الدكتورالهادي النحوي
الخبيربالبنكالإسلاميللتنمية :
أولا كيف تنظرون إلى أهداف المؤتمر ومراميه؟
>> بسم الله الرحمن الرحيم نشكر جريدة المحجة على هذه الاستضافة والمواكبة لأشغال هذه الندوة الدولية في الاقتصاد الإسلامي وفي المصارف الإسلامية، وهذا المؤتمر بحسب عنوانه ومحاوره يهدف إلى دراسة موضوع عصري شديد الأهمية هو موضوع المصارف الإسلامية من حيث دراسة أسسها الشرعية والنظرية، ومن حيث دراسة تجارب هذه البنوك وأخذ الدروس منها والاستفادة من نجاحاتها وصعوباتها، واستشراف آفاقها المستقبلية.
< ما هو دور البنك الإسلامي للتنمية في هذه الندوة؟ >> انطلاقا من اهتمامه بكل الأنشطة العلمية في مجال الاقتصاد والتنمية، والاقتصاد الإسلامي انخرط البنك في قبول الدعوة والاستجابة لطلب كلية الحقوق وشعبة الاقتصاد في تنظيم هذه الندوة، وتعاون البنك مع المغرب ليس جديدا في مجال التمويل الإسلامي. فهناك عدة مبادرات سابقة، من أحدثها اتفاقية مساعدة فنية وقعت في السنة الماضية بين البنك الإسلامي للتنمية وبنك المغرب للتطوير التنموي وتيسير نشاط المصارف الإسلامية، وتهيئة الظروف المناسبة للمنافسة السليمة بشكل يراعي طبيعة نشاطها وطبيعة مبادئها.
< من الناحية الواقعية والعملية ما هي في نظركم أهم وأكبر معضلات الصيرفة الإسلامية التي انخرط هذا المؤتمر في معالجتها؟ >> ستركز الندوة على دراسة تجارب البنوك الإسلامية في معظم الدول الإسلامية لمحاولة الاستفادة من هذه التجارب ودراسة بعض الأخطاء في التجارب السابقة والتحديات التي تواجه البنوك الإسلامية.
< ما هي أبرز هذه التحديات ؟ >> من أبرزها مثلا إدارة السيولة بين الأبناك الإسلامية، ومن أبرزها أيضا الاهتمام بموضوع الطبقات الفقيرة، لأن البنوك الإسلامية عادة ما تتهم بالتركيز على الجمهور الميسور وتهمل الفقراء وذوي الدخل المحدود، ولكن الحقيقة عكس ذلك فهي بحكم رسالتها الأخلاقية ورسالتها الدينية يجب أن تركز بشكل أكبر على طريقة تكافح الفقر وتكافح البطالة وتشجع المبادرات الفردية لنشر المال بين الناس ولئلا يكون دولة بين الأغنياء فقط ويكون في متناول جميع الطبقات حتى الفئات التي كانت خارج الدورة المصرفية. إذن ففرصة البنوك الإسلامية أن تصل إلى هذه الشرائح الاجتماعية.
< بالنسبة للرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي في تجربة البنوك الإسلامية كيف تنظرون لواقع هذه المسألة ؟ >> هذا الذي ذكرت أخي الكريم هو واحد من أهم معضلات البنوك الإسلامية حقيقة، إنه مشكل الرقابة والتدقيق الشرعيين، والمسؤولية فيه ترجع إلى المؤسسات المالية الإسلامية والمتخصصين والباحثين والعلماء والفقهاء والسلطات الإشرافية التي بإمكانها أن تلزم البنوك الإسلامية بإيجاد النظام النهائي، والمسطرة الدقيقة لتنفيد التدقيق الشرعي والرقابة الشرعية بكيفية يضمن أن تسير العملية في اتجاه تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتتجنب بالتالي العمل الصوري والحيل وما إلى ذلك. لأن هذا التطبيق المشوه قد أضر كثيرا بسمعة البنوك الإسلامية ولا يمكن أن يكون هناك تطبيق دقيق وسليم في غياب رقابة شرعية وفي غياب تدقيق شرعي لكل العقود والتصرفات والالتزامات، وفي غياب مؤهلين ذوي تكوين شرعي متين. لذلك فأغلب المشتغلين بالرقابة هم طلبة كليات الشريعة لهم ثقافة شرعية متواضعة وضعيفة يحتاجون إلى تكوين أعمق وأدق وخبرة علمية مزدوجة بعلوم الاقتصاد والمالية عامة والصيرفة الإسلامية خاصة.
< ما هي الآفاق التي يتطلع إليها المؤتمرون؟ >> يتطلع المؤتمرون إلى آفاق من جملتها :
- أنهم يتطلعون إلى تصحيح ما شاب المسيرة من أخطاء بسبب فتوة التجربة وحداثتها ولو أنها بدأت مع النصف الثاني للقرن السابق حوالي أربعة عقود من الزمن ومع ذلك فهي قليلة بالمقارنة مع عمر الأبناك التقليدية (أزيد من أربعة قرون). ونحن لا ننكر أنه قد وقعت أخطاء كثيرة في التطبيق، ولكن مع ذلك يلزمنا تقويم المسيرة وتصحيح المسار في كل مرة وتدارك الأخطاء. فالمؤسسون الأوائل كانت لهم بلا شك نوايا حسنة، وما حصل من الأخطاء يعالج في مثل هذه المحطات العلمية (مؤتمرات، ندوات، لقاءات…)، وهذا المؤتمر يتوقع منه بإذن الله أن يسلط الأضواء على هذه الأخطاء دراسة وتقويما بقصد الاستفادة منها مستقبلا في تطوير عمل المصرفية الإسلامية نحو مزيد من الرقابة والتدقيق الشرعيين اللذين يعتبران الميزان للضبط والتصحيح والإفادة.
< أخيرا جزاكم الله خيرا وبارك فيكم، وإلى فرصة أخرى إن شاء الله.
حاوره د. الطيب الوزاني
الدكتور علي يوعلا أستاذ الاقتصاد
بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس :
< مرحبا بالدكتور علي يوعلا في كلمة مختصرة عن قضايا المؤتمر، بداية ما هو سياقه وموضوعاته؟ >> بسم الله الرحمن الرحيم، المؤتمر جاء في سياق الموجة العالمية للحديث عن البنوك الإسلامية التي ظهرت بعد الأزمة العالمية التي كانت مالية وأصبحت اقتصادية وعمت بها البلوى، وتزامن كذلك مع مصادقة السلطة التشريعية في المغرب على قانون البنوك التشاركية، فضلا عن أن موضوع البنوك الإسلامية، أصبح موضوعا متداولا في المنتديات بشكل قوي على جميع المستويات، وفي كل الجامعات، بعد أن كان محظورا كما أشار إلى ذلك الدكتور لحسن الداودي، وبالفعل ففاس كانت أول من بدأ النقاش عن الاقتصاد الإسلامي في المغرب، وكان ذلك في الثمانينات من القرن الماضي، ففي سنة 1980 نظمت ندوة «إشكالية التنمية في العالم الإسلامي». أما الحديث عن الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية بصراحة، فلم يكن ممكنا في هذه الفترة نظرا للصراع الإيديولوجي الذي كان قائما. أما الآن وبعد أن أزيلت هذه العوائق صار من الممكن التحدث عن الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية، وكما قلت آنفا بالتزامن مع المصادقة على قانون البنون التشاركية والتهيؤ بالفعل لاحتضان المغرب التجربة المصرفية الإسلامية، أبت كلية الحقوق بفاس ممثلة بشعبة الاقتصاد وإحدى مختبراتها أن تنظم هذا المؤتمر الدولي.
< وماذا عن محاور المؤتمر وقضاياه؟ >> هذا المؤتمر له موضوعات ومحاور تأخذ الأبعاد الثلاثة :
أولا : بعد التأصيل من الناحية الشرعية والنظرية.
ثانيا: بعد التجارب الواقعية دراسة وتقويما وتحديدا لمواطن القوة والتحديات.
ثالثا: بعد الآفاق واستشراف المستقبل بتدارس الحلول الممكنة لتجاوز المشكلات والصعوبات.
هذا المؤتمر سوف يتناول كثيرا من الجوانب، وأهم الجوانب فيه هو كيفية الحكامة وأخطر ما في هذه الحكامة هو الجانب الشرعي الذي أصبح معضلة من معضلات البنوك الإسلامية عبر العالم، إذ لحد الساعة لا يوجد من العلماء الذين يمكن أن يؤطروا الرقابة الشرعية – ولا نتحدث عن التدقيق الشرعي – سوى 671 عالما تقريبا. حتى بلغ أن بعض المراقبين الشرعيين يكون عضوا في أكثر من 100 هيأة شرعية الأمر الذي يبدد الجهود والطاقات ولا يحقق الفائدة المرجوة من الإشراف والتأطير وبالتالي لا يفيد.
بالطبع هذا من المشاكل التي ستطرح بقوة في هذا المؤتمر.
< هل المؤتمر قادر على اقتراح حلول ذات صبغة عملية لتجاوز هذه المعضلة؟ >> نعم ستكون هناك اقتراحات، ولكنها لن تكون إلزامية، لأن هذا المؤتمر علمي وليس مؤتمرا لرجال الأعمال، حتى يأخذ هذا المنحى، ولكن دور المؤتمر تشخيص الوضع واقتراح الحلول والتوجيهات المفيدة.
< في نظركم ما هي أهم التوصيات التي ترون ضرورة الخروج بها في المؤتمر؟ >> من التوصيات في هذا السياق :
- تنزيل البنوك الإسلامية بقواعدها الأساسية.
- ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة.
- أن تبتعد عن العقود الصورية.
- أن تحاول قدر الإمكان أن تؤطر الأعمال، وعليها أن تراعي الجوانب الشرعية، سواء في التخطيط، أو في بناء النماذج، أو في بناء اللوائح، أو في التنفيد، لأن تجربة التمويلات البديلة دلت على أن الناس لا يتعاملون بالشعار، وإنما يتعاملون مع المضمون. فما لم يكن هناك توجه حقيقي لتطبيق العقود كما نصت عليها الفتاوى، خاصة منها التي صدرت عن المجامع الفقهية، سوف تعترض التجربة مستقبلا كثير من العقبات، وبدون التأكيد على هذا الجانب إضافة إلى جانب الإلحاح على التكوين الشرعي وجانب تطعيم التكوين الفني والتقني بالعلوم الشرعية، لأنه لا يكفي أن يأتي المراقب وإنما لا بد أن يكون الفاعل الاقتصادي نفسه على دراية بالجوانب الشرعية وأحكام المعاملات إضافة إلى خلفيته العلمية وتكوينه في علم الاقتصاد.
< شكرا للدكتور علي يوعلا على هذه التوضيحات، ونرجو أن تكون لنا معه لقاءات أخرى في مناسبات قادمة إن شاء الله تعالى.
حاوره د. الطيب الوزاني