كبيرة بحجم الشيخ العلامة يوسف القرضاوي يتهم بالإرهاب وهو الذي أفنى حياته في نشر الفكر المعتدل والإسلام الوسطي كتابة وتدريسا وفكرا وسلوكا، فالرجل له منابر في جميع بلدان العالم، ومحبوه ومريدوه بالملايين ومؤلفاته في فقه الدين والواقع والاعتدال تملأ المكتبات… أسأل الله تعالى أن يكفيه شر المنافقين والأفاكين من أصحاب الأحذية الثقيلة وعمائم النفاق وجميع من مولهم وأعانهم من الظلمة والإعلاميين السفهاء وأن يجازيهم على ما افتروه زورا وكذبا على شيخنا الجليل وكلهم بكعب نعاله… (فما يضير نهر الفرات إذا بالت فيه بعض…). ما خفف عني هول الصدمة بعد قراءة الخبر، هو ما كشف عنه ابن الشيخ القرضاوي الشاعر المعروف عبد الرحمن يوسف على موقعه صباح هذا اليوم، فقد أورد واقعة لم يذكرها الشيخ ولا يعرفها أحد، ألخص أهم ما ورد فيها كالتالي…
…في إحدى المرات على عهد مبارك المخلوع تم استدعاء الشيخ القرضاوي من طرف مباحث أمن الدولة مباشرة بعد انتهائه من إلقاء محاضرة دعي لإلقائها من قبل الأزهر… انزعج الشيخ كثيرا من هذا الاستدعاء وأسر وقتها لأحمد الطيب (شيخ الأزهر الحالي) بأنه لا يرغب بلقاء هؤلاء مع علمه بأنهم سيرحبون به… طمأن أحمد الطيب ضيفه ووعده بأن اللقاء سيكون في الأزهر وليس في مكاتب أمن الدولة، اطمأن الشيخ ووعد بلقائهم في زيارة قادمة لأنه كان على سفر مستعجل… لكن الذي حدث في المرة القادمة أن ضباط أمن الدولة أصروا على أن يكون اللقاء في مقرهم، ومن أجل طمأنة الشيخ القرضاوي، صاحبه شيخ الأزهر وقتها في ذلك اللقاء وأحد ضباط أمن الدولة ملحق بالأزهر. لما وصل الضيوف في الوقت المعلوم لمقر أمن الدولة لم يجدوا أحدا في استقبالهم، فصعدوا إلى الطابق العلوي حيث مكتب رئيس أمن الدولة… المهم بدأ اللقاء… سألوا الشيخ القرضاوي عن الخلاف بين أهل السنة والشيعة وبين المسلمين والأقباط وخلافه، وفي ثنايا الحديث أثير اسم أحد العلماء الدعاة، عندها قال الرئيس بصفاقة رجال أمن الدولة: (احنا مسجلين على الرجل دا أشياء مشينة جدا) ضنا منه أنه سيخيف الشيخ أو يحرجه على الأقل… لكن الشيخ رد عليه بصرامة العلماء (…ذلك لا يجوز، وتجسسكم على الناس حرام شرعا وممنوع قانونا ولو كانت هناك دولة لحاسبتكم على هذا الأمر) فبهت الرئيس وحاول تبرير ذلك بأي كلام وخلاص… انتقل بعدها إلى الحديث عن مراجعات الحركات الإسلامية ناسبا ذلك إلى مجهودات إدارته الجبارة … ومرة أخرى انتفض الشيخ القرضاوي وعقب على كلام الرئيس بكل هدوء وروية: (ولكن هذا إنجازي وليس إنجاز أمن الدولة، لقد اقتبستم من كتبي عشرات الصفحات وأخذتم منها فصولا كاملة و لولا ذلك لما استطعتم أن تتموا هذه المراجعات… هذه المراجعات لا يمكن أن تتم إلا بالاستعانة بأهل العلم، ولا يمكن أن يكتبها ضابط) ثم أضاف أمام اندهاش الرئيس (ويجب أن تعلموا أن محاصرة الإسلام الوسطي هو أول أسباب انتشار التطرف، وتأكدوا أنكم مهما فعلتم فلن تستطيعوا أن تحاصروا الإرهاب والتطرف إلا بكتبنا نحن دعاة الإسلام الوسطي خصوصا في ظل التراجع الكبير لدور الأزهر)، كل ذلك وشيخ الأزهر ساكت وكأن على رأسه الطير ورئيس المباحث يصغي في ذهول وقد سقط في يديه. انتهى اللقاء «الودي» وخرج الشيخان أحدهما ساكت والثاني يحمل في نفسه غصة وعلى محياه حزن عميق وألم دفين… لما استفسر الابن أباه الشيخ عن سر هذا الحزن، تنهد الشيخ وقال والألم يعتصر قلبه: (أنا حزين لأنني رأيت الأزهر يهان أمام عيني… لقد زرت غالبية دول العالم، ولم أزر مسؤولا إلا ووجدته يقف بنفسه أمام باب وزارته وبعضهم كان يفتح لي باب السيارة بنفسه… أتعرف يا عبد الرحمن أين استقبل رئيس مباحث الدولة شيخ الازهر؟؟؟ … على مكتبه؟؟؟)

ذ: عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>